لم يعد الامر كذلك يا أسياد البضاعة الفاسدة ’ لم يعد الامر كما يغشى ادعياء التدين وملاقط السياسة وأمراء الجماعات واصحاب النيافة ’ لم يعد الامر كما يتوهم منظرو اليسار وهم يخرجون جمعة وره جمعة وبانت سوءاتهم فغطوها بإرث العباءة . لم يعد الامر كذلك ايها الاسياد ’ فقد نهض الشباب بالقيام على المترديات والخرافات والمظلوميات ’ وخرج مارد الغضب من بطونهم وقد ترسبت في البطون كتل الملح وما تلوث من اثر الفساد ومن شرعه ورسخه من شياطين الدجل وعمّالهم الاتقياء .. خرج الغضب ولم يسيطر عليه الكهل الاعظم دام ظله الوارف على عملية سياسية اصبحت أسّ الخراب حين اقامها وادامها ودعمها بلا فقه ولا علم ولا دراية الا انه الوهم الاعظم من وراء الازقة السوداء .. ووعاظه ووكلائه ومن يدير المنظومة من وراء الحجاب .. فاين الاعظمية فيما تخرجون على الناس من جهل بات قاب قوسين او ادنى من ان يكون منهاجا وشرعا وإبلاسا .
لقد زأر الشباب بصرخة عمقها التاريخ المسطور بالاحتراب والكراهية ’ صرخة الامل ’ ان لامكان لكم يا دعاة التقوى والايمان فالوطن اسمى من شموخكم وعروشكم وسلاطينكم واساطينكم ’ صرخة دوت ولن يتلاشى صداها طالما الدهر باق بلا انتهاء ’ صرخة قد ازالت كبريائكم ايها الصغار’ فقد ادرك الشباب بان الحرامية قد سرقوا امالهم قبل اموالهم ’ وقد حطموا كرامتهم قبل مطاليبهم ’ فتمسكوا بحبل مدينتهم فأقاموا الدنيا ولم يقعدوها ’ ان اخرجوا الاحزاب ’ بكلمات اشد من لظى النار ” نموت عشرة نموت مية .. انا قافل على القضية ” فاصبحوا اصحاب قضية وليس مجرد مطالبات وشعارات ورايات ’ فقد اوصلوا رسالة الى همجية السلطة والاستبداد بانهم اصحاب قضية عمقها الزمن والامل والوطن .. قد اطلقوا الى الاثير الى السماء صرخة نداء ’’ ان بعتم ارض السواد ف ” البصرة .. مو للبيع ” .
في مواجهة كل هذا التتويج الاجوف للخرافة والاسطورة المقدسة وغوابر الزخرف من الخطاب ومدونات الكراهية وتدجين القطعان بالممارسات والسلوكيات الهمجية بحجة نصرة العقائد والمذاهب .. وادارة تعبئة التحشيد الانتمائي للاحتراب المزمن المتضاد كي يتأصل في المجتمع ترسيخ التوحش العقدي باتجاه الاخر المختلف قسريا وكي تغيب الارادة الذاتية لجيل كامل وارجاعه الى فقه التقليد والارجاع والتبعية الى صراع سياسي منذ اثر القرون الاولى قد لبس ثوب العقيدة لتثبيت سلطة واستبداد السلطان والكهول الاعلمية ليصبح منهج بنيوي استراتيجي يتم من خلاله سلب العقل وامكانية تطور الوعي والابداع المعرفي ويبقى اسيرا في ماضوية قاهرة في خضم تجسيد الشخصيات والروايات والاحاديت بتكرار نمطي انغلاقي يتمحور حول تثبيت اسس الصراع وادامة الاحتراب بتفتيت قواعد المنظومة الاجتماعية وتفكيك اواصر هيكليتها الى فئات بليدة منقادة تقبع تحت عباءات تعمل على ترسيخ ارثها الشمولي وقصدية اشاعة التخلف والجهل لاستلاب كينونة الذات لدى الفرد .. في هذه المواجهة أنطلق وبشكل صادم اكبر تمرد استقلالي على كل رجالات التعميم ومؤسساته واستحواذه المبيّت على مدينة البصرة باعتبارها بيضة الوزة الذهبية التي يستولي المارقون على ريعها .. ويبقى العامة من الناس في حاجة الذل والهوان وقفر من العيش .. فاستفاق العقل البصري اليافع من تراكمات سنوات من انتهاك الحقوق والاهمال المقصود والالهاء في خطابات الجمعة ومنابر الاعلام ونفاق الساسة .. ليقلب الطاولة بما حملت بلا استثناء ليعلو صوت المدينة المحتضرة .. بان النصر في نهاية المطاف للحرية والانسانية مهما اوغلتم في الطائفية والخراب .. هكذا شهد التاريخ من قبل ومن بعد وسيكتب التاريخ بان النصر هو الغاية والمنتهى .
سيعلم المارقون بان ما حدث في البصرة ليس عابرا ولا طارئا ولا منقطعا .. سيعلم المارقون انها نهضة الاجيال الضائعة منذ مديد القرون وسيكون محورا انطلاقيا استراتيجيا تسمتد منه الاجيال عنفوانها الجامح للمعرفة خارج اطر الايديولوجيات المنغلقة على تقديس الاصنام بفقه السيد والقطيع .. وستكون الحتمية والصيرورة قدرا باسقاط هذه الهالات والمسميات المنافقة ’ صمام امان ’ تاج راس ’ خط احمر ’ وغيرها كثير من الخواء .. سيعلم المارقون ان الامر قبل الاحداث ليس كالامر بعده وان الازاحة الجيلية التنويرية قادمة لا محالة وان الشباب هم امل الحياة .. ولن تنفع كل سلطات القمع في قهر القيام الشبابي مهما استقوت السلطات الاستبداية ومهما تعددت وسائلها .. فالصدع قد ارخى القاعدة الهمجية وسينتشر الصدع حتى تسقط الرؤوس الهرمية التي تشكلت بشرعية الظلامية وارثها العقيم السقيم .. وسيكون السقوط صادما شاملا كما سقط من قبلكم أعتى الطغاة.
طوبى لشهداء الحقوق المستلبة الذين قدموا ارواحهم شرفا ورفعة .. طوبى لهم وقد حفروا في التاريخ اثرا لن يمحى .. بالوقوف بوجه الجبابرة واربابهم وجماعاتهم التابعة .. طوبى لهم وهم يقدمون اجسادهم امام الرصاص .. فاي شجاعة عرفها التاريخ ستنحني لهم اجلالا واكبارا .. البصرة الطيبة ستحفر في ذاكرتها عنوانا ازليا يحتضن اولادها بعبق الطيبة والطهارة وستبقيهم اثرا خالدا لايعلو عليه اثرا .. فلن تكون البصرة ابدا اسيرة بيد تجار الدم والموت والتعسف والذين يهادنوهم ويشرعون لهم الافعال .. سيعلو الهتاف تلو الهتاف ولن يصمت الهتاف الا بتطهير مدينة الحضارة الحاضرة من همجية البداوة واستبداد الطائفية وتسلط اصحاب البدع والدجل .. فلتكن ارواح الشباب استلهاما ومرجعا لدحض الظلام والظلاميين .. ( التطهير قادم ) .. فمدينة .. ” البصرة مو للبيع ” .