19 ديسمبر، 2024 12:55 ص

البصرة مفاجأة صعقت طهران

البصرة مفاجأة صعقت طهران

ليس ماجرى ويجري في البصرة بات شأنا داخليا عراقيا محضا بل إنه صار يستقطب إهتماما إقليميا ودوليا مع الاخذ بنظر الاعتبار التعاطف والتإييد الشعبي الداخلي لإنتفاضة أهالي البصرة، فقضية البصرة لفتت الانظار تماما الى حقيقة إنه لم يعد بالامکان تحمل الاوضاع الوخيمة بعد أن وصلت الى حد لايمکن أن يطاق، وإن ردود الفعل العنيفة لأهالي البصرة الغاضبين بحرق مقرات الاحزاب الموالية لإيران وإحراق مقر القنصلية الايرانية ذاتها، هي في الحقيقة دليل ملموس على إن وخامة الاوضاع والتي بلغت أسوأ مايکون قد دفعت بغضب الاهالي الى أقصاه، ويبدو أن البصراويين کانوا يهدفون من وراء ماقد فعلوه أرسال رسائل ليس لإيران وأتباعها العراقيين وانما للعالم أجمع ولاسيما الذين يعنيهم العراق ويمثل لهم شيئا.
ويبدو إن هناك من فهم الرسالة ببعدها الدولي، ذلك إن ماقد صرح به عضو مجلس الامناء في الحزب الالماني الحاکم من إن” ما يجري الان في العراق وخصوصا في محافظة البصرة هو نتيجة حتمية للفساد والتحزب الأمر الذي أدى الى انعدام الخدمات وانعكاس كل هذا سلبيا على حياة المواطن العراقي “، غمز واضح للحکومة العراقية بوجود خلل کبير في السلطة التنفيذية وتدخل أطراف وجهات أخرى في عملية ادارة الامور من دون أن يکون لها أية صفة رسمية، ومن الواضح جدا إن الاحزاب والميليشيات التابعة لإيران هي المعنية بذلك لأنها قد إستباحت ليس البصرة وانما العراق کله وجعلتها إقطاعيات لها.
ولاغرو فإن هذه الشخصية الالمانية عندما تٶکد في سياق تصريحاتها بأنه” أصبح من الضروري العمل على وضع إستراتيجية قوية وبذل جهود فعلية لايجاد حلول سريعة لكل ما يجري لان كل مواطن له حق العيش في بلده برفاهية واستقرار لان هذا سيؤدي بالتالي الى بناء دولة قوية قادرة على توفير حياة كريمة لأبنائها”، ومن المعلوم والواضح لکل ملم وعارف ومطلع بالاوضاع في العراق، إن أساس تلك الاستراتيجية تعتمد على کون القرار العراقي مستقلا وليس خاضعا لإملاءات خارجية وضغوط داخلية، وإن نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية وأذرعها في العراق يلعبون هذا الدور السلبي ازاء العراق، خصوصا إذا ماأعدنا للأذهان تحذيرات زعيمة المعارضة الايرانية مريم رجوي، في بداية إنتشار نفوذ النظام الايراني وتأسيسه لأحزاب وميليشيات تابعة له، من إن “نفوذ النظام الايراني في العراق أخطر مائة مرة من القنبلة الذرية”ودعت للحد منه وقطع أذرعه في العراق والمنطقة کأساس لإستتباب الامن والاستقرار في العراق، ويبدو إن ماقد حذرت منه رجوي قد صار الان حقيقة ملموسة لايمکن تجاهلها، لکن مع ملاحظة مهمة جدا وهي إن ماقد جرى في البصرة والذي توج بإحراق القنصلية الايرانية فيها، بالاضافة الى أنه کان مٶشرا واضحا على إن الشعب العراقي قد ضاق ذرعا بالنفوذ والدور الايراني وإن على النظام الايراني أن ينتبه الى ذلك ويعد العدة للخروج من العراق قبل أن تصل الامور الى أسوأ من ذلك، فإنه کان مفاجأة صعقت الاوساط الحاکمة في إيران وکأنها تدق مسمار في نعش مشروع الخميني في العراق والمنطقة.