انطلقت منذ أسابيع احتجاجات ومظاهرات شعبية بدأت شرارتها الأولى من محافظة البصرة جنوب العراق ثم طالت محافظات آخرى وصولاً إلى العاصمة بغداد ، طالب المواطنين بحقوقهم بتوفير الخدمات والكهرباء والماء الصالح للشرب وتوزيع الثروات وتوفير فرص عمل للعاطلين ، وبدلاً من أن تعمل الحكومة المركزية ومجلس محافظة البصرة على تحسين الخدمات في ظل حرارة الصيف الملتهبة التي شهدتها المحافظة حيث تصدرت البصرة قائمة المدن الأعلى في إرتفاع درجات الحرارة تضافرت جهود العاملين على توفير الخدمات للمواطنين في سبيل أبتكار وتقديم نموذج جديد لتدمير المواطن العراقي بكل الطرق والآليات المتاحة .
ولينشغل الشعب عن المطالبة بحقوقهُ يتم افتعال أزمة جديدة يعيش معها المواطن العراقي لأشهر عديدة بينما تمارس الحكومة والجهات المعنية مهمتها في التخطيط لقيادة العراق لأربع سنوات قادمة من الأوضاع غير المستقرة سياسياً خدمياً واجتماعياً .
حيث شهدت محافظة البصرة خلال الأيام القليلة الماضية تسمم المئات من السكان بسبب المياه الملوثة التي تعاني منها المحافظة وفي ليلة وضحاها اكتظت المستشفيات بالمواطنين الباحثين عن علاج ، بينما وصل عدد الإصابات أكثر من 4 آلاف مواطن يعاني من حالات الإسهال .
الأمر تطور من ماء مالح غير صالح للشرب إلى ماء ملوث يؤدي بتسمم المواطن وزجهُ في صالات المستشفيات الحكومية التي لا تستوعب هذا الكم الهائل من المواطنين الذين بحاجة لتدخل وعلاج سريع في وقت تعاني فيه تلك المستشفيات من نقص في الخدمات ، ولا يسعنا هنا ذكر الجانب الصحي المتردي .
وفي تصريح لشعبة الرقابة الصحية في دائرة صحة البصرة كشفت فيه عن ارتفاع نسبة التلوث بمياه الإسالة في المحافظة بشكل كبير جدا، وقالت إن “التلوث الكيميائي في مياه الإسالة بلغ 100 بالمائة ، والتلوث الجرثومي 50 بالمائة “.
بينما انتشرت على مواقع التواصل الإجتماعي صور ومقاطع فيديو تظهر اكتظاظ المستشفيات بالمواطنين المصابين بالتسمم وعدم سَعَة ردهات المستشفى لأستقبالهم مما اضطرهم لإفتراش الأرض في ممرات المستشفى بينما ينتظرون من يقدم لهم مساعدة ما !!
هذا هو حال المواطن العراقي إبن البصرة الفيحاء .
وفي نظرة سريعة عن نسبة صادرات النفط في البصرة تعتبر هذهِ المحافظة مركز صناعة النفط في العراق ، حيث تنتج نحو 80 بالمائة من صادرات البلاد، كما أنها المنفذ البحري الوحيد للعراق .
ويتعبر العراق هو ثاني أكبر منتج ضمن منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) بعد السعودية ، بطاقة إنتاجية قدرها 4.8 مليون برميل يوميا حسب إحصاءات يناير ٢٠١٨ .
مع كل هذهِ الصادرات وموقع المحافظة الجغرافي إلا أن حالها من سيء إلى أسوء ، حالات تسمم بسبب مياه الشرب ، عدم وجود فرص عمل ، إنقطاع التيار الكهربائي .
بلأمكان تحسين واقع الحال فقط إن كانت هذهِ المبالغ الطائلة التي تأتي نتيجة تصدير النفط يتم الإستفادة منها فيما يصب في خدمة العراق من توفير واقع معيشي وخدمي أفضل .
عوضاً عن الإستمرار في افتعال أزمات تقع على كاهل المواطن البسيط وإن خرج وطالب بحقوقهُ يتم إتهامهُ بعدم سلمية المظاهرات وقمعهُ أو حتى رميهُ بالرصاص الحي إن تطلب الأمر في حال أقترب من حدود إحدى الشركات النفطية !
منذ سنوات ومواطني محافظة البصرة يحتجون كونهم عاطلون عن العمل مطالبين بتأهيلهم وتشغيلهم في شركات النفط بدلًا من العمالة الأجنبية التي تجلبها الشركات القائمة على تطوير حقول النفط.
ما الذي قدمتهُ الحكومة المحليّة ، والحكومة المركزة خلال السنوات الماضية من خدمات لهذهِ المحافظة فيما يتم كشف صفقات الفَسَاد ومشاريع خدمية فاشلة تقودها شخصيات أناط لها مناصب عليا .
ما الكارثة القادمة التي سوف تقودها هذهِ الجهات لإلحاق الأذى بالمواطن العراقي ، ومن المسؤول عن محاسبتهم بكل ما يتسببون بهِ من اذى نتيجة الإهمال المتعمد وضياع الحقوق المستمر .
من جهتنا نحن كصحفيين عراقيين نطالب المجتمع الدولي في الوقوف معنا للحد من هذهِ الكوارث الإنسانية ، والمطالبة بتوفير خدمات ومياه صالحة للشرب لأبناء هذهِ المحافظة والمحافظات العراقية الأخرى فهذهِ أبسط الحقوق الإنسانية التي من واجب الجهات المسؤولة توفيرها للمواطن العراقي ليعيش بكرامة تعوضه عَن سنوات من سرقة الحقوق والفساد المتجذر في المؤسسات الحكوميّة وسرقة المال العام ونهب ميزانية العراق المالية بصفقات غسيل أموال ومأرب شخصية جميعها مرت بينما كان المواطن العراقي يخرج من أزمة ويدخل في اخرى أكثر سوء من التي سبقتها ، اكتفينا من الأزمات وخراب المدن وقتل البشر .