قبل سنوات كانت هناك دعوة جاده لجعل البصرة إقليما قائم بذاته ولكن للأسف الشديد لم تلاقي تلك الدعوة الإذن الصاغية من قبل الشارع البصري نتيجه للمؤثرات الحزبية وقتها والتي وقفت ندا لهذه الدعوة وإستطاعت من إجهاض المشروع برمته.
لقد تعكزت تلك الإحزاب يومها على مفرده واحده تم تسويقها إلى الشارع البصري مفادها إن الدعوة إلى أقليم البصرة تمثل خطوة على طريق تقسيم العراق مستغلة تلك الأحزاب جهل الشارع البصري بالنظم الفدرالية القائمة في العالم وللأسف أقول إن عدد كبير من مثقفي البصرة أعتبروا وقتها إن الدعوة إلى أقليم البصرة يمثل الدعوة إلى تقسيم العراق.
اليوم وبعد مضي كل هذه السنون على الدعوة الأولى وبعدما أحس المواطن البصري بالظلم الكبير الذي يتعرض له نتيجة للحكم المركزي والروتين القاتل وفشل الحكومة المركزية في إدارة شؤون البلاد وتغليب الصفة الطائفية على سياسة الحكومة المركزية مما إنعكس ذلك بصورة مؤثرة على حالة المواطن, بدأ الشعب البصري يبحث عن من يخلصة من تلك التبعات السلبية في كيفية إدارة البلد ويحفظ له ثروته العملاقة والتي لم يرى المواطن البصري حتى قشور هذه الثروة.
ومما زاد قناعة الشعب البصري بضرورة البحث عن طريق يحفظ للبصرة قيمتها المعنوية والذاتية هو فشل الحكومات المحلية المتعاقبة على حكم البصرة والتي لم تكن أكثر من مساقط للأحزاب التي يتشكل منها البرلمان العراقي وأي تجاذبات تقع في بغداد تجد لها إنعكاساتها السلبية مباشرة في مجلس محافظة البصرة والذي لم يرتقي لأكثر من ناقل لصوت المتكلمين في بغداد وهذا أدى بالبصرة أن تصبح أكثر تخلفا وأكثر خرابا ودمارا على كافة الأصعده.
البصرة لا تمثل للغير أكثر من ناقه تنقل لهم الذهب وتتغذى على العاكول هذا إن وجد. من يصدق حينما أقول إن من أكثر الفئات في البصرة التي تعاني من الظلم وجحود حكومة المركز هم شباب البصرة المتعلم والحامل للشهادات الأكاديمية الأولية والعليا, شباب مثقف بكل ما تحمل الكلمة من معنى ولنعطي بعض الأمثلة على ذلك:
• من يصدق حينما أقول بأن في البصرة يتواجد أكثر من 60 مهندس نفط يتسكع في الشوارع دون تعيين لأن حكومة المركز قد رهنت نفط البصرة للأجنبي وأغلقت جميع الأبواب على شباب البصرة.
• من يصدق حينما أقول أن في البصرة يتواجد أكثر من 150 طبيب يتسكع في الشوارع بسبب الحكم المركزي المقيت
• من يصدق حينما أقول إن في البصرة يتواجد أكثر من 1000 مهندس مدني في الشوارع يستغل من قبل مقاوليين لا يعرفون الكتابة والقراءة بأجور يومية أو شهرية لا تكافىء مستوى تعليمهم.
• من يصدق حينما أقول إن إبن محافظات أخرى يجد له فرصة تعيين في البصرة أكثر من أبن البصرة حتى لو كان أبن البصرة بالتخصص المطلوب وإبن بقية المحافظات بتخصصات بعيده فإن أبن هذه المحافظات هو المفضل في التعيين على إبن البصرة.
• من يصدق حينما أقول إن المرأة البصراوية مظلوميتها لا يحس بها إلا إبن البصرة…هناك العديد لا بل الآلاف من نساء البصرة المتعلمات والحاصلات على شهادات جامعية أولية جالسات في بيوتهن منذ سنوات بدون تعيين….
• من يصدق حينما أقول إن شباب البصرة المتعلم والحاصل على شهادات جامعية أولية لا يجد إلا عمل يومي واحد متوفر وهو “كناس شوارع” مع إحترامي لكافة المهن
هذه عينات بسيطه من الشعب البصري والتي تمثل المستقبل للبصرة…إن ما حدث ويحدث في البصرة يتم تحت نظر وسمع مجالس محافظة البصرة المتعاقبة ولكونها كما قلنا ليس اكثر من إنعكاسات لما يحدث في بغداد فهذه المجالس لا تعنيها البصرة لا من قريب ولا من بعيد…إن ظلم مدينة البصرة يفوق كل الخيال ولا يمكن لأي منصف إن لا يتحسس ويلمس ما يقع على مدينة البصرة من تجني ونكران للجميل ولأن الظلم إذا دام دمر ولكي لا يستمر هذا الظلم فقد بدأت الأصوات تتعالى من جديد لأقليم البصرة.
نعم نريد البصرة إقليما حالها حال أقليم كردستان.
نريد أن تأخذ البصرة موقعها الذي يليق بها على خارطة العراق.
نريد أن تنتقل البصرة نقله نوعية وتصبح منافسا قويا لمدن كانت يوما ما خربه عندما كانت البصرة عامرة وأصبحت عامرة في ظل حكم فدرالي مثل دبي وغيرها وتراجعت البصرة بسبب مركزية الحكم.
بدأ الشعب البصري يتفهم الدعوة لإقليم البصرة أكثر من السابق وبدأ لا يسمع للأصوات النشاز من الأحزاب الطائفية والدينية والتي تثير مخاوف أهل البصرة من الدعوة إلى إقليم البصرة أو من التدخلات الإقليمية بهذا الأقليم الجديد.
إن الدعوة لإقليم البصرة يجب أن تكون المحور الأساسي التي تتمحور حوله كافة الندوات والحلقات النقاشية من قبل الطبقات المثقفة في البصرة إذا ما إريد لهذا المشروع البزوغ إلى ارض الواقع وإن التثقيف في هذا الإتجاه يمثل الخطوة الأولى على طريق صعب معبد بالأشواك من قبل الأحزاب الطائفية المتسلطه على حكم البصرة وإن الدعوة لإقليم البصرة يمثل قمة المحافظة على وحدة العراق وطنا متماسكا وهي بالتأكيد لا تعني بأي حال من الأحوال تجزئة العراق كما يسوق لهذا المفهوم من قبل أحزاب أثبت الزمن عن نزعاتها الطائفية وطموحها بسرقة مدينه تطعمهم ليلا ونهارا. لقد آن الأوان للشباب البصري أن يقول كلمته في هذا المجال وآن الأوان للمرأة البصرية أن تكون أمراة فاعلة في مجتمع متحضر مستقل عن إرهاصات حكومات مركزية يحوم حولها شبهات الفساد والسرقة وسوء الإدارة…
اليوم في البصرة وبعد كل سنوات الظلم والتجني لأهلها يرتفع صوتا عاليا بالدعوة لإقليم البصرة. وسوف تشهد الأيام القادمه في البصرة مزيدا من هذه الدعوات مما قد يتم تبنيها كورقة إنتخابية رابحة في الإنتخابات القادمة من قبل بعض الأحزاب الطائفية والتي وقفت معارضة لهذا المشروع يوما ما, عندها سوف تكشف تلك الأحزاب مدى ميكافيلية نهجها الشاذ للوصول إلى كرسي الحكم في بغداد. لعبة قذرة قد تلعبها هذه الأحزاب لإنها لا تعلم إنها أصبحت أحزاب ساقطة في البصرة وكل يوم يمر تزداد البصرة دمارا وتزداد أحزابها سقوطا ويرتفع الصوت المنادي نعم لإقليم البصرة…ثم نعم والف نعم لإقليم البصرة…ونحن بإنتظار أن يصبح الحلم حقيقة.
[email protected]