سيح هي النصف الثاني من كلمة تما سيح , للإشارة إلى أن التمساح قد يكون بهيأة آدمية لكنه في حقيقته شرس مفترس يأكل فريسته ويذرف دموعه فنتوهم بأنه يبكي عليها , أو يندم , فدموعه تتهاطل قبل إنقضاضه على الفريسة وأثناء تمزيقها وسرطها.
وهذا السلوك التماسيحي شائع بين البشر خصوصا الذين يمتهنون السياسة وأعوانهم المتاجرين بالدين , فتراهم يأكلون حقوق الآخرين ويستحوذون على ممتلكاتهم وعقولهم وتطلعاتهم , ويثرون بفحش وإنفلات , وفي ذات الوقت يتكلمون بأسى وحزن ويذرفون الدموع على المساكين الذين إمتصوا رحيق وجودهم وطاقة كينونتهم , وحرموهم من أبسط حقوق الدنيا وقالوا لهم الآخرة بقضها ونفيضها لكم , فأنتم الغانمون فيها والمتنعمون.
والتماسيح تذرف دموعها لأسباب فسيولوجية بحتة لا علاقة لها بالتأسي على الفريسة , وإنما شدة عضها وإطباقها على الضحية تتسبب بضغوطات هوائية على الغدد الدمعية فتذرف ما فيها من الدموع , والبعض يرى غير ذلك من الشروحات والتفسيرات.
أما البشر فقد رأيناه يبكي وهو يرتكب أعظم الجرائم بحق الإنسانية , ويفتك بالأبرياء ويقضي عليهم لكنه يبكي بعد أن نفذ جريمته النكراء , وهذا واضح عند العديد من قادة الأفك والضلال , والمسؤولين السياسيين والزعماء الذين يقدمون على تنفيذ جرائمهم وهم بالدموع يتظاهرون , وكأن ما سيقدمون عليه ليس قرارهم وإنما قرار إضطراري مفروض عليهم ولا خيار عندهم سواه.
ويمكن للقارئ أن يستحضر صور القادة والرؤساء وهم يذرفون الدموع ويصرحون بقراراتهم الإجرامية المروعة , وما هذه الدموع إلا للخدعة والتضليل والتعبير عن جسامة الجريمة وخستها , ولكي يحافظوا على كيانهم الإنساني أمام الآخرين , ويضعوا قناع الآدمية على حقيقتهم المتوحشة الشرسة الفتاكة الشنعاء.
فكم من المجرمين العتاة قد ذرفوا الدموع وأظهروا العواطف الكاذبة أمام الآخرين , وهم يفترسون غيرهم من البشر ويذيقونهم شر العذاب , لا لذنب إلا لأنهم لا يتفقون معهم في الرأي أو المنهج.
وفي مجتمعاتنا ما أكثرهم , وما أقبحهم وأجرمهم , لكنهم يظهرون بلباس المتدينين المتعففين المتقين , وما هم إلا مخالب أبلس شيطان رجيم.
فانظروا التماسيح من حولكم , واحذروا البشرسيح , فهم أعداء الخالق والمخلوق!!