المعروف في كل دول العالم المتمدن ان البرلمان هو الصوت المعبر عن أبناء الشعب باعتباره المفوض والممثل والوكيل عن كل فرد من أبناء المجتمع لذلك فهو يحمل أمانة التفويض باسم الشعب وعليه المحافظة على هذه الأمانة، والامانة شرعا وقانونا فهي مقدسة حيث قال الكتاب الكريم(فعرضنا الأمانة على السموات والأرض فأبين ان يحملنها الا الانسان وكان ظلوما) ، إذاً ما اصعب حمل الأمانة، وكيف على الانسان خيانتها، تلك هي مهمة عضو مجلس النواب عندما يكون عضوا في مجلس النواب كممثل لابناء شعبه، هذا هو ما معمول به في كل برلمانات العالم، وعندما يرى العضو انه غير مقتدر على اداء واجبه يستقيل ويترك المجال لغيره ممن يستطيع تمثيل شعبه بشكل حقيقي وفاعل في البرلمان.
اما البرلمان في العراق فهو شيء آخر حيث ان عضو البرلمان اثناء حملته الانتخابية يقدم الوعود الكاذبة ويقدم الرشا وشراء الأصوات من الناس الفقراء، وعند وصوله الى عتبة البرلمان ينكث كل العهود التي قطعها امام ناخبيه ويحنث باليمين عند قسمه على خدمة هذا الشعب، ويركض بقوة وراء كل ما يجلب له المنافع لكي يكون متخما من المال العام عند انتهاء الدورة الانتخابية. اما عمله داخل مجلس النواب هو حال اي موظف حكومي، الإرادة مسلوبة منه، وليس من حقه اتخاذ اي قرار مستقل، يخدم الشعب خلافا لرأي الكتل السياسية التي ينتمي اليها ومصلحة الشعب أصبحت عنده شيئا ثانويا لا يعتد به، المهم ولي نعمته وهو رئيس الكتلة السياسية، لذلك أنشئت دوائر اقتصادية في كل حزب سياسي، هدفها الاستحواذ على المال العام بشتى الطرق لتمويل تلك الأحزاب وأدواتها النواب والوزراء حيث ان الوزير تكون وزارته البقرة الحلوب لجني المال الحرام لكتلته السياسية.
ونعود ونقول ان النائب مسلوبة ارادته السياسية وهو لايستطيع اتخاذ اي قرار مستقل بمعزل عن كتلته السياسية، لذلك فان اي مشروع يعرض على مجلس النواب لايتخذ اي قرار بصدده من قبل أعضاء مجلس النواب دون الرجوع الى كتلهم السياسية اي ان رئيس الكتلة هو الذي يقرر وعلى النائب تنفيذ القرار، إذاً ما هو قيمة التصويت على المشروع اذا كان القرار بيد رؤساء الكتل وليس بيد النواب ؟.
إذاً التصويت يعتبر شكليا والمهم ما يطبخ في مطابخ الكتل السياسية، ووجود البرلمان مجرد ديكور مهمته المصادقة على ما يقرره رؤساء الكتل السياسية ووجوده شكليا وليس برلمانا حقيقيا.