في الذكرى 55 لانقلاب شباط الدموي
(1)
-وقائع التاريخ الكبرى عائمات جليد, طرفها ظاهر فوق الماء وكتلتها الرئيسية تحت سطحه, ومن يريد استكشافها عليه ان يغوص// محمد حسنين هيكل.
-التاريخ منجم زاخر بالحكمة التي قد تجد فيها المفاتيح الذهبية لمشاكل حاضرنا// هنري كيسنجر
(2)
في ايلول 1961 رفع المله مصطفى البرزاني السلاح بوجه العراق مرة اخرى بعد ان رفعه بوجه النظام الملكي وكلف العراق الكثير, على الرغم من النظام الملكي اعطى الاكراد في العراق اكثر مما اعطتهم دول الجواركما سنرى.
وبعد سقوط الملكية بثورة 14 تموز اعاده الزعيم للعراق واستقبل مع عشيرته استقبال الابطال وتم تعويضهم بمال واستحقاقات كثيرة ولكنه في اول فرصة عاد لرفع السلاح بوجه السلطة.
أما أهداف الإقتتال كما اوجزها الدكتور ليث عبدالحسن الزبيدي بثلاثة (1)
1. إرباك الوضع الداخلي وإضعاف حكومة عبدالكريم قاسم في المفاوضات النفطية التي كانت جارية آنذاك، والضغط عليه بغية دفعه للإستسلام والتراجع عن المطالب العراقية المشروعة في هذه المفاوضات.
2. الضغط على عبدالكريم قاسم لسحب ادعاءاته بالكويت التي هي مركز النفط في الشرق الأوسط والذي تسيطر عليه الشركات البريطانية والأمريكية.
3. إعاقة تطبيق قانون الإصلاح الزراعي في شمال العراق، لأنه أدى إلى تضرر الأغوات الإقطاعين، كما إنه يؤدي إلى ضغط الفلاحين في إيران على حكومتهم من أجل سن قانون مماثل للإصلاح الزراعي.
(3)
كان حزب البعث والقوميون العرب يخططون للاطاحة بنظام الحكم بعد فترة وجيزة من الثورة …وقد نجح علي صالح السعدي (زعيم حزب البعث آنذاك وهو من القومية الكردية)(2)! قبيل إنقلاب شباط 1963، بعقد أول لقاء رسمي بينه وبين صالح اليوسفي، حيث اتفقا على بعض الأمور. وقد أبلغ اليوسفي المله مصطفى البرزاني بوعده الأخير بأن سيكون أول المؤيدين إذا ما تمكن البعث من إسقاط عبد الكريم قاسم، وسيتم وقف إطلاق النار المتبادل بين الجيش العراقي وقوات البيشمركة الأكراد). (3)
وصالح اليوسفي (1918- 1981) هو سياسي كردي عراقي ووزير سابق وأحد الأعضاء البارزين في الحزب الديمقراطي الكردستاني في العراق, وقد كان اليوسفي أحد الأعضاء المؤسسين لجمعية بروسك في سنة 1936 كما كان أحد الأعضاء المؤسسين للحزب الديمقراطي الكردي في سنة 1946.
و(في 8 شباط 1962 اي قبل سنة من الانقلاب بادر طاهر يحيى التكريتي الذي كان قد اقيل من قيادة الشرطة العراقية وانضم الى اعداء قاسم بالاتصال بابراهيم احمد السكرتير العام للحزب الديمقراطي الكردي والرجل الثاني في قيادة التمرد الكردي وعرض على الاكراد التعاون ضد السلطة.
وفي 18 نيسان 1962 رد ابراهيم احمد بالقول: ان الاكراد يرغبون في وجود علاقات سلمية مع العرب وانهم يطالبون بمسالتين فقط: حكومة مركزية ديمقراطية وتمثيل ملائم للاكراد فيها وحصول الاكراد على حكم ذاتي ولم ياتي رد يحيى الا في اب 1962 ومعه ملاحظة تقول تم تحديد التاريخ وسيتضح فيما بعد ان التاريخ المقصود هو تاريخ الانقلاب.
ثم تم اعلام الاكراد ان الزمن المحدد يقع بين نهاية شباط ومنتصف اذار 1963 وطلب طاهر يحيى وحصل على اسماء 6 اشخاص من الاكراد لضمهم الى حكومة الانقلاب.
كان الملا مصطفى البرزاني قد اعد في تلك الاونة هجوما واسع النطاق في جميع انحاء كردستان بيد انه سارع لتوجيه امر بوقف النار على جميع الجهات وتم اعلام الحكومة الجديدة بذلك).(4)
و(في حوالي منتصف كانون الأول 1962 وضعت، كما يشير بطاطو، خطة العمل، (للانقلاب) وحددت ساعة الصفر في الساعة التاسعة من صباح يوم الجمعة 18 كانون الثاني 1963. وبدأ تنفيذ الخطة فعلا في 24 كانون الأول 1962 بإعلان إضراب للطلاب القوميين في مدرسة الشرقية الثانوية في بغداد بمبادرة من حزب البعث. وامتد الإضراب في اليوم التالي ليشمل كل المدارس الثانوية، ثم يشمل كليات الجامعة في التاسع والعشرين من الشهر نفسه وساهم طلبة الحزب الديمقراطي الكردستاني في الإضراب. وكانت حجة الإضراب هي ضرب الشرطة العسكرية للطلاب الذين أثاروا شجاراً مع ابن فاضل المهداوي، رئيس “محكمة الشعب”. أما النية الحقيقية فكانت تحويل انتباه قاسم عن الجيش والتستر على الانقلاب المقبل).(5)
(4)
وبعد نجاح الانقلاب الدموي أرسل حزب بارزاني (البارتي) إلى مجلس قيادة الثورة برقية نصها:” إن ضربات الشعب الكردي تلاحمت بالثورة المجيدة على العدو اللدود للقوميتين الشقيقتين العربية والكردية وبقية الشعب العراقي على الجلاد الأوحد لشعبنا الكردي المسالم وعلى أوكار الخيانة الملطخة بعار دماء شهداء الشعب وقواته المسلحة وكوارثهم وويلاتهم”.(6)
كما حرص برزاني على ان يؤكد انه من قضى على نظام عبد الكريم قاسم وليس البعثيين والقوميين في 8 شباط 1963:
(وبلغته التصويرية ولاستخدام الامثال التي تكتظ بها اللغة الكردية اوضح برزاني للحكومة العراقية من خلال الصحفي رولو الوضع على النحو الاتي: اصطدم صياد مسلح في احد الايام بذئب في مرتفعات الجبال واصابه بجرح قاتل ورغم ذلك تمكن الذئب من الفرار الى الغور حيث تمكن راع اخر من قتله بحجر ثم تخيل الراعي انه تمكن من قتل الذئب بقوته وقدرته الذاتيه. وهذا بالضبط مايحدث مع حكومة عارف التي تعتقد انها هي التي قتلت عيد الكريم قاسم هذا في حين ان الحقيقة هي ان قاسم وحكومته كانا في النزع الاخير جراء الضربات التي كالها لهم الاكراد.) (7).
(5)
المصادر:
(1) د ليث عبد الحسن الزبيدي- ثور 14 تموز 1958 في العراق-ص 299-300.
(2) طالب الحسن- بعث العراق في ظل قادته من الكرد المستعربين.
(3) د.علي كريم سعيد، عراق 8 شباط 1963–ص 248.
(4) شلومو نكديمون -الموساد في العراق ودول الجوار.
(5) حنا بطاطو، العراق ـ الطبقات الاجتماعية والحركات الثورية، الجزء الثالث ص285 ـ 287.
(6)
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=130797
(7) مقابلة صحفية للصحفي الفرنسي اريك رولو ونشرها في جريدة لوموند في 7 ايار 1963 ضمن المصدر(4).