23 ديسمبر، 2024 12:00 م

عرفت محافظة ديالى العراقية القريبة من العاصمة بغداد بجودة فاكهة البرتقال التي تزرع أشجاره على ضفتي النهر الشهير المسمى بذات الإسم، أو التي سميت المحافظة بإسمه، والممتد من جبال كردستان الشرقية ليمر شرق بغداد، ويتصل بدجلة المار الى الجنوب.
    برتقال ديالى بلونه النقي ولعقود طويلة كان يتم غرس شتلاته في ظل النخيل السامق في البساتين الكثيفة التي لاتكاد تحصى عددا، والسبب في ذلك الغرس ليتم حماية أشجار البرتقال من البرد في الشتاء، ويجنى المحصول ليباع في الأسواق المحلية، ويتم تصدير الباقي الى أسواق العالم، لكن الجفاف والحروب والإنشغال بالحصارات والطائفية والدكتاتوريات المتعاقبة وإنخفاض الأسعار، ثم دخول عامل الإستيراد من الخارج بثمن أقل، حيث يفضل الناس العاديون شراء الفاكهة المستوردة لتدني أسعارها في مقابل إرتفاع ثمن البرتقال المحلي، أدى كل ذلك الى عزوف الناس عن الإهتمام ببساتينهم وتركها عرضة للإهمال والجفاف وبالتالي إزدياد تكلفة الزرع مع قلة ثمن المحصول وهي معادلة خاسرة حتما.
    تشهد محافظة ديالى منذ العام 2003 مناكفات عشائرية وطائفية لوجود خليط سكاني غير متجانس، فهناك مواطنون سنة وشيعة ينتمون لعشائر كبيرة تبادلت الأدوار في النفوذ داخل المحافظة المترامية التي تتصل ببغداد وواسط وصلاح الدين والسليمانية وكركوك، وتمتد حتى الحدود الإيرانية، وتحتفظ بأهمية قصوى في المعادلة السياسية والأمنية، كما أنها محافظة للأقليات من الكرد والتركمان، وفيها مواطنون ينتمون لمذاهب أخرى ويسودها الإحتقان، حيث مارست المجموعات المسلحة دورا في تأجيج الصراع بعد جملة من العمليات العسكرية والتفجيرات المريعة التي إستهدفت الأسواق والمساجد والبيوت خاصة في الفترة التي إمتد خلالها تنظيم القاعدة، ثم ماقام به تنظيم داعش الذي يبحث عن الفوضى ليتمدد ويمارس أدوارا تثير الخلافات وتعمقها، وتبعث على الرغبة في الإنتقام والرد القاسي وغير المحسوب.
    يتحول لون البرتقال الى الأحمر، بسبب مايجري من دماء، فالسياسيون غير عابئين أحيانا، وعاجزون في أحيان أخرى، والمواطنون لايجدون سوى الرد بطريقتهم الخاصة، ثم يختلط الديني بالمذهبي بالعشائري مايؤدي الى زيادة التوتر ووتيرة الفعل والفعل المضاد الذي يدفع المواطنون ثمنه، ويؤثر سلبا في حملة الإعمار، ويقلل من فرص الإستثمار والبناء والتعمير، وماتزال عشرات المشاريع معطلة، وغير مكتملة وأدى ذلك الى نشوء طبقة فاسدة لاتكترث بخسارات الشعب لأنها ضمنت الربح العاجل.
    هو البرتقال بلون أحمر قان للأسف.
[email protected]