صناعة التأريخ وأحداثه وتطوراته ليست مجرد تنظيرات أو کلام منمق وطنان وبراق يتم قوله هنا وهناك، بل إنها عمل مضني يصحبه دائما التضحيات الجسيمة والشقاء وکل أنواع المعاناة، فليس الذي يصنع التأريخ لشعب يعاني من القمع والاضطهاد والمجازر وکل أنواع المعاناة کمن ولد وفي فمه ملعقة ذهب لايعرف شيئا عن المعاناة والالم.
طوال 40 عاما، قدمت منظمة مجاهدي خلق أکثر من 120 ألف شهيد من أجل حرية الشعب الايراني ورفض الديکتاتورية والقمع، وقد نالت المنظمة الکثير من النقد والتقريع واللوم لأنها إختارت طريقا محفوفا بالمخاطر والاهوال وکله أشواك وإنها ظلت على موقفها المبدأي الرافض لنظام الجمورية الاسلامية الايرانية جملة وتفصيلا وعدم إبقاء أي خط رجعة معه، بل وإنها عندما رفعت شعار إسقاط النظام وإعتبرته شعارها المرکزي، فإنه حددت موقفها من النظام بشکل لايقبل النقاش والجدل، ولکن وفي نفس الوقت، کان هناك من يسمون أنفسهم معارضة للنظام وإنهم يدافعون عن حقوق الشعب الايراني ولکنهم تساقطوا کالذباب أمام النظام الايراني لأسباب مختلفة من أهمها هو قدم قدرتهم على المطاولة والاستمرار في النضال ومواجهة النظام الى النهاية کما فعلت وتفعل منظمة مجاهدي خلق وتصر عليه.
منظمة مجاهدي خلق التي مارست وتمارس نضالا سياسيا ـ فکريا ـ حرکيا ـ تنظيميا واسع النطاق بحيث يغطي إيران کلها، أثبتت وبطريقة عملية إنها المعارضة الاکثر فعالية والاقوى دورا والاکبر والاهم حضورا وتأثيرا، وإن إعترافات قادة ومسٶولي النڤام الايراني وفي مقدمتهم المرشد الاعلى للنظام نفسه بدور المنظمة ودورها وحضورها بين أوساط الشعب الايراني، والتحذير منها دائما وطوال العقود الاربعة الماضية دون غيرها من التنظيمات المعارضة الاخرى، تدل على إن منظمة مجاهدي خلق کانت ولاتزال القوة السياسية الاهم والاکبر والاقوى في تهديدها للنظام الايراني.
لم ترفع منظمة مجاهدي خلق شعار إعتبار نفسها بديلا للنظام القائم ولاأجبرت عليه أحدا وإنما أکدته وأثبتته عن ثلاثة طرق، أولهما کونها تمتلك برنامجا سياسيا ـ إقتصاديا ـ إجتماعيا ـ فکريا شاملا لمرحلة مابعد هذا النظام بحيث يٶسس لنظام مثالي يخدم آمال وتطلعات الشعب الايراني، والثاني؛ إن المنظمة ظلت تقارع النظام وتواجهه ولم تترك الساحة يوما وکانت تعمل ليل نهار من أجل إيصال صوت معاناة الشعب الايراني والجرائم التي يرتکبها النظام بحقه الى أسماع العالم کله، والثالث؛ إن الشعب الايراني هو من آمن بالمنظمة وإعترف بدورها وقدتها وإخلاصها وتفانيها في خدمة أهدافه ومصالحه، وهذه الطرق الثلاثة هي التي تقف وراء إعتبار منظمة مجاهدي خلق بديلا للنظام، بديلا جاء من رحم تأريخ دامي صنعته بدماء شهدائها الخالدين.