19 ديسمبر، 2024 12:52 ص

البحوث العلمية والتقدم!!

البحوث العلمية والتقدم!!

أتصفح هذا الصباح مونوغراف يبين الأموال المرصودة للبحث العلمي في علاقة الدماغ بالسلوك وهي بمئات الملايين , ويشترك فيها مئات الباحثين والعلماء في ميادين السلوك , وهذا على مستوى بعض الجامعات أو إن شئت بعض القسام في عدد من الجامعات , فكيف سيكون الحجم والرصيد المالي على مساحة البلاد وفي جميع المجالات الأخرى؟!
إن المجتمعات المتقدمة لم تتقدم بالعبثية والتصورات الطوباوية والأضاليل والخداعات التي تمتهن الأجيال في المجتمعات المتأخرة, إنها متقدمة بالبحوث العلمية , وسلوك البحث العلمي صار جزء من الحياة اليومية ويؤكد دوره الفعال في أي دائرة أو ميدان عمل.
وهذه المجتمعات تخصص نسبة كبيرة من ميزانيتها للبحث العلمي , ويمكمن القول أن قوة وتقدم أي دولة في العالم تتناسب طرديا مع ما تخصصه للبحوث العلمية في شتى المجالات , أما المجتمعات المتأخرة فأن موضوع البحث العلمي لا يعنيها ولا تقترب منه ولا يوجد في ميزانياتها تخصيصات له , ولا يتوفر وعي إجتماعي لتأسيس الجمعيات المعتمدة على تبرعات المواطنين للصرف على البحوث العلمية اللازمة للتقدم والرقاء.
ويبدو أن من أهم الأسباب الجوهرية لتردي الأوضاع في تلك المجتمعات هو إغفالها لأمية ودور البحث العلمي في معالجة تحديات الحاضر وبناء الأسس الصحيحة لمستقبل أفضل.
ففي المجتمعات المتقدمة لا يوجد أي سلوك أو عمل لا يخضع للبحث العلمي والدراسة والتدقيق والتقييم المتكرر لإستنباط الدروس والعبر ولمنع تكرار الخطأ الذي حصل , فلا تمر أية حالة دون دراسة وتحليل وتحقيق وإستنتاجات وتوصيات وتعديلات تكفل التطور والوقاية من الزلل.
وبما أن مجتمعات الدول المتأخرة مغفلة بحثيا وجاهلة تماما لأهمية وضرورة البحث العلمي , فأنها ستبقى ترزخ تحت سنابك التداعيات والتفاعلات السلبية المتفاقمة التي تأحذها إلى مزيج من الخسران والبهتان , وعليها لكي تتحرر من الضلال والأوهام أن تتعلم كيف تمارس نساطات البحث العلمي في كافة نشاطاتها وسلوكياتها , فكل حالة وموقف يجب أن يكون تحت أضواء البحث والدراسة العلمية المعاصرة.
فالمجتمعات تتقدم بالبحوث العلمية , وتتأخر بإهمالها , وإن لم تتنبه إلى هذا القصور الحضاري الفتاك فأنها لن تتعافى وستبقى تدور في دائرة مفرغة من الويلات الجسام.
فهل ستتمكن الدول المتأخرة من ترسيخ مفاهيم وسلوكيات البحث العلمي وهل للجامعات والمؤسسات التعليمة دور رائد ومنور فيها؟!!
وهل سيتم تخصيص ما يكفي من الأموال للبحوث العلمية؟!!
تلك أهم الفوارق الحاسمة ما بين التقدم والتأخر!!