9 أبريل، 2024 3:53 ص
Search
Close this search box.

البحث عن صلاة الفجر

Facebook
Twitter
LinkedIn

اختفى النهار فجأة وهربت الشمس فلم تعد تلقي باشعتها على المكان ، خطأ ما حدث في الكون فظهرت النجوم بدون قمر ، وكأنها تريد ان تتناول الارض والناس في ذهول، الدوائر اقفلت ابوابها، الطلاب هربوا من المدارس، زحام في الشوارع لايوصف، المستشفيات اوصدت، ليل حالك السواد، نشطت فيه حركة المولدات الكهربائية الاهلية، وكانت خطوات اللصوص سريعة، انتشرت العصابات حتى لم يعد بالامكان الخروج من البيت، لوت النباتات اعناقها وماتت مسرعة، النخيل احترقت رؤوسه الشماء، الحدائق صفراء، الطيور اختفت هي الاخرى واقتصر الامر على الخفافيش، المياه  تعكس حالا غير سار، الاسواق اقفلت،  انتظر الناس صباح اليوم التالي بلا فائدة، لم تعد هناك صباحات تنتظر، اصدرت الحكومة امرا بالدوام الرسمي، وكانت دائرة الجوازات من اكثر الدوائر عملا، بدأ الناس يهربون باتجاه الشمس الى البلدان المجاورة او البعيدة، لانمتلك القابلية على العيش في الظلام، لسنا خفافيش، اختفت الثمار من السوق، لم تعد المحاصيل العراقية متوفرة، حركة الدوام مضطربة وسجلت العديد من حوادث الاختطاف والقتل، الليل حالك والمجرمون يملأون الطرقات، لم تعد هناك شمس مضيئة واختفت اغاني فيروز ايضا، الناس حائرون بعدد الصلوات، واكثر ماكان يؤرقهم صلاة الفجر وصلاة المغرب، اختلف العلماء في هذا الشأن وراحت الفتاوى تصدر من المرجع الفلاني الى المرجع العلاني، ومع هذا لم تحل اشكالية الصلاة، فقرر الجميع ان تكون صلاة الظهر مجزية لكل الصلوات، فكروا برمضان وراحت البحوث والدراسات تنهال على مراكز البحث، كيف سيكون الصيام وماهو الخيط الابيض، فالخيط الاسود موجود اساسا.
بعد معاناة كبيرة وخطيرة، وبعد ان كثرت الجماعات المسلحة، وصار الرؤساء في كل مكان، هذا رئيس الجماعة الفلانية وذاك رئيس الحزب الفلاني، صاروا من الكثرة بحيث ازهقوا ارواح الناس وقضوا على موارد البلد، وصار البلد يجاهر في اعلان افلاسه المالي والبشري، وبعد ان اصبح ابناؤه عبئا على البلدان الاخرى، وفي حركة مفاجئة من دولة كبيرة ومتطورة، قرر رئيسها الجديد ارجاع العراقيين الى بلدهم لانهم يحملون ذكريات مؤلمة ومن الممكن ان يكونوا صورة سوداء تؤثر على مستقبل البلاد، تظاهر العراقيون وطالبوا بالبقاء في ذلك البلد، طمأنهم الرئيس المنتخب بانه سيرجع الشمس قريبا للعراق، لكنهم لم يصدقوا مقالته، العالم مهتم بامر العراق، وهناك لجان كبرى ستنبثق لمساعدة هذا البلد على ارجاع الشمس، طائرات من كل نوع ومن بلدان عديدة تحلق في اجواء العراق، قوات عسكرية كبرى جاءت تبحث عن الشمس التي اختفت في العراق، مؤتمرات ليليلة ومئات المسؤولين العالميين حطوا ركابهم في العراق لمشاهدة الليل السرمدي فيه، كتاب وصحفيون يأتون ويغادرون بسرعة لصعوبة الحياة في بغداد، اصوات انفجارات، عللها احد المسلحين بانها اصوات الحرية، وهذا الليل عقوبة سماوية لان العراقيين لم يختاروا من يمثلهم في سدة الحكم فغضبت السماء وهذا اول علامات قيام الساعة، البندقية كانت تتدلى من يده وهو يلوك الكلمات بلحية كثة ومتسخة، جاءت اللجان العالمية للعمل صعدت الطائرات الى السماء، وشاهد احد الطيارين بصيصا من نور خلف تل من الابخرة والغازات، عاد مسرعا ليرفع تقريره، هناك شمس قد ذوت في الاعلى ياسيدي، هل تعتقد انها الشمس العراقية؟، ارجح ذلك ياسيدي، انها الشمس العراقية المختفية خلف تلك الغازات، وما السبب في تكون تلك الهالة الضخمة من الغازات، ياسيدي لقد احدث العراقيون خللا كبيرا في الطبيعة، لقد حولوا المساحات الخضراء الى مخازن للاسلحة واماكن لاطلاق العتاد، واقل عراقي اقتلع حديقة المنزل وحولها الى كتلة كونكريتية، اما الالعاب النارية فقد اثبتت الاحصاءات ان الصين تصنع الالعاب النارية وتصدرها للعراق فقط، انه يستهلك مليارات الدولارات في استيراد هذه الالعاب ياسيدي، العتاد في اسواق الخضروات المستوردة، تصور ياسيدي انهم يستوردون الطماطم، لم تعد لديهم مساحات خضراء ابدا، واين تعتقد يكمن الحل؟، سنعيد لهم الشمس لبعض الوقت علّهم يستفيدون من تجربتهم السابقة، ويعيدون كل شيء الى مكانه ويحجمون عن الاهتمام بالاسلحة، سنستخدم الطرق الكيميائية بازالة هذه الهالة الضخمة التي تمتد على مساحة العراق باكملها وسيظهر الصباح ثانية، ياسيدي انهم يبحثون عن صلاة الفجر والجثث تملأ الشوارع، سنساعدهم في تنظيف الشوارع، وربما وجدنا صلاة الفجر لهم. 

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب