من خلال اطلاعي على تاريخ الانقلابات في المنطقة بعد الانقلاب الاخير الذي حصل في الجمهورية التركية في الخامس عشر من تموز الجاري بيوم الجمعة ايقنت ان الاجندات الاقليمية العدوة هي في حرب سرية على الدولة التي سيتم اطاحة الحكم بها دون علمها وذلك لأهداف عدة وغالبا ما تكون لضرب المصالح الاقتصادية لتلك الدولة التي تتميز بها و تجعلها لاعبا اساسيا في المنطقة تفوق على اخرياتها وكلنا نعلم ان اعداد امر الانقلاب هو ليس بالأمر الهين فتكون عادة بمساعدة منظمات خاصة لدول اقليمية تقف وراء مجموعة من الانقلابيين وخصوصا في صفوف المؤسسة العسكرية لأنها تملك ما يرعب الشعب وقتل من يعارض ذلك بدم بارد ناهيك عن التوغل في عمق الدولة بمؤسساتها المدنية في اعداد المتآمرين من قبل المنظمة الخاصة للانقلابيين بعد اغرائهم بمناصب خيالية لم يروها بأحلامهم ممن يعشق الرتب العسكرية او الذين ديدنهم المناصب الرفيعة في هيكلية الدولة وان نجاح اي انقلاب عادة ستغير تاريخ دولة بأكملها وقوانينها وتسيطر عليها الديكتاتورية بعد المجازر والدماء التي ستخلفها من ورائها وترجع بالدولة الى الوراء وتجعلها منهكة وان كانت غنية لان القوانين والأنظمة والمؤسسات التي فيها ستنهار ومن الصعب تأسيسها مجددا .
وان تاريخ الدولة التركية منذ تأسيسها خلال القرن الماضي شهد اربعة انقلابات عسكرية دموية تم السيطرة على الحكم فيها بقوة السلاح لكن في فترات اوضاع مختلفة التي كان يمر بها البلاد من مشاكل اقتصادية حقيقية حيث كان المواطن خلالها منهك ومتعب ومعيشته صعبة للغاية لا يعرف مستقبله المجهول وماذا ينتظره وكلنا نعلم ان الجمهورية التركية هي محاربة من قبل دويلات متعددة فغالبا ما كانوا يخترقون الدولة لإضعافها وكسر قوتها وما تتميز بها من عوامل متعددة وذلك عن طريق مؤامرة الانقلاب من الداخل بعد فشلهم الدخول الى الدولة من الخارج بعد شنهم الحروب التي مرت بها تركيا وخصوصا في ملحمة جنا قلعة وبالتالي ان تركيا هي ليست مخترقة اليوم فهي مخترقة منذ زمن الخلافة العثمانية ونتيجة ذلك تم عزل السلطان عبد الحميد الثاني ايضا رحمه الله من السلطة وسيطروا بها على القدس الشريف بعدما كانت الاطماع هي احتلال الاقصى خلال فترة سلطنته .
وبفضل الله وحمده وبعد ان جاء حزب العادلة والتنمية التركي الحاكم من خلال الانتخابات بقيادة السيد اردوغان جرى تغيير مسار الدولة التركية من سيئ الى احسن حيث التطور الاقتصادي والعمراني وبناء دولة المؤسسات وخدمة المواطن وإخراج الدولة من تحت الديون الهائلة التي هي كانت احد اهداف الدول الاقليمية التي نجحت بها بإغراق تركيا بالديون حتى تبقى مقيدة اليدين ولا تتحرك عالميا بحيث اصبحت تركيا من مجموع (111) دولة من حيث القوة الاقتصادية بالعالم الى ( 16 ) وخلال فترة وجيزة بالرغم من مشاكل الارهاب لمنظمة بكاكا الارهابية والخلافات السياسية إلا ان الانتصار كان يتحقق بما كان يخطط له وأصبح المواطن التركي مستقرا في حياته يعرف عمله ونجا من كوابيس الفقر للدولة خلال حقبة الثمانينيات التي كانت لا تستطيع فيها ان تؤمن له العلاج في مستشفياتها واحتضانه فيها لأكثر من يومين ومع كل هذه الاحداث تبين بعد الانقلاب الفاشل من قبل المنظمة الارهابية لكولن ان الاختراق كان مستمرا في داخل الدولة التركية وجرى العمل بها بكل مكر كبير وإبقائها سرا دون علم احد لتطبق اجندات الدول الطامعة بتركيا .
والمنظمة الارهابية لكولن قد توغلت داخل الدولة التركية منذ ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي بحيث عملت على انتماء العسكريين الانقلابيين لها منذ ان كانوا طلابا في المدارس العسكرية وأوصلوهم الى اعلى الرتب العسكرية داخل الجيش التركي لتنفيذ مؤامراتهم الخبيثةوفي ليلة الانقلاب الاسود التاريخ كتب ودون ما جرى بها من احداث لا تنسى والذي كان الهدف الرئيسي الاول هو القاء القبض على السيد اردوغان او قتله نتيجة الاعترافات للانقلابيين التي ادلوا بها وتغيير الحكم .
وللتاريخ ان شجاعة الرئيس اردوغان هي كانت احد النقاط التي افشلت الانقلاب وهو عندما صعد طائرة مدنية دون الطائرة الرئاسية وذهب بها الى مدينة اسطنبول متحديا طائرات الانقلابيين الذين كانوا يبحثون عنه ويقصفون هنا وهناك وأصبح وسط شعبه وفي احضانهم وان علامة الخوف لم تظهر على وجهه ابدا كما حصل على رؤساء سابقين ممن اطيح بهم الحكم ولم يغادر الى دولة اخرى بالرغم من استطاعته ذلك لان الوضع اصبح معقدا وخطابه الذي نادى به الى الشعب التركي بالنزول الى الشوارع لقمع الدبابات للانقلابيين كان على ثقة كبيرة ان شعبه سيفعل ذلك من اجل الدولة التركية ومن اجله .
وان استهداف تركيا بهذا الوقت ومنطقة الشرق الاوسط تحترق هي كانت فرصة لهذه الاجندات الاقليمية ان تدمر تركيا بعد تنامي قوتها العسكرية والاقتصادية التي سيطرت بها على المنطقة عبر مدها الجسور الى دول مختلفة وتعزيز مكانتها بينهم ولكون تركيا تقف حجرة عثر امام مخططات الغرب في المنطقة لكونها هي من تقود المنطقة بسياستها الخارجية الكبيرة .
فان 15 تموز لن تنسى من حياة الكثيرين ممن عاش هذا اليوم فقادة في زمانهم استعانوا بدباباته لقمع انتفاضة شعوبهم من اجل الحرية وقائد استعان بشعبه لقمع انقلاب الخونة في جيشه بدباباتهم وطائراتهم .