23 ديسمبر، 2024 8:53 ص

الانقسامات الشكلية وتأبين الموت القادم

الانقسامات الشكلية وتأبين الموت القادم

مخطئ من يتصور ان هناك من يستطيع اصلاح الامور في العراق بسرعة ، ففي العهد الجديد اعتلت طبقة سياسية لاتملك من تجربة الحكم شيئ، لتغدو وتكون السلطة والقوة بيدها وظلت الصراعات تنخركيان الدولة بالكامل ، وتشكلت الحكومات المتعاقبة من طبقة أحزاب في ادارة الحكم على اساس التحالف والمحاصصة الغير حكيمة والتي لا تعتمد على اسس واستراتيجيات بناء فكانت التجاوزات التي تدعم ظاهرة الاستبداد وتصاعد قمع الحريات ومصادرة الرأي وما شابه ، وزادت من المساحات التي يتحرك فيها اللصوص بحرية داخل البلد، لانها لا تملك القاعدة الجماهيرية الحقيقية التي تستطيع الاعتماد عليها في كشف ومواجهة المجرمين وضعف العمل الاستخباري وعلى هذا الاساس تم الاستئثار بالسلطة والمحافظة على الادارات والمؤسسات لصالح تلك الاحزاب وزرعت حالة من التردد والخوف وعدم التصدي لأخطاء الحكومة ، و كتمان الحق ومراءاة رجال السلطة ومجاراتهم فلهذا كلّما يقترب موعد الانتخابات العامة في العراق، تجد أن هذه الطبقة السياسية تبدأ جملة من المناورات والتكتيكات الكاذبة من أجل ممارسة خداع خفي أو مكشوف للجماهير، وتحاول، بوسائلها الخاصة للبقاء في سدّة الحكم، مهما كلّف الأمر ذلك ومنها الانقسامات الشكلية لذر الرماد في العيون وتأبين الموت القادم والتغطية على الفشل ، فلم تستطيع من تقديم اي مبادرة تنقذ البلد او يسعف العراق من جراحه وتقديم أية منجزاتٍ سياسية أو اقتصادية أو خدمية أو ثقافية اما الامنية فحدث بلا حرج رغم التحسن الجزئي ولانه مر بزمن طويل من الحروب والدماء والآثام والمآسي، وتأخر عن الركب الحضاري الذي يمارسه العالم وظل يراوح في مكانه من التخلف وهو يعاني من هبوط المستوى السياسي عند اكثر طبقاته بسبب الممارسات الظلمة وخاصىة في زمن البعث ، وقد انتهى نظام الحكم السابق منذ العام 2003 وعاش المواطن على امل ان يستجد ما يصلح خراب المجتمع والبيئة والعقلية المشوهة عند العظيم من فئاته وهو يردد ( رب يوم بكيت فيه فلما صرت في غيره بكيت عليه ) حيث تبدل الشعور عند الكثير منهم تجاه ذلك الى كابوس تجربة مريرة، تمنوا انهم لم يعيشوها، وماذاك إلا بسبب التفات أغلب ساسة البلد ورعاته الى مصالحهم الذاتية والفئوية دون اصلاح الحال فقد دمرت المؤسسات الثقافية والاجتماعية والعسكرية والاقتصادية والسياسية وقد استبدلت بالمكونات والطوائف، وسمح للمحاصصة أن تشرذم العراق، ولم ينبثق أي عقد اجتماعي بين المجتمع والدولة، وأوجدت طبقة سياسيّة جديدة ضيعت الطاقات واستبدلت الفكر بالمال والمصالح فزاد الفساد والسرقة والرشوة واللعب بالمال العام ، في ظل غياب القانون والنظام، واتزعت الحس الوطني وحولته الى الفئوية .وانتجت دولة فاشلة و مجتمع منشطر ومتشرذم ومنقسم على نفسه عرقياً وطائفياً وجهوياً مناطقيا، وضعف اكثر القيادات التي اخذت تنظر وسمحت لمن هب ودب من الحكومات الطائفية والمتعطشة لدماء العراقيين بالتلاعب والعبث والتدخل السافر في شؤون البلد واللجوء الى تلك الحكومات الاعداء والسقوط في احضانهم ونسيان عبثهم الماضي وجرائمهم الدموية بحق الشعب العراقي .. لذلك لابد من فضح هذه الظواهر والوقوف بوجهها من قبل اهل العلم ونعني بهم نخب المجتمع، وهذا أيضا دور كل انسان له القدرة على القيام بالحفاظ على الحقوق والواجبات التي تحفظ بدورها كرامة الانسان، وحرياته التي لا تضر بحريات الآخرين.

للنخب دور مهم في ادارة كشف ومكافحة الفساد، وتصحيح الفشل الحكومي أيا كان حجمه او نوعه، بالاضافة الى أن المتنورين وأهل العلم والعارفين ببواطن الامور وظواهرها، لهم دورهم في تنوير الناس وتوجيههم نحو مساندة الحق ومقارعة الباطل، لأن هذا الطريق مع التضحيات والخسائر التي يتسبب بها لكنه بالنتيجة، هو طريق الخلاص من الظلم، وتصحيح عمل الحكومة والقضاء على رؤوس الفساد والإتيان بقيادة تدير البلاد وفق معايير العدالة والمساواة .و ليس هناك من يستطيع أن يقوم بهذا الدور على الوجه الأفضل، سوى النخب الحريصة التي تشعر بالمسؤولية و تقود المجتمع ( الدينية والسياسية والاجتماعية والمهنية )

هي المسؤولة عن ذلك بالدرجة الأولى، لكي تؤدي دورها الصحيح حيال تعنت السلطات وايغالها في سلب حقوق الناس مقابل الحفاظ على مصالحها، فإذا كان الفرد لا يعي حقه ولا يعرف كيف يسترده ويجهل الطرق التي تقوده الى ذلك، فمن واجب النخب القائدة أن تبيّن له تلك الطرق والسبل والوسائل التي تذهب به للحصول على الحقوق . وفي حال ترددها، او تهرّبها من اداء دورها الحاسم في هذا المجال علينا ان ننتظر كارثة كبرى تطيح بالمجتمع وسوف تصبح أكثر خطرا وتدميرا للدولة لا تقوم لها قيامة