الدستور العراقي الذي أقر عام 2005 نص بصورة واضحة على ان العراق دولة اتحادية ذات نظام برلماني ، وبالتالي فأن هذا الاتحاد هو اتحاد مكونات وليس كيانات أو احزاب ، أي بمعنى أن العراق لم يكن مقسماً حتى الدستور الحالي يدعو الى وحدة اراضه وشعبه ، بل أن الدستور رسخ مفهوم الاتحادي ، وجعل المكونات حرة في اختيار نظامها ، وهنا لابد من تساؤل مشروع عن ماهية الحلم الكردي والذي ما زال يراود الاكراد منذ عشرات السنين ، فهل يا ترى حان الوقت لاعان دولتهم ؟ وهل ظروف المنطقة تسمح بإقامة هذه الدولة ، خصوصاً وأن الوضع الاقليمي رفض هذا المشروع ، ناهيك عن الموقف الدولي والذي أكد على ضرورة ايقاف هذا المشروع والذي سيزحزح استقرار المنطقة ، ويدعو الآخرين لإعلان انفصال عن بلدهم الأم كما هو الحال في تركيا وسوريا وإيران ، ومن جانب آخر هل يمتلك اقليم كردستان مقومات هذه الدولة ، خصوصاً وأننا نعيش تناقضات وصراعات المنطقة وخارطة التقسيم القادمة لامحالة ، فياترى هل يمتلك الاكراد مقومات ومقدمات دولتهم .
الاكراد بدأوا تحركهم بعد دخول داعش الى الموصل وصلاح الدين ، وعاشوا على انقاض هذا الغزو البربري ( الداعشي ) للعراق ، والذي يتحمله السياسيين جميعاً ، واعتمدوا على هشاشة الارض في بسط نفوذهم من جانب ، وضعف الموقف الحكومي من جانب آخر ، لهذا بدوأ يتسللون للوصول الى مناطق كانوا يحلمون ان يصلون لها في ديالى وصلاح الدين والموصل ، وبدأوا يرفعون الشعارات والتي يعلم جيداً قادة الكرد انهم أكبر من هذه الشعارات ، لانهم لا يملكون مقومات هذه الشعارات ، فالعراق بلد يحده حدود ومتغيرات خطيرة وكبيرة ، والمنطقة عموماً لا تتحمل مشاريع أخرى غير التي مخطط لها ان تكون ، وعلى الرغم من كل ذلك الا ان العراق البلد الوحيد الذي سيكون عصياً على التقسيم ، ولا يمكن بأي حال من الاحوال ، وان أي اجراء للانفصال لا يكتب له النجاح ، لان كردستان هي جزء من العراق ، وان أي خطوات لا يمكنها ان تتم ما لم يتم تنسيقها مع الحكومة المركزية ، خصوصاً وأن هناك ملف غاية في التعقيد الا وهو المناطق المتنازع عليها والذي لم يحل أو توضع له إجراءات وأسس سليمة تكفل حقوق الجميع دون استثناء .
كما ان الوضع الاقتصادي لإقليم كردستان ، والذي بدا متعباً ومنهكاً ، سوف لن يساعد حكومة الاقليم على ان تفتح ساحة حرب مع الحكومة الاتحادية ، إذا أخذنا بنظر الاعتبار الموقف الشعبي والحكومي الرافض لهكذا إجراء يمس السيادة العراقية ، وان أي خطوة باتجاه الاستقلال والانفصال لن تتم ما لم تتم حل القضايا العالقة بين الاقليم والمركز ، عبر الحوار البناء والهادف ، والجلوس على طاولة الحوار ،بدلاً من قرقعة التصريحات التهديدات من هنا او هناك ، الى جانب ضرورة تخلي السيد البارزاني عن شماعة الانفصال للهروب من مشاكله الداخلية ، والوقوف بشجاعة لحل هذه المشاكل ، ومد يد التعاون مع الحكومة المركزية ، لمعالجة مشاكل الاقليم والنهوض به اقتصادياً واجتماعياً وبما يحقق الرفاهية للعراق أجمع ، الى جانب الموقع الجغرافي لإقليم كردستان ، والذي يقف بالضد من مشروع الانفصال ، فكردستان العراق لا تمتلك اي منفذ بحري ، واذا امتلكت منفذاً برياً عبر جيرانها فانهم اعلنوا موقفهم الرافض لأي خطوات باتجاه الانفصال عن البلد الام .
يبقى الصراع الداخلي في الاقليم ، والذي هو الآخر مثل تحدياً امام البارزاني ومشروعه الانفصالي ، فالجميع يقف امام هذا المشروع من القوى الكردية ، ويعتبرون مشروعه محاولة للهروب من الصراعات الداخلية في الاقليم ، كل هذه اسباب دفعت القيادات الكردية على العجلة في أجراء الاستفتاء ظناً منها انها قادرة على الاختباء وراءه ، لهذا كله فان الجميع لا ينكر حق الشعب الكردي في تقرير مصيره ، ولكن لا يكون على حساب مصالح الشعب العراقي ، وان لا يكون بقرارات انفرادية من الاكراد ، بل ينبغي ان يكون بالجلوس الى طاولة الحوار مع الحكومة الاتحادية ، وايجاد الروئ الموحدة بينهما في جميع الاتجاهات بما تصب ومصلحة العراق وشعبه .