23 نوفمبر، 2024 2:45 ص
Search
Close this search box.

“الانفصالي” في بغداد… هل جاء نادما؟

“الانفصالي” في بغداد… هل جاء نادما؟

يقول تشي جيفارا، ان مثل الذي باع بلاده وخان وطنه مثل الذي يسرق من بيت ابيه ليطعم اللصوص فلا ابوه يسامحه ولا اللص يكافئه، هذه المقولة التي مرت عليها عشرات السنين، اختلف مفهومها في بلادنا وأصبح الخائن المنبوذ من اللصوص، يُستقبل من قبل مايسمى بقادة البلاد التي أراد تقسيمها وخلق فتنة “تاكل الأخضر باليابس” بالسجاد الأحمر والابتسامات العريضة، متناسين “حرب التصريحات” والتهديدات التي كان يطلقها حامل راية الانفصال السيد مسعود البارزاني من قصره في مصيف صلاح الدين.
فماحدث خلال زيارة البارزاني الى بغداد لا يمكن وصفه بغير “المهزلة” منذ نزوله من الطائرة الخاصة في المطار واستقباله من قبل رئيس اعلى سلطة تشريعية وهي مجلس النواب، على الرغم من انه لا يملك اي منصب حكومي او تشريعي سوى رئيس حزب سياسي “يقصي” معارضيه ويمنعهم من دخول المدينة التي يسيطر عليها بنفوذ حزبه، فهل هناك اكبر من هذه الإهانة التي تجاوزت جميع الاعراف الدبلوماسية والبروتوكولات، واثبتت حقيقة واحدة لا تقبل التأويل بان “أحزابنا وقادة ركبنا” مستعدون للتضحية بجميع “عُبَّاد الله” مقابل الحفاظ على مصالحهم وتجديد مناصبهم، في حين تنعكس المعادلة في بلاد “الغرب” ليكون مصير زعيم اقليم كتالونيا الانفصالي كارليس بوتشيمون الاعتقال ومحاكمته بتهمة التمرد، بعد محاولته لانفصال عن اسبانيا، وليس المجاملة على حساب وحدة الوطن واحترام كرامة مواطنيه.
نعم ياسادة… البارزاني الذي لم يلغي نتائج الاستفتاء على الانفصال رغم مطالبات دولية واقليمية وخطابات “ثورية” لجهابذة السياسة تصدعت بسببها رؤوسنا ليلا مع نهار، واصر على تأجيل العمل بها لحين توفر الفرصة الملائمة ولتكون ورقة تهديد يرفعها في الوقت الذي يختاره، جاءكم اليوم خالعا الزي الكردي الذي تعودنا ان نراه في جميع جولاته الداخلية، ومرتديا بدلة رسمية يعتمدها في زياراته الخارجية وهي رسالة واضحة بان كردستان لم تعد جزءا من العراق في ادبيات السيد البارزاني، الذي اختار وقتا مناسبا لزيارته يتزامن مع مغادرة رئيس الجمهورية برهم صالح الى العاصمة الإيطالية روما، لكي يتجنب لقائه لعدة اسباب ابرزها عدم تذكر مرارة الهزيمة باختيار برهم صالح رئيسا للجمهورية والتي مازال يشعر بها حتى الان وطبقها بمنع رئيس جمهوريتنا من الدخول الى اربيل التي يسيطر عليها كرئيس عصابة لا تفارقه “النزعة القبلية”.
قد يتهمني البعض بالتحامل على البارزاني ومحاولة “تعكير” اجواء زيارته، لكن الحقيقة لا يمكن تجاهلها فالرجل مازال يفكر بعقلية الجبل والقبيلة ولا يمكنه التخلي عنهما، والتي كانت ذاتها سببا في فصل والده المُلا مصطفى البارزاني من الحزب الديمقراطي الكردستاني بقرار اتخذه اعضاء المكتب السياسي للحزب خلال العام 1964، لتكون الشرارة الاولى في الانقسام الكردي والتي جعلت الحزب الديمقراطي جناحين احدهما يقوده المُلا مصطفى البارزاني والذي عرف حينها (بالملالي) والآخر يقوده الراحل جلال الطالباني ووالد زوجته ابراهيم احمد وكان يسمى (بالجلاليين) ليعلن بعدها الانشقاق وتشكيل الاتحاد الوطني الكردستاني بسبب اتساع الصراع بين الجناحين وتحوله الى “نزاع مسلح” كانت فيه حرب الابن لأبيه واضحة حينما انضم ابناء الملا مصطفى من زوجته الاولى (لقمان وعبيد الله وصابر) الى الجلاليين في قتالهم ضد البارزاني الأب بسبب رفضهم لسياسته وطريقة تعامله مع رفاق دربه.
تلك الأحداث يجب ان تكون دروسا لعدم منح الثقة للبارزاني الذي اعاد سيناريو والده مع جلال الطالباني حينما باعه لصدام حسين، وصفق للمالكي حينما اصبح رئيسا للوزراء وبعدها استضاف مؤتمرا في اربيل لسحب الثقة عنه، وفِي 2014 كان يهتف للعبادي ويتغنى “بسياسته الناعمة” وبين ليلة وضحاها اصبح العبادي بنظره “رجل حرب احتل كركوك بالقوة”، وهو اليوم يصف رئيس الوزراء عادل عبد المهدي “بصديق الكرد”، لكننا لا نعلم متى ينتهي مفعول هذه الصفة بأدبيات السيد البارزاني.
الخلاصة… ان استقبال البارزاني بهذه الطريقة جعله بموقف القوي الذي يستطيع فرض شروطه في اي وقت يختاره، وهي مسؤولية يتحملها قادة القوى السياسية الذين عليهم تبرير الأسباب امام المواطن الذي منحهم الثقة وردد هتافاتهم التي وصفت البارزاني “بالخائن”… اخيرا.. السؤال الذي لا بد منه… هل جاء البارزاني نادما ام انها “حيلة” لبيع بعض المعارضين؟…

أحدث المقالات

أحدث المقالات