23 ديسمبر، 2024 6:49 ص

الانشقاقات السياسية في الاحزاب

الانشقاقات السياسية في الاحزاب

الحزب الاسلامي و المجلس الاعلى أنموذجاً
من يتابع مسار الانشقاقات السياسية في الاحزاب عن كثب يكتشف أنها ليست وليدة اللحظة أو تحدث بشكل فجائي وإنما تمر بمراحل عدة ، ثلاثة مراحل يمر بها المنشقون
عن الأحزاب السياسية …

أولاً : مرحلة معارضة أفكار أو قيادة الحزب، المعارضة هي الخطوة الأولى للانشقاق ، والتي تحدث نتيجة اتخاذ قرارات من قبل القيادة دون مراعاة المعترضين ؛ ومع زيادة المعارضة وفشل قيادة الحزب في احتواء الموقف تتصاعد الأزمة، وهذا يؤدي في نهاية المطاف إلى حدوث انقسامات يغلب عليها الصراع.

ثانياً : مرحلة الصراع الداخلي، وتأتي مرحلة الصراع بعد المعارضة ويشتد الصراع عندما يضم الحزب فصائل متباينة ذات مصالح مختلفة ؛ وأن جوهر الصراع هو الاستقطاب الكبير بين الأجنحة التي لها تطلعات متباينة يصعب التوفيق بينهما في آن واحد، فمع غياب قنوات التواصل بين تلك الأجنحة المتصارعة يعمل كل طرف على إزاحة الآخر مما يؤدى إلى اتساع دائرة الصراع.

ثالثاً : مرحلة اتساع دائرة الصراع والانشقاق عن الحزب، والتي تحدث عندما يصبح الصراع غير مقتصرًا على القيادات فحسب، بل يمتد إلى أتباعهم ؛ كما يصعب الأمر عندما تتساوى قوة الفصيلين المتصارعين، ويصبح الرئيس طرفاً فيها، والمشكلة الاكبر اذا كان قائد الحزب غير محايد ويعرف الخلل من اي طرف ولا يتكلم ويميل لفصيل يحقق مصلحته الشخصية ؛ وهو ما يدفع الفصيل الاخر بالانشقاق عن الحزب.

لكن هناك مرحلة أعتبرها أهم من المراحل الثلاث التي ذكرناها ؛ وهو الصراع الحزبي بين الجيل القيادي السابق مع الجيل القيادي الجديد ؛ كما حصل في المجلس الاعلى و الحزب الاسلامي على سبيل المثال .

تشير مصادر تمكنا من الحصول عليها ان سبب الصراع الذي يدور في الحزب الاسلامي منذ عام ٢٠١٤ هو بين قيادة متقدمة في السن تمسك بتلابيب الامور داخل الحزب سياسياً و مالياً ؛ وبين قيادة شبابية ترى ضرورة إشراكها في القرار السياسي ؛ فضلاً عن ضرورة إحداث ثورة في التجديد الفكري و السياسي كي يتلاءم العمل و الخطاب مع الواقع الداخلي للحزب وعدم نسيان البعد الاقليمي والدولي ؛ وهذا الصراع دفع قيادات شبابية بارزة للخروج من الحزب على رأسهم سليم الجبوري الذي شكل حزباً سياسياً اسماه التجمع المدني للاصلاح .

أما المجلس الاعلى فكانت بوادر الانشقاق فيه واضحة كون من يقوده شاب هو ( عمار الحكيم ) الذي رأى ضرورة اعطاء فرصة للشباب وكانت النتيجة ايجابية كما تابعنا في المجلس سياسياً واعلامياً ؛ وهذا دفع قيادات ترى نفسها مؤسسة للثورة على الحكيم ومن معه ؛ وأدى ذلك الى انقسام في المجلس بين الشيوخ و الشباب كما تابعنا قبل أيام .

رسالتي الى الشيوخ في الاحزاب السياسية الآخرى …
(أسمحوا للجيل الجديد ان يعمل )
( دعوهم يشاركون في القرار )
( لا تروجوا لفكرة انهم مراهقون )
( الاحزاب الحقيقية التي تبقى في المشهد هي التي تصنع قيادات لا تخلد وجوه يمل منها أعضاءها قبل جمهورها )
واذا لم تفعلوا ذلك ثاروا عليكم وبعدها انشقوا كما حدث في الحزب الاسلامي و المجلس الاعلى .