23 ديسمبر، 2024 5:59 ص

الانسلاخ و ثقافة الوهم

الانسلاخ و ثقافة الوهم

o عندما تنطفئ شمعة الأمل يقفز الإنسان من سلم الحياة الى عش جديد لا يعلم فحواه فهو هروب من واقع اقوى منك و هذه هى ثقافى (الإنكباب)
o عندما يفشل الإنسان لأسباب و هى 100% اقتصادية يغادر عشه بحثاً عن بديل و اثناء تلك المسيرة يكون فخ الانسلاخ قد أُعِد له  و هو يسير باتجاه و بمشيئته!
o إن اهم حالات الانسلاخ هى التى تقع بعد الحروب و الأزمات الاقتصادية و الهزائم العسكرية أو حالات تتم فى واقع معيشى عادى و لكن نجد البعض يعيش مع علامة استفهام تسير معه مثل إسوارة (الإنجل) او ألملاك دون ان يحاول ان يجد حالاً و المشكل دائماً يكون الحل بالهروب!
سلوم ترك بلده و سفر الى الخارج و استقر فى بلد الزبدة و سرعان ما حلوت الدنيا فى عينيه ة و بدأ بالتهام الحياة. لقد حاول ساوم ان يبحث عن ابن عمه و صديقه و الذى كان يتهرب من لقاءه و استغرب ساوم لهذا التصرف و قرر قنصه و ذلك بانتظاره قرب جامعته و تم له ذلك و اقترب منه و قال مرحباً اخيراً لقيتك و لكن سلوم وجد شخصاً آخر غير ابن عمه الذى كان يقضى طول الليل فى عربدة و سهرات و يعشق ألغناء فلقد اطلق لحيته و اصبح ملتزم كما هو قانون الحياة الجديد و عرف سلوم لماذا لا يريد ابن عمه لقاؤه و قال له ابن عمه ارجو تعذرنى فأنا اليوم انسان جديد ولدت فى الغربة و عرفت الله و هجرت الحياة الماجنة و إذا انت مازلت كذلك فأرجو ان تبتعد عنى و لم يتكلم سلوم و قال له انها حياتك يا اخى و قال له ابن عمه الآن وقت ألصلاة فهل سوف تذهب معى الى الجامع؟ فرد سلوم كلا فأنا لا أصلى فنهض ابن عمه و قال إذن الى اللقاء عندما يهديك الله! و افترقوا و نزلت الدمعة الأولى من سلوم و خسر صديق و ابن عم الذى اختار طريق الجنة.
 تقلبت الأيام بسلوم وعشق الحرية وقرر الانخراط فى الفكر الآخر و هو اليسار و الاشتراكية و كانت باختياره و ردة فعل للتيار الآخر الذى يؤمن بأنه مجرد وهم فكر جاء من المجهول. انخرط فى التهام الفكر الماركسى و العلمانى و الأوروبى و التحررى و التقاء عشرات الفتيات و عاش فى ثبات و نبات و اسس عشيرة فى رحلة ألم بعيداً عن الوطن و الحب و الحنان و العائلة! و اصبح قائد لفكر توزيع الفقر و عدم الفناء فى رحلة سرمدية جميلة اسمها حياة قبل الممات!
تقلب قارب الزمن فى سلوم الحبوب ووجد نفسه بعيداً عن متع الدنيا ووحيداً و العالم حوله يتغير و مع موجة الثراء التى عمت عالم اليوم عالم اللصوصية و البوندية وقع فى فخ قيم التعفف و الشرف و المثالية أو ركب قارب المال و المبكى المضحك رمى نفسه فى قارب المال و لكن فى المؤخرة فبنصف جسده فى القارب و نصفه الآخر فى الماء فهو لا يستطيع ان يكون لصاً أو قديساً .. و هذه إشكالية اليوم ..
الغربة سكينة دوماً قاتلة مهما تعتقد بالحلم الجديد و للبعد عن الوطن و خصوصاً غادرنا أوطاننا و نحن نئن من الألم فلقد سرقنا حلمنا و استوطن (الأغراب) الحكام فى ارضنا و هنالك كانت الصدمة الجديدة.
صدمة الغربة و التراث و ابن العم و العوز و الفشل و هذه صدمة الصدمات و حاول الهروب الى المجهول ..!
ما هو المجهول؟ لقد ذهب الى السوق و اشترى شماعة و علق عليها الوهم اسمه الوطن و كل ما يتعلق بثقافته القديمة و اصله اللذى ظل طول عمره يتفاخر به!
ابن عمه الذى اختار طريق الجنة قرر زيارته و التقى به ووجده مختلفاً كليا فهو نزع جلده و اصبح شخصاً جديداً فلقد انتمى لثقافة البلد الجديد و اعوج حلقه و نسى لغته وقفز فى تيار المجتمع الجديد و تبنى افكاره و بدأ يدافع عنها اكثر من اهل البلد انفسهم و يقوم بإسقاطات ثقافية من القديم اى ثقافة بلده  و اهله وانزلها بالبراشوت على هذا البلد الصناعي فلقد خلق كذبة و صدقها و بدأ بتطويرها.
و قام ابن العم هذه المرة بتركه و طلاقه بالثلاثة! و سوف اصف لكم حالة هذا الإنسان العربى الأصل صاحب ثقافة عريقة مثل الحية عندما يتغير جلدها ماذا يحدث؟!
تقوم الحية بحجز نفسها بين حجرين و تضغط نفسها بينهما فينسلخ الجلد بين حجرين وتخرج حمراء من جديد, ولكن هذه سنة حياة الحية و ليس الإنسان. إذن ماذا حدث لسلوم؟
الإجابة بسيطة, الحجر الأول هو ثقافته و الحجر الثانى هو ثقافة البلد الجديد, فهو خسر جلده الأصلى و خرج مرة اخرى للعالم كما ولدتنى امى .. عريان, ولكن عريان ثقافياً و فكرياً ..
حكمة اليوم: الوهم ثقافة تأتى من الضعف و الضعف هو اختيارنا مهما قست الحياة.