18 ديسمبر، 2024 11:59 م

الانسحاب التركي مناورة ام حقيقة؟

الانسحاب التركي مناورة ام حقيقة؟

على ما يبدو شكوى العراق بشأن انتهاك تركيا لسيادته والاعتداء عليه اتت اؤكلها ، على الاقل التصريحات التركية تؤكد انها تستعد للانسحاب ..وحسناً فعلت الحكومة العراقية ايضاً حينما قالت ان الاجراءات التي تقدمت بها الى المجتمع الدولي سوف تستمر الى ان يخرج الجنود الاتراك من بلادنا .الضغط الذي مارسه المجتمع الدولي هو الذي اجبر الحكومة التركية على موقفها الجديد من السيادة العراقي واحترام القانون الدولي .نعم نحن والجوار العراقي بحاجة الى علاقات حسنة مبنية على الاحترام المتبادل والتكافؤ والمساواة والالتزام بالقانون الدولي ، وهذه المبادئ هي التي تمكننا جميعاً من مواجهة التحديات والتعاون البناء لما فيه خير شعوبنا ، بما في ذلك محاربة الارهاب والتطرف والعنف وتوطيد السلم في ربوع بلداننا . ان مثل هذه العلاقات المبنية على مبادئ واسس واضحة وصحيحة يمكن ان تسهم في القضاء على( داعش الارهابي) وغيرها .. وليست محاولات استثمار الازمات التي يمر بها احد البلدان لاجندات ضيقة ومنافع وقتية زائلة .
ما كان للحكومة التركية ان تتدخل في شؤوننا لو كانت قوانا السياسية وكتلنا تمتلك رؤية واضحة وسليمة لبناء الدولة في عهدها الجديد ، وتخلصت من التناصرات والتناقضات التي تنهش حكومتنا وشعبنا العراقي بكل اطيافه ومكوناته .
نحن في عالم لا مكان فيه للدولة الهشة والضعيفة التي لا تحصن وضعها بوحدة وطنية صلدة على اسس قانونية ودستورية ، وتنبذ المحاصصة والعنف مكامن الضعف الذي نحياه الان ..
للاسف حتى اننا لا نفكر في التطورات لدى الجيران مع احترامنا وتقديرنا ونصوص دستورنا التي لا تتيح لنا التدخل في شؤون الغير ، ولكن يجب الا نكون اسرى ورهائن سياسات حكومات ليست لنا يد في نشوئها وحكمها لبلدنا ، والتي قد لا ترعوي حسن الجوار وما الى ذلك من ضرورات العلاقة الطبيعية وتحاول التمدد على حساب الاخرين متى ما توهمت بانها قادرة على ذلك .
اليوم ، يفرض علينا الظرف العالمي ان نطور علاقاتنا مع محيطنا العربي والاقليمي ، وان يكون لنا اكثر من منفذ لتصدير نفطنا ، ولا يجوز ان نرهن المورد الرئيس برغبة حاكم او مزاج حكومة او موقف لا يمكن ان نؤثر به على الاخرين .. ونتساءل ماذا نفعل لو ارادت تركيا منع تصدير النفط من الاقليم او حقول كركوك ؟. هل انجزنا البدائل التي نتحدث عنها ولا نعمل على دق ركيزة لتنفيذها ؟.
منذ زمن طويل ويجري الحديث عن انابيب النفط بين العراق والاردن ومع السعودية ومع سوريا ، وبالتالي نجد بعد عقود ان نفطنا لا منفذ له سوى الخليج الذي قد يهدده طارئ .
صحيح الاوضاع مضطربة في بعض هذه البلدان ولكن الاخرى مستقرة ومازلنا لن ننجز ما هو متعلق في داخل الاراضي العراقية ، ولا ربطنا الاقليم او فحصنا الخط السابق الذي يربطه بالجنوب ولا قمنا بتسوية خلافنا مع السعودية بشأن انبوب النفط الذي استولت عليه من دون اتفاق معنا .
ان هذه المشكلات وغيرها مرتبطة ومرهونة ببناء حكومة قوية على دستورية والقيام بتسويات تاريخية لحل الخلافات بين مكونات شعبنا وانهاء المشكلات والمعضلات التي تعاني منها ، وباختصار استكمال بناء مشروع الدولة الوطنية العصرية .
ان متانة وضعنا واستقرار بلادنا وانهاء كل اشكال التطرف هي السبيل الوحيد لتحصين العراق ودفع الطامعين وردهم عنه وجعل الانسحاب حقيقة ملموسة وليس مناورة لكسب الوقت وتكراره متى شاءت تركيا