8 سبتمبر، 2024 2:56 ص
Search
Close this search box.

الانسحاب الامريكي — هل تكون مرحلة جديدة في عمق اللادولة ؟

الانسحاب الامريكي — هل تكون مرحلة جديدة في عمق اللادولة ؟

نهاية العام الحالي،من المفترض انسحاب القوات الامريكية والاجنبية الاخرى من العراق مع قرب انتهاء المهلة التي أعلنت خلال الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الى البيت الأبيض، والتقى عبرها بالرئيس الأمريكي جو بايدن،ألا ان قائد قوات مكافحة تنظيم داعش في العراق الجنرال الأمريكي جون بيرنان، اكد خلال مؤتمر صحفي عقد التاسع من ك الاول الحالي، ان القوات الأمريكي “لن تنسحب من العراق” مؤكدا، ان قوات بلاده ستبقى داخل العراق لممارسة مهام عملها الجديدة التي انيطت بها، موضحا ان الأوامر الامريكية من البيت الأبيض تضمنت “تغييرا في مهمة هذه القوات”، وليس سحبها من العراق, ووصف الجنرال برينان، بقاء القوات الامريكية في العراق بعد موعد الانسحاب المزعوم بــ “المرحلة الجديدة”، التي ستمارس خلالها القوات الامريكية مجموعة من المهام الجديدة، تتمحور حول دعم، تدريب وتطوير القوات العراقية، مؤكدا ان بقاء هذه القوات يأتي بطلب رسمي مباشر من الحكومة العراقية في بغداد، امر لم تعلق عليه حكومة الكاظمي، بحسب ما أوردت صحيفة النيويورك تايمز في تقرير نشرته في التاسع من الشهر الحالي. صحيفة ذا هيل الامريكية، أوردت من جانبها تصريحات للمتحدث الرسمي باسم البنتاغون الأمريكي جون كيربي اكد خلالها، ان القرار الأمريكي بإبقاء القوات يأتي بعد “انهاء المحادثات مع بغداد”، مشيرا الى ان بقاء هذه القوات يحظى بدعم وموافقة من الحكومة في بغداد، وموضحا، ان عدد القوات الامريكية التي ستبقى في العراق بعد الانسحاب المزمع، لن تتغير نهائيا، حيث ستحتفظ الولايات المتحدة بالعدد الحالي من الجنود والبالغ 2500 جندي امريكي، بالإضافة الى المتعاقدين العسكريين مع الشركات الامريكية الأخرى، والتي لم يكشف عن اعدادها حتى الان.واشاركيربي خلال تصريحاته أيضا الى الموقف الأمريكي في البيت الأبيض بشكل غير مباشر، قائلا “لقد ضحى العديد من رجالنا ونسائنا في القوات المسلحة الامريكية بحياتهم لمكافحة تنظيم داعش في العراق، التزامنا بتلك التضحيات يجبرنا على المحافظة على اتفاقتنا مع الحكومة العراقية التي دعتنا عبر عمليات العزم الصلب، لمكافحة التنظيم، والاستمرار بشن الحرب ضده، من خلال تقديم النصح والتدريب والمشورة للقوات العراقية
ورغم الضجة التي صاحبت الإعلان عن الاتفاق، فإنه يجدر الإشارة إلى أن الانسحاب الأمريكي من العراق ليس انسحابا كاملا على غرار السيناريو الأمريكي في أفغانستان إذ قررت إدارة بايدن الانسحاب الكامل من أفغانستان قبل الحادي عشر من أيلول 2021
الانسحاب الامريكي الكامل من العراق سيضر أيضا بمصالحها، وفقا لما ذكره باحثون من منظمة “راند” البحثية ومقرها ولاية كاليفورنيا الأمريكية في تقرير نشر في مايو / أيار عام 2020 بشأن خيارات أمريكا في العراق, وأشارباحثون إلى أن “دعم عراق مستقر وصديق يخدم المصالح الأمريكية طويلة الأمد، فضلا عن أن التواجد (الأمريكي) طويل الأمد سيحافظ أيضا على النفوذ الأمريكي في العراق وبالتالي يمكن أن يساعد في تخفيف النفوذ الإيراني والروسي وأشكال أخرى من النفوذ الخبيث
في تقديرنا أن أمريكا هي التي أدخلت العراق في هذا النفق، وبالتالي هي المسؤولة، وبالذات مع وجود حكومات غير نقية، عن سلامة العراقيين، وفي كل الأحوال خطوة الانسحاب ليست مريحة وبالذات مع استمرار حالة اللادولة في العراق! في كل الأحوال نتصور أن أمريكا ستكتفي ببضع قواعد في العراق، وبالذات قاعدة (عين الأسد) الاستراتيجية في الأنبار، غربي العراق، وقاعدة (الحرير) في أربيل، في كردستان العراق، وربما قاعدة التاجي ببغداد، فضلاً عن (القاعدة الدبلوماسية) المتمثلة بالسفارة الأمريكية التي تعدّ السفارة الأكبر في الشرق الأوسط، أو العالم. وأمريكا لن تترك العراق بدون ضمانات آنية، أو مستقبلية لأننا لا يمكن أن نتصور أنها بذلت وقدمت كل هذه التضحيات لوجه الله تعالى، بل هي قامت بذلك طبقاً لخطط استراتيجية؛ ولهذا لا يمكن تبديد هذه المخططات بسهولة كما يتوهم البعض دون أي مكاسب استراتيجية لواشنطن!
الخلاصة هي أن العراق من الدول المهمة بالنسبة لواشنطن سواء بسبب موقعه الاستراتيجي، أو لتماسه المباشر مع إيران والخليج ، أو لغير ذلك من الأسباب ولهذا ستبقى أمريكا في العراق، ولن ترحل عنه بسهولة، على الأقل في الآجال القريبة والمتوسطة المرتقبة.

 

أحدث المقالات