23 ديسمبر، 2024 2:19 م

الانسان مُسير أم مخيّر ؟

الانسان مُسير أم مخيّر ؟

-1-
ثمة اسئلة تتردد على الألسن دون انقطاع …، لاتعرف لها سقفاً زمانيا ولا مكانيا …
من قبيل السؤال التقليدي المعروف :
هل الدجاجة من البيضة ؟
 أم البيضة من الدجاجة ؟
ومن هذه الاسئلة أيضا ، السؤال التالي :
هل الانسان مُسيّر أم مخيّر ؟
هل يملكُ أمرَه ويفعل ما يفعل بارادته ، أم ان هناك قوةً تدفعه للاتيان بالعمل؟
-2-
وبعيداً عن كلّ النقاشات الفلسفية والطروحات المعمّقة ، من المفيد جداّ ان ننقل هنا سؤالاً، قام (النعمان بن ثابت) بتوجيهِهِ الى الامام الصابر (موسى بن جعفر الكاظم {ع})
والامام الكاظم يومها ، صغير السنّ ولكنه كبير المعرفة ، عظيم القدرة على الاقناع .
وقد نقل السيد المرتضى (علم الهدى) في أماليه نص السؤال والجواب
قال النعمان للامام :
(جُعِلت فداك
ممن المعصية ؟)
وواضح هنا ان السؤال يُعنى بمعرفة الفاعل الحقيقي .
هل هو ” العاصي” الذي ارتكب الذنب، وبه استوجب العقاب، أم أنه مُجبر على اتيان المعصية من قبل الله ، فلا يسوغ حينئذ معاقبتُه على مالم يكن له يدٌ فيه ؟!
” فنظر اليّ ثم قال :
(اجلس حتى أخبرك ،
فجلستُ فقال لي :
” ان المعصية لابُدَّ ان تكون :
من العبد ،
أو من ربّه ،
أو منهما جميعاً “
وهنا حَصَرَ الامام الكاظم (ع) مصادر المعصية حصراً
انها ثلاثة مصادر فقط وهذا حصر عقلي :
1 – امّا ان تكون المعصية من العبد .
2 – وامّا ان تكون من الله .
3 – وامّا ان تكون منهما .
ثم قال الامام :
” فان كانت من الله فهو أعدل وأنصف من أن يظلم عبده ويأخذه بما لم يفعله “
وهذا هو مقتضى العدل .
فكيف يُعاقب الله عباده على المعاصي اذا كان قد أجبرهم عليها ؟
فهذا الاحتمال مستبعد مرفوضقطعاً .
” وان كان منهما، فهو شريكُه، والقويّ أولى بانصاف شريكه الضعيف “
واذا كانت المعصية قد وقعت بفعل العبد والرب على نحو الشراكة ، فالله أقوى الشريكين .
ومقتضى الانصاف ان لايعاقب القويُّ الضعيف .
وهذا الاحتمال باطلٌ كسابِقِهِ .
ولم يبق الاّ الاحتمال الثالث “
(وان كانت من العبد وَحْده ،
فعليه وقع الأمر ،
واليه توّجه النهي ،
وله حق الثواب والعقاب ،
ووجبت الجنة والنار “
ان المعصية انما تقع بفعل العبد المختار وحده، من دون اية ضميمة أخرى، ذلك ان العبد هو المخاطبّ بالأحكام، بأوامرها (الواجبات) ونواهيها (المحرمات) .
وعلى ضوء امتثاله للأحكام يكون الثواب والعقاب وتكون الجنة والنار .
( ان الأبرار لفي نعيم وانّالفجّار لفي جحيم).
 وبعد هذا التفصيل الرائع ، والبيان الساطع ، قال النعمان مخاطباً الامام موسى بن جعفر (ع) :
{ ذريةٌ بعضها من بعض }
[email protected]
www.almnbar.com