منذ ان خلق الله عز وجل البشرية متمثلة بسيدنا آدم ميزهُ بعقله عن بقية المخلوقات وغرس فيه ” الانسانية ” علّمهُ بها وأوجدها فيه متمثلة بالخير ونقيضها الشر فكوّنت حالة الصراع بعد ان اخفق سيدنا آدم بالالتزام بما امره الله بعدم الاقتراب من شجرة بعينها . الله سبحانه وتعالى علّم المخلوقات ما لم تعلم ومنها الانسان . فالعلوم نوعان ” علوم وجدانية و علوم مكتسبه ” وهذه نشاهدها في الانسان والطيور والحيوانات والنبات وحتى الفايروسات والجراثيم , من علّم الطائر على بناء عشه واطعام فراخه .الانسانية مفهوم عام مرتبط بالانسان كصفة لكنها تشمل كل شيء ويتعامل بها الحيوان ايظاً كيف يُطعِم الحيوان ابنائه ويدافع عنهم والطيور ايظاً .
هذا اذا ما عرفنا بأن موضوع الانسانية هي المرتكزلكل شيء الرسالات السماوية وغيرها مختلفة حسب تطور معتنقيها ومنضورهم الواسع للحياة وهذه المسألة لا تتوقف عند حد معيّن من الممكن ان يصيبها الركود او التراجع بحسب الضرف الذاتي والموضوعي لكن لن تتوقف ربما تختلف من زمن الى زمن ومن مكان الى آخر لكن لن تتوقف بسبب حاجة الانسان وسعيه اليها و ايمانه بحالة التطور التي تخدمه وتخدم مصالحه مدارك الاشخاص وثقافتهم و تطورهم الحضاري وخصوصاً حالات النوع التي تقود وتؤثر في الكم هي التي تؤدي الى ذلك . حاجة المجتمعات الى الاستقرار والعيش الرغيد التي تدفعهم لأختيار القيادات التي تسعى بهم الى الافضل من الادراك الشعوري المتعارف عليه . الانسانية تكون احياناً مقتصرة على حيّز معيّن واحياناً تكون شمولية عالمية تشمل الجميع بواقعها المتطور , الانسانية على مستوى القبيلة حالة محدودة تكون اوسع في الديانات السماوية وتتدرج في الديانات وتختلف بأختلاف مبادئها واعرافها تكون محدودة في الديانة اليهودية لأنها موسومة بالتوالد وتكون اوسع في الديانة المسيحية والاسلامية وتكون ايظاً محدودة في المجتمعات الوثنية مثل ” البوذية والكونفوشية والياسا ” عندما تقرأ وتطّلع على مضامين كل هذه ترى بأن هناك صور مختلفة للأنسانية منها المحدودة ومنها العامة الواسعة . إلتجاء الانسان الى هذه الاديان والمكونات يبحث عن حالة الاستقرار والامان والعيش السليم , تطور البشر عبر التاريخ وتكوّن المجتمعات الواسعة على شكل دول تحولت هذه الدول الى مرجعيات اساسية لكل المرجعيات وتطغي عليها من خلال سن القوانين التي ترتكز على العدالة والأجرآت والسلوك السليم الظامن لمصالح كل الافراد بأختلافهم واختلاف معتقداتهم وارتباطاتهم والكل يسعى للوصول الى الدولة الفاضلة وهذا متأتي من التفكير الجدي والمتواصل بمصلحة الفرد والعمل على اسعاده من خلال سن القوانين والبناء الفكري والنفسي وتقويم السلوك الفردي والاجتماعي والحرص والعمل بجد على حماية وتنفيذ ذلك وتطوير الشعور بالولاء للمواطنة واعتبارها فوق كل الاعتبارات والايمان بذلك يفضي بشكل حتمي الى قوة الدولة ووحدة شعبها والعكس صحيح واكيد . نسأل ماهو سبب تمسك الافراد والجماعات بالاديان ومرجعياتها والقبائل واعرافها , ارتكزت الدول عبر تاريخها على ايجابيات ما ذكرناه وطورته من خاص الى عام وزادت عليه كي يفضي ويرتقي الى حالة اجتماعية عامة تشمل الجميع لا تقتصر على مكون واحد منفرد وهذا موجود في الكثير من دول العالم قديماً وحديثاً , ذوبان كل المرجعيات وانصهارها في بودقة المواطنة يؤدي بالنتيجة الى استقرار الكل والابتعاد عن التناقض والتقاطع والتناحر , ضمان مصلحة الفرد مهما كان انتمائه الديني والقومي والاثني على ان لايتناقض ومصالح الآخرين هي الاساس والمرتكز المبني على العرف الانساني العام والمطلق . كثير من دول العالم تعمل بهذه الحالة على مستوى شعوبها فقط وترفض التعامل بها مع الآخرين رغم تشدقهم بها مثل الدول الاستعمارية بشكل عام واميركا واسرائيل بشكل خاص . من مستلزمات الانسانية الاساسية العدالة والرحمة , لكن في حالات كثيرة هناك زمر تستولي على زمام الامور في شعوب ومجتمعات تأمن بالانسانية بمفهومها العام من خلال دياناتها او ايديولوجياتها بحسب مفهومها الثقافي المتطور وهذه الزمر تسلك سلوك مغاير تجاه المجتمعات والشعوب الأخرى , لكن في الغالب تتعرى وتسقط في الحضيض وتسيء لشعوبها . نأمل بسواد الانسانية على عموم العالم للعيش بسلام وامان ونبذ الحروب والاعتداءات وإبتدائها بين الشعب الواحد والدين الواحد وبين جميع الاديان والمجموعات البشرية الاخرى.