الانسانية : لها أثار عميقة في النفوس، ورقيّها، ورفعتها. اخلاقياً واجتماعياً ، لتحقق أهدافاً وأنشطة وسلوكاً حسناً يتجه نحو الأفضل باستمرار، ويغرف من نبعها الفياض كل خير. وغاية القيم والمبادئ الإنسانية هي إسعاد الفرد والجماعة، والعمل على نجاتها من الأهواء، والشرور، والانحدار،وهي خصوصية وصفة يتميز بها الانسان عن باقي الكائنات ، ومجموعة من وجهات النظر الفلسفية والأخلاقية التي تركز بشكلٍ أساسي على قيمة الإنسان فرداً كان أم جماعة وترتبط بالاستدلال والتفكي ، وكلمة انسان تعني الكائن البشري الذي هو ليس بحيوان . أي أن كلمة إنسان هي نقيض الحيوان من حيث المواصفات التي تميّز الإنسان عن الحيوان . ولكن كلمة الإنسان لا تدلّ على أيّ إنسان محدّد ، الإنتماء إلى الإنسان يكون إلى الجوهر الإنساني الذي هو نفسه في كل إنسان والذي هو في نفس المعطيات والاستعدادات النوعية والوراثية في كل إنسان ، والذي بسببه يصبح الناس توائم روحية متماثلة في الجوهر الإنساني ، مهما تنوّعت احتمالات الإنسان في اختلاف الظروف والأحوال ، وإن الجوهر الإنساني في كل إنسان هو النواة الرئيسية التي تحتوي على الإستعدادات النوعية الوراثية المكوّنة للشخصية الإنسانية وما تكتسبه من قدرات ومؤهلات وإمكانيات للتعامل الإنساني مع الآخرين .
وتعني الإنسانية بشكل عام العطف على جميع الناس والتعامل معهم بالإحسان وكل إنسان لديه أدنى اطلاع على الخلق الدينيىة وأحكامها وتعاليمها يُدرك تمام الإدراك أن تحقيق الإنسانية والإخاء بين البشر هو هدف أساسي من أهداف الديانات السماوية بالدعوة الى الاهتمام بالعلاقات الإنسانية اهتماما كبيرا، لتوكيد الوحدة والترابط المجتمع، وتقويم العلاقات بين أفراده، فتندثر الطبقية والعصبية، ويجتمع الجميع تحت راية واحدة هي راية التوحيد، فيكون الود والتراحم بين جميع فئات المجتمع المسلم والإنساني، وتهدف بشكل أساسي إلى التقليل من نسبة الفقر والحاجة بأن يُعطي الغني جُزءً من ماله إلى الفقراء بالزكاة ، والمساواة من أعظم مظاهر الإنسانية ومبادئها.
وتعرف القيم الإنسانية على أنها الأخلاقيات والمبادئ السامية التي نشأ عليها الفرد والتي تضع له القواعد الرئيسية لتعاملاته مع الآخرين. وتتعدد هذه المبادئ ما بين العدل والحرية والكرامة والمساواة والعطف والرحمة. ولهذه القيم أثر عظيم على الأفراد فهي تدعو لنشر المحبة والود بين أبناء المجتمع الواحد، وتحض على نبذ الشر والحقد والظلم والكراهية. وتدفع الفرد إلى المشاركة في الأعمال الخيرية والتطوعية، والوقوف بجانب الآخرين في السراء والضراء. وتدعو الفرد إلى الالتزام بحسن الخلق في تعاملاته مع البشر جميعهم دون تفرقة بينهم على أساس الأصل أو الدين أو اللون أو العرق أو الجنس.. وتعمل القيم الانسانية على التقريب بين الأمم والشعوب عن طريق ترسيخ الاحترام المتبادل، والتفاهم وقبول الآخر، ونبذ الصراعات القائمة على أساس التمييز بسبب اللون أو الجنس أو العرق أو المعتقد الديني، حيث تعمل القيم الإنسانية على الحد من هذه الاختلافات والحث على رؤية أوجه التشابه والتقارب لتعميق الاتصال بين الشعوب والأمم ، كما ان للقيم الإنسانية أهمية كبيرة في بناء شخصية الفرد القوية والناضجة والمتماسكة، وفي حمايته من الوقوع في الزلل والخطأ، حيث تشكل هذه القيم درعا واقية له. وتجعل الفرد كذلك يشعر بالسلام الداخلي والطمأنينة والاستقرار والتوازن في الحياة الاجتماعية، كما تساعده على كسب ثقة الناس واحترامهم ومحبتهم، والقدرة على التأقلم مع الظروف برضا وقناعة، وتشكيل نمط عام للمجتمع وقانون يراقب تحركاته ،وتعكس تصرفات الإنسان مع الآخرين صورته الداخلية، ويميل المتواضعون بشكل عام إلى تقديم مصالح الآخرين على مصالحهم،وهي من الصفات النبيلة التي يجب أن يتحلى بها كل إنسان يبحث عن الرفعة والسمو في المجتمع، فإنجازات الإنسان هي من تتحدث عنه، وكلما تواضع للآخرين ازداد مكانة بينهم. وليس من السهل أن يكون الإنسان متواضعاً، إذ غالباً ما يحاول الكثيرون التحدث عن أفعالهم وإنجازاتهم ويبالغون فيها، في حين يتطلب التواضع العمل بصمت والتعامل مع الآخرين بعطف، مهما بلغت منزلتهم المهنية والاقتصادية والاجتماعية. التواضع صفة من افضل وأجلّ الصفات التي يتصف بها الإنسان، وهي تدل على طهارة النفس وصفاء القلب ونقاء السريرة، وتدفع إلى المودة والمحبة والمساواة بين أفراد المجتمع، وتنشر وتعزز الثقة والترابط الإنساني بينهم، وتمحو الحسد والبغض والكراهية من قلوب الناس.
يمكن نشر القيم الإنسانية ابتدءاً بالشعر وهو الوسيلة التي تسخر الإمكانات المؤدية إلى وجود أفضل وعالم أجمل وإلى رسم ملامحها طوال تاريخ ، فإن كانت العلاقة تتسم بالصراع في غالب الأحيان، فإن الغاية الكبرى المنشودة من لدن الشعراء هي تحقيق خصائص الإنسانية والقصيدة الشعرية تنقل العالم الى خط رسالة باقية في التنقية …مما قاله المبدع الفرنسي جان كوكتو «الشعر ضرورة»، ومما قاله الشاعر المكسيكي أوكتافيوباث ذات يوم «إن شعباً من دون شعر هو شعب من دون روح، وإن أمة من دون نقد هي أمة عمياء»، فلولا الشعر لانطمس الحس الإنساني تحت ركام المتغيرات المادية اللامتناهية، ولخمدت مصابيح الوجدان، وخَبَا وَمِيضُ التواصل البشري. فبدون النزعة الإنسانية في الشعر يبقى الإنسان غير قادر على الإبداع والعطاء في زمن تتسارع التغيرات في القيم الإنسانية زمن العولمة بسبب الاستعمال الغير صحيح لوسائل الاتصال الاجتماعي وخاصة الانترنيت وتدفع بتصرفات أكثر فأكثر إلى تحطيم تلك القيم ولقد فرضت مع الاسف العزلة الاجتماعية على الانسانية ، بدل ان يكون دورها دورها حاسما في التعبئة العامة و التنسيق و التعاون ، مما جعلت أزمة القيم الانسانية حقيقية تكشفها كل التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والحضارية ،فهل يتواضع رعاة النظام العالمي الجديد ويستمعون لصوت العقل والضمير ويعودون إلى الإنسان من حيثُ كونُه إنسانا قبل أن يُشوَّه ويصبح مادة إنتاجية أو قوة شهوانية إذ يُراد له أن يُشْقِيَ الإنسانَ ويُقَيِّدَ مقدراته ويتركه نهبا للوساوس والاستهلاك أمام التطور التقني الهائل الذي أصابه بالاستلاب الكامل وأكسب أسهمه وزن الريشة أمام الآلة وتغول الحاكم المجهول والمعلوم.