بعد الوقوف على مظاهر الفساد والانحراف التي عمت ميادين الحياة، في عصر الإمام الصادق عليه السلام، نستطيع أن ندرك عمق المأساة التي تزامنت مع الإمام منذ نشأته حتى هذا اليوم .
وفي هذا الظرف الذي خفت فيه المراقبة بسبب ضعف الدولة الأموية، وجد الإمام عليه السلام، أن جانبا كبيرا من الإسلام قد أقصي عن واقع الحياة، وأن قيم الجاهلية قد عادت تظهر للوجود، وأن النعرات والصيغ الغريبة عن الدين أخذت تدخل في فهم القرآن والسنة الشريفة، وأخذ التغيير في المضمون الرسالي يتغير بسبب نمو المدارس الفكرية وتيارات سياسية بعيدة عن الاسلام، وكان يرى عليه السلام أن الأكثرية الساحقة من الأمة قد ركنت إلى الطمع، كل هذه الأمور لاحظها الإمام عليه السلام بدقة، وبداء يعالجها بكل أناة، وأزاء هذا الواقع المملوء بالفساد والضياع، قد وجد الإمام عليه السلام ان الامر أحوج ما يكون إلى أيجاد تيار إسلامي أصيل يحمل قيم الرسالة التي جاء بها الرسول صلى الله عليه واله وسلم ، ولابد من عزل الأمة عن الحكومات الظالمة، فعن طريق القيم الإسلامية، وأيجاد تيار فاعل يساهم في أجثاث المظالم أو تقليلها يمكنه التحرك لإصلاح الواقع الفاسد .
ما اشبه اليوم بالأمس، ونرى ضياع القانون، الانحرافات والفساد يسرى في كل فواصل الأمة، وعلى لونين من الانحرافات :
اللون الأول: الانحراف السياسي المتمثل في زعامة الدولة ( السلطة الحاكمة) .
اللون الثاني : الانحراف العقائدي والفكري والأخلاقي ثم الانحراف السياسي عند الامه .
هذين اللونين عاصرا زمن الإمام الصادق عليه السلام، واليوم يعيد التاريخ نفسه في زمن كثر فيه الانحراف عن النهج الاسلامي، وعم الفساد والانحراف الاخلاقي والإداري، وأصبحنا نعيش حالة من حالات الفوضى، سببها غياب القانون العام ، وأصبح القانون العشائري هو الحاكم الفعلى للبلاد، يعتدى على موظف حكومي في دائرته وما يسمى ( تحت العلم) من قبل أجندات مدعومه، ويجبر الموظف المعتدى عليه بالتنازل، والسبب ان المعتدي من جماعة (س) أو(ص)، وأصبح القانون العشائري هو البديل للمحاسبة والقصاص من الجنات! أين نحن من القانون الفعلي للدوله؟ وأين نحن من الدين الإسلامي؟ هنا يتطلب الأمر التأسي بالإمام عليه السلام، وتشكيل تيار إسلامي يحمل قيم الإسلام، وهموم الشعب وهذا يتحتم على الجميع التأزر والتوحد، من خلال برنامج عقائدي مكثف لمعرفة الفساد وأنواعه؛ فذلك يؤدي إلى إيجاد الحلول المناسبة، لمحاربة الفساد :
إنشاء جيل نظيفٍ قائم على الأخلاق الإسلامية؛ فعندما يكون لدى الشخص نفسه الوازع الديني ومخافة الله، فإنه سيحافظ على المقدرات التي بين يديه، ولن ينفقها إلّا على الوجه المشروع.
تربية النفس على احترام القوانين الوضعية؛ من خلال إيقاظ الضمير الذي يعد شرطياً داخل كل شخص، وتنمية روح الانتماء للوطن وحبه وتقديم مصلحته على المصلحة العامة.
توخي الحيطة والحذر عند تعيين الأشخاص في المناصب المالية بالذات؛ فيجب البحث عن الشخص المناسب الذي لديه سيرة سلوكية جيدة في الحياة العامة والعملية، فليس من الصائب تعيين شخص معروف بقبوله بالرشوة مهما كانت صغيرة في أي منصب مالي.
وضع القوانين والأنظمة الصارمة التي تحارب الفساد وتلاحق الفاسدين؛ للقضاء عليهم، وتطهير الدولة منهم، وإيقاع أشد العقوبات بهم.
تفعيل دور الإعلام بكافة أشكاله بتوعية الناس حول أنواع الفساد، وطرق التعاون معاً للقضاء عليه.
وَقُلِ ٱعْمَلُواْ فَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُۥ وَٱلْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَٰلِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ.