لاشك ان الانتفاضة الجماهيرية في العراق قد غيرت المعادلة السياسية الراهنة من ان الحكومات المتعاقبة على بغداد تمثل ارادة الشعب العراقي بجميع شرائحة الاجتماعية والطائفية والمذهبية , اثبتت التظاهرات عكس ذلك وان سياسة اللعب على الوتر الديني والمذهبي قد ولى , وأن الجماهير تطالب ليس فقط اصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية بل تطالب بتغيير البنيوية السياسية الحالية وكفرت بالمحاصصة والتوافقية بين الاحزاب المتأسلمة والقوى والتيارات السياسية الاخرى , وانه لا عودة مجددا الى ماقبل 1/10 بأي حال من الاحوال .
أن مطالب الثوار واضحة للكل استقالة الحكومة واجراء انتخابات مبكرة في ظل تغيير مبدأ ( سانت ليغو ) والتي تسمح فقط للاحزاب والكتل الكبيرة في المشاركة في الانتخابات , وتشكيل مفوضية للانتخابات مستقلة تماما , وبعده يمكن التمهيد لمفاوضات وتفريق المتظاهرين , اما التشبت بالسلطة والتسويف والرهان على الوقت , لا يفيد مع هؤلاء متظاهرين الذين يتلقون الرصاص بصدورهم العارية , وحفاظهم على سلمية التظاهرات مهما أمعنت السلطة في التنمر والتوحش .
قرأت مقالة عتب للاستاذ كاظم حبيب يعتب فيها على السلطة الحاكمة في الاقليم وبعنوان أين تكمن مصالح شعب كوردستان ؟ ويقول” السؤال الذي راودني مباشرة بعد سماعي لما أعلنه السيد مسعود البارزاني , رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني , وما أعلنه السيد مسرور البارزاني , رئيس حكومة أقليم كوردستان , بأنهما يرفضان إقالة حكومة السيد عادل عبد المهدي لأنه أستجاب في موضوع المالية ليس إلا ! فهل عادل عبد المهدي هو من يضمن الحقوق الاساسية للشعب الكوردي , أم عراق حر , ديمقراطي ومستقل عن الإرادات الأجنبية , لا سيما إرادة الدول المجاورة للعراق وكوردستان العراق , أي إيران وتركيا , اللتان تقفان ضد مصالح الشعب الكوردي في كل أقاليمه ؟ تصريحات المسؤولين الكورد في أربيل تعني بوضوح ما يلي : إن الحزب الحزب الذي يقود الحكومة الكوردستانية يتخذ موقفا ًمعارضا إزاء إرادة الانتفاضة الشبابية والشعبية العراقية التي تطالب بإستقالة عادل عبد المهدي , وترى في العملية السياسية الجارية عماية فاشلة وسيئة ينبغي أن تنتهي , وأن ينتهي معها النظام السياسي الطائفي والفاسد , الذي لم يكن يوما ما ومنذ قيامه صديقا للشعب الكوردي وحقوقه العادلة والمشروعة . ”
ونحن نقول أن الحكومة في بغداد إذا استقالت سيكون ضربة قاصمة لسلطة الاقليم , لانهما بكل بساطة فاسدين ومشتركون في نهب المال العام .
نحن في المعارضة الكوردستانية والمثقفين والطلبة والكسبة أيدنا ومنذ البداية الانتفاضة الجماهيرية في الوسط والجنوب وكل المحافظات إيمانا منا بحق الشعب العراقي في إختيار النظام الذي يناسبه ويلبي طموحه وخاصة في المرحلة الوطنية الديمقراطية , ولقد قمنا بتظاهرات أمام السفارة العراقية في لندن تحت راية شبكة التضامن مع الجماهير العراقية , لرفع معنويات المتظاهرين ومؤأزرتهم في الداخل , وقدمنا بتقديم حزمة مطالب للسفارة العراقية تصب في مصلحة الشباب الثائرين.
وشجبنا وأستنكرنا أستخدام العنف المفرط بحق المتظاهرين السلميين , وصدرنا بيان يدين عملية القتل الوحشية التي تمارسها السلطة الحاكمة في بغداد بحق متظاهرين سلميين ويتلقون الرصاص بصدور عارية , ينبغي على سلطة تطلق النار الحي على شعبها أن لا تبقى لحظة في سدة الحكم .
أننا متيقنون أن شرارة الانتفاضة العراقية ستشمل أقليم كوردستان ويضرم اللهيب فيه عاجلا وليس أجلا , لأن اٌن الاوان لمحاسبة الفاسدين والمارقين .
لقد ذكرنا منذ زمن أن السلطة في الاقليم لا يمثل إرادة كل الشعب الكوردستاني , ولكنكم تتغزلون بهم في كل مناسبة أو غير مناسبة , اٌن الاوان لمراجعة نقدية ذاتية والاصطفاف مع جماهير الشعب الكوردستاني .