ليس هناك من لايزال يعتقد بأن داعش بإمکانه الصمود و البقاء واقفا على قدميه أمام الهجمة المضادة ضده في العراق و سوريا، وهو ينکمش على نفسه يوما بعد يوم بحيث لم يعد بعيدا أن نسمع إنتهاء دولة الخلافة الداعشية المزعومة على الارض و صيرورتها مجرد أفراد و جماعات متفرقة کذئاب تختفي هنا و هناك منتظرة الفرصة المناسبة لإرتکاب عمليات جبانة و حتى حقيرة ضد المدنيين العزل بصورة عامة.
هذا التنظيم المتطرف الذي کان لإنطلاقته التوسعية فائدة و مصالح لدول عديدة ولکن لايمکن الانکار بأن إيران کانت المستفيدة الاکبر من وراء بروز هذا التنظيم سواءا في سوريا أم في العراق، ففي سوريا، جاء هذا التنظيم کغطاء مناسب لإنقاذ نظام بشار الاسد من السقوط عن دفع المجتمع الدولي للإبتعاد عن دعم المعارضة السورية لأن داعش جزء منها، أما في العراق، فقد ساهم تواجد التنظيم هناك و إستيلائه على أراض عراقية شاسعة، إعادة ترتيب و توجيه للدور و النفوذ الايراني في العراق بعد أن واجه رفضا داخليا قويا عندما کان يريد الامعة نوري المالکي أن يتبوء منصب رئيس الوزراء للمرة الثالثة، حيث وصل التوسع في الدور الايراني الى حد قوننة الميليشيات التابعة للحرس الثوري الايراني و السماح له بأن ينجح في مد الطريق المشبوه الذي يربطه بنظام بشار الاسد عبر الموصل على يد الميليشيات التابعة له و تحت أسماع و أنظار دول المنطقة و العالم کله!
الدور الايراني الملفت للنظر في عملية الحرب ضد داعش و طرده من العراق، هو جهد عسکري ـ أمني يمکن أن ينهي في النهاية تواجد داعش المکاني، لکنه لا و لن يساهم في إنهائه و القضاء عليه فکريا أو کظاهرة فکرية متولدة أساسا کرد فعل لطروحات إيرانية طائفية خبيثة و مشبوهة قام الحرس الثوري ولاسيما جناحه الخارجي قوة القدس الارهابية بالترويج لها، إذ ستبقى الافکار المتطرفة کجمر تحت الماد مثلما ستبقى الذئاب المتفرقة و المتوزعة هنا و هناك لکي تواصل نشاطاتها الفردية باسلوب و طريقة الذئاب المنفردة في اوربا و دول أخرى الى حدما.
الانتصار الحقيقي على داعش ليس في جانبه العسکري إطلاقا مع أهميته القصوى وانما في جانبه الفکري، من خلال تجفيف و إنهاء الاجواء التي تساعد على ديموته و إستمراره والتي تتجلى و تتجسد في الاحزاب و الميليشيات العميلة لطهران، فهذه الاحزاب و الميليشيات لاتکتفي بتهديد المکونات العراقية فقط وانما تنبري لتهديد دول مجاورة للعراق و بکل وقاحة، والذي يدفع لأخذ و حمل هذه التهديدات على محمل الجد هو إنها لاتکترث بالحکومة العراقية إطلاقا، ويکفي أن نشير الى تأکيدات صادرة من جانب الحکومة العراقية بعدم إشتراك ميليشيات الحشد الشعبي في معرکة إستعادة تلعفر لکن الاخيرة أکدت و بکل صلافة على إنها ستشترك فيه وقد صار لها ماقد فرضته على الجميع، السٶال هو: کيف سينتهي الفکر الداعشي و الفکر النقيض له لايزال قائما على قدم و ساق، ثم کيف سينتهي و الدولة التي هي مصدر و بٶرة تصدير التطرف الديني و الارهاب تسير الامور في العراق و سوريا؟!