23 ديسمبر، 2024 12:02 م

الانتخابات وسيلة لا غاية

الانتخابات وسيلة لا غاية

من المؤكد البديهي بان الانتخابات هي وسيلة وليس غاية بذاتها وقد تتعدد الغايات لهذه الممارسة الديمقراطية فقد تكون وسيلة لايصال عناصر ممثلة للشعب تمتلك الاهلية للحكم والقرار كما تكون وسيلة لمعرفة الاكفاء الذين يحظون باحترام واهتمام الناخبين وقد تكون وسيلة للوصول الى الحكم عبر صناديقها لتمنع وصول الجنرالات عن طريق الدبابات والانقلابات.
لم تكن الانتخابات يوماً غاية لكل شىء وتبرر كل الوسائل وفق المنطق الميكافيلي ولن تبرر حتى الحملة الانتخابية غائية الانتخابات.
يبدو ان جهل بعض السياسيين وعشقهم للسلطة جعل من الانتخابات غاية بذاتها وحشد كل شىء من اجلها واعتبرها هي المصير النهائي لوجوده السياسي وتناسى او تغافل بان اللعبة الانتخابية قد ترفع ناساً وتخفض اخرين كما هي سنن الديمقراطية في كل العالم.
لا يمكن ان يكون العراق مختلفاً ومتخلفاً عن بقية ديمقراطيات العالم فلم نجد ان سياسياً هنأ اخاه السياسي على فوزه او سياسي التمس الاعذار لغيره او فسح المجال لاخرين لممارسة دورهم في الساحة السياسية.
الشعور السائد في المشهد العراقي هو محاولة احتكار كل شىء او الاسئثار بكل شىء والجميع اصبح يرى نفسه هو الاصلح والمنقذ ولذا تجد التهمة الجاهزة في حالة اخفاقه او فشله في تحقيق حلمه باتهام المفوضية العليا للانتخابات بتزوير الانتخابات لشعوره بانه الامثل والافضل واي انخفاض برصيده يعني هناك تزوير قد حصل.
ليس هذا صحيحاً ولعل ما نخشاه ان يسعى الاخرون الى التأجيج الطائفي من اجل تحشيد الناس على خانات طائفية لكي يحصد اصواتهم بعدما حصد الارهاب الاعمى رقابهم وهو اخطر ما يواجه المشهد الانتخابي القادم.
اخطر ما اتوقعه وما هو واقع ان يلجأ الاخرون الى الاصطفاف الطائفي باعتباره الضمانة الاكيدة لتحشيد الاصوات والناس لان الشيعي في البصرة يعتقد بان ابن الانبار السني لن ينتخبه ولو كان افضل البشرية وكذلك السني في الموصل يعتقد بان الشيعي في العمارة لن ينتخبه ولو كان سيد عصره ووحيد دهره وهذا الامر حاصل في كردستان فلا الكردي ينتخب ابن الجنوب ولا الجنوبي ينتخب ابن كردستان.
كلهم يلعنون الطائفية في الفضائيات وكلهم يعلنون امام الناس رفضهم للطائفية ولكنهم كلهم يحتاجون اليها في الانتخابات لحصد الاصوات.
اخشى ان تصبح الطائفية والعنصرية كما هو حاصل في ازمة المركز والاقليم هي السلاح القادم والقائم في الانتخابات لتحشيد الاصوات وقيادة الناس وفق نظرية العقل الجمعي ومؤثرات اعلام صدام ورواسبها في اللاشعور العراقي العربي بكراهية الكرد وكذلك كراهية العرب من قبل الكرد.
افضحوا الراقصين على نغمة الطائفية والعنصرية فان الشارع العراقي معبأ ومستعد للانقسام والتشظى الى شظايا غير متآخية ولديه في نفس الوقت المرونة والقدرة على التماسك والانسجام وكل ذلك متوقف على اداء السياسيين وتصريحاتهم.