ابتدأت القوائم والتحالفات الانتخابية التي لا تعد ولا تحصى تعلن عن اسماء مرشحيها لتتصدر غالبية القوائم الرئيسية نفس الوجوه الكالحة الفاشلة والفاسدة التي ابتلى بها الناخب العراقي طيلة الخمسة عشر سنة المنصرمة وتبخرت أية امـال ان وجدت اصلا حول امكانية التغيير او الاصلاح او حتى مجرد معالجة بعض المشاكل المستعصية سواء في مجال الخدمـات او حتى” تركيع” المحاصصة الطائفية القبيحة التي عانينا من مصائبها وويلاتها حيث تحولت عملية الانتخابات الى كوميديا هزلية ليست مضحكة وانما مبكية لأنها تتعلق بمصير ومستقبل الجيل الحالي والاجيال القادمة التي كتب عليها ان تحرم من اي امل في مستقبل مشرق اذا استمرت هذه الفئة العديمة الضمير والوجدان في سيطرتها على مقاليد الحكم .
لقد صدع رئيس الحكومة اسماعنا منذ عام 2014 ولحد الان عن تصميمه على محاربة الفساد ورغم وجود فرصة حقيقية لديه خلال السنة الاولى باتخاذ اجراءات حقيقية في تشخيص ولو بعض الفاسدين وتقديمهم للمحاكمة الا انه لم يقم بأية خطوة عملية وازداد انتشار الفساد ولا ننسى تصريحاته بوجود الاف الفضائيين في الجيش والوزارات ولكن لم نسمع عن محاكمة اي شخص لاستحواذه على رواتب تلك المواقع الوهمية ولم نجد اي اجراء عملي لمحاسبة المسئولين عن تسليم الموصل والمحافظات الغربية لمجرمي داعش رغم ان تقرير البرلمان يشير بوضوح الى المتهمين الرئيسيين وفي الوقت الذي ينبغي تحية العراقيين البواسل الذين ضحوا يدمانهم لتحرير تلك المحافظات الا ان الاخطار لازالت قائمة اذا استمرت العملية السياسية العرجاء على نفس الوتيرة المأساوية .
لقد جاء مؤتمر الكويت الاخير الذي تحول من مؤتمر للمانحين الى مؤتمر للاستثمار بنتائج بينت فشل الفئات المهيمنة على حكم العران حيث تعوزها الكفاءة والمؤهلات الحقيقية المطلوبة في هذه المرحلة الحرجة لإعادة اعمار البلد وارجاع الحياة للقطاعين الصناعي والزراعي شبه المنتهيين بسبب السياسات الاقتصادية والسياسية النيو لبرالية الي حولت العراق الى مستهلك لأردأ انواع البضائع بعيدا عن السيطرة النوعية او الرقابة الكمركية طالما يستلم المتنفذين عمولاتهم المليونية ولقد انتهى مؤتمر الشعوذة بنتيجة متوقعة فهل هناك مستثمر حقيقي يجرأ في مثل ظروف العراق من البيروقراطية وانتشار الفساد والرشاوى وفقدان الامن يفكر بالاستثمار في العراق؟
اود ان اوجه سؤالا الى مسئولي القوائم الانتخابية هل فكر احد منهم بطرح مشروع تعديل رواتب وامتيازات النواب والوزراء وعضاء مجالس المحافظات الذين يزيد ضررهم عن نفعهم لاستنزافهم جزءا كبيرا من تخصيصات المحافظات لتصبح ضمن المعايير المتعارف عليها عالميا اي ان لا يزيد الا قليلا عن اعلى راتب في سلم رواتب الموظفين والذين يبلغ مليون ومائة الف دينار والغاء رواتب البرلمانيين التقاعدية ليصبحوا كما يستحقون “دايحين” مثلما ذكر مطشرهم ولنرى آنذاك كيف سينخفض عدد اللاهثين وراء المكاسب والامتيازات المالية للمقاعد البرلمانية وادعو الخيرين من شباب العراق الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي لإطلاق حملة تحديد رواتب النواب والغاء مجالس المحافظات والاقضية والنواحي .
لا توجد هناك ثقة حقيقية بمفوضية الانتخابات التي كانت ولازالت غير مستقلة بل تمثل الاحزاب المهيمنة على الحكم وابرز دليل على التلاعب بنتائج الانتخابات المضية هو التأخر لإعلان النتائج لأسابيع وهو من اختراعات عملية الانتخابات العراقية بامتياز ومما يضعف الثقة بالانتخابات عدم وجود ضوابط حقيقية على المبالغ المالية التي تصرف ممـا يشجع على رشوة الناخبين ورؤساء العشائر وجيش من المرتزقة والطبالين ويسمح باستخدام السلطة والمال والنفوذ هذا بالإضافة الى تسخير الفضائيات وجيش من الكتاب المرتزقة الذين توظفهم القوائم الطائفية والقومية المتخمة بالأموال المسروقة من قوت الشعب لتملأ صفحات التواصل الاجتماعي بدون استحياء بالكثير من الكذب والنفاق .
لا ادري فعلا هل بقيت لدى النخب العراقي اية احلام بعد كل هذه الخيبات واقتصار هم النواب الحاكمة الوسخة بمصالحهم وامتيازاتهم الشخصية التي ما انزل الله بهـا من سـلطان والسؤال هل اصبحت المقاعد الانتخابية حكرا وطابو لأسماء هزيلة غير كفؤة ومهرجة في حين يعاني العراق من الخراب والدمار ولنرى مثلا ما حصل لملايين النازحين الذين سرقت مخصصاتهم ولازالت اعداد غفيرة منهم تعيش في مخيمات تفتقر لأبسط مستلزمات الحياة الطبيعية ولا يستطيعون العودة لمناطقهم لانها مدمرة وانقاض لا تصلح للعيش قبل ان يعاد تعميرها .
ان كل الظواهر السلبية التي ذكرتها وهي غيض من فيض لا يعني عدم المشاركة بالانتخابات بل بالعكس ينبغي المشاركة واعطاء صوت الناخب للعناصر النظيفة والغير ملطخة بالفساد رغم ان حظوظهم بالفوز قد تكون ضعيفة الا ان العملية تراكمية ولاشك بوجود امثال هؤلاء المرشحين ضمن اكثر من سبعة الاف مرشح وكما يقول المثل ” لو خليت قلبت”