شكلت الانتخابات العراقية الاخيرة مع كل ما لها وما عليها من مؤخدات محطة للمرحلة سياسية جديدة في العراق لها تحدياتها وصعوباتها التي تتطلب الدراسة العميقة لها بالشكل الذي يساهم في التنبؤ بمستقبلها ولعل ابرز تلك التحديات تتمثل في دور نتائج الانتخابات في بناء الاسقرار السياسي ،حيث من يقراء الادبيات السياسية المعاصرة يجدها تركز على دور العملية الانتخابية في بناء الاستقرار السياسي واستدامته اكثر من مدى قدرتها على التمثيل الشعبي ،حيث نجد الانتخابات التي لاينتج عنها قوى سياسية قادرة على تشكيل حكومة قوية تحافظ على الاستقرار السياسي وتحقق التنمية المنشودة هي انتخابات اقرب الى الفشل ، ذلك كون الحكومات التي تتشكل من اكثر من حزب او قوى سياسية والتي تعرف بالحكومات الائتلافية هي من اضعف انواع الحكومات وذلك لصعوبة الاتفاق بين اطرافها حول البرنامج السياسي للحكومة وعدم قدرتها على مواجهة التحديات المختلفة التي قد تواجه البلاد ما يجعلها عرضة للتفكك او تكون حكومة ضعيفة تخضع للمساومات الحزبية التي تشل حركتها ،المتتبع لنتائج الانتخابات العراقية الاخيرة يجدها لم تكن بالمستوى المطلوب فمع العزوف الانتخابي الكبير والذي اسهم في فشل الاحزاب والقوى السياسية في الحصول على الاغلبية المطلوبة لتشكيل الحكومة الى جانب الواقع العراقي المتشضي ..الخ اسهم كل ذلك بان لايحصل اي من القوى السياسية المتنافسة في الانتخابات على الاغلبية وانما جاءت النتائج شبه متقاربة نسبياً تحتاج منها الدخول في ائتلافات حزبية واسعة من اجل تشكيل الحكومة برئيس وزراء فاقد الاغلبية المطلوبة في البرلمان الامر الذي يجعله خاضعاً للمساومات الحزبية في اختيار وزرائه وبرنامجه السياسي ،هذا الى جانب وجود برلمان يضم احزاب وقوى سياسية عديدة لايمتلك اي طرف الاغلبية فيه لنكون امام برلمان ضعيف ، وبما ان البرلمان هو الركن الاساسي في النظام السياسي العراقي فهو الاساس في كل السلطات ومن رحمه تخرج الحكومة بالاضافة الى ادواره الاخرى من تشريع ومراقبة الاداء الحكومي، ضعفه سوف ينعكس بصورة مباشرة على اداء الحكومة ما يجعل منها حكومة ضعيفة غير قادرة على العمل بالشكل المطلوب منها وقد يدخل البلاد في ازمات سياسية واقتصادية عديدة لا بل قد يشل الحياة عموما ، واذا كانت تجارب الحكومات السابقة وبسبب كونها حكومات ائتلافية تسببت في ضعف اداء الحكومة وانتشار الفساد وعرقلة التنمية في البلاد ومن ثم اثر كل ذلك على الاستقرار السياسي فيه ،فكيف الحال مع حكومة تتكون من ائتلاف سياسي واسع سوف تعيش ذات الامراض السابقة التي تهدد الاستقرار السياسي في البلاد ما يؤثر على استدامة الامن والسلام فيه ،لذلك لايمكن للبلاد الخروج من ذلك الا بتشكيل حكومة من ائتلاف سياسي محدود يراعي المشاركة الوطني مع وجود معارضة سياسية برلمانية فاعلة يساهم كل ذلك في وجود حكومة ومعارضة قوية مع برلمان قادر على ممارسة دوره التشريعي والرقابي المطلوب.