17 نوفمبر، 2024 5:19 م
Search
Close this search box.

الانتحاريون ضحايا.. والقتلة أدعياء!

الانتحاريون ضحايا.. والقتلة أدعياء!

الانتحاريون.. أفراد تعرضوا لعمليات غسل مخ مستمرة أفرغت ما فى عقولهم ووضعت فيها معلومات خاطئة وتفاسير ومفاهيم مغلوطة عن حقائق الدين والدنيا، ويتساوى فى ذلك من لم يأخذ قدرا من المعرفة عن طريق التعليم والتعلم من الحياة.. مع هذا الذى نال حظا من التعليم حتى لو وصل إلى مرحلته الجامعية، فقد يكون هذا أو ذاك دارسا ومتخصصا فى مجال معين لكنه يفتقر إلى الزاد المعرفى فى الشأن العام خاصة فى الدين الذى رفع البعض رايته واستغلوا قدسيته تحقيقا لأغراض سياسية تستهدف التخويف والترهيب لزعزعة استقرار المجتمع وتقويض بنيان الدولة الوطنية تمهيدا للاستيلاء على الحكم، وتلك الوسائل يرتكبها وينفذها الأفراد المغرر بهم الذين لا يعرفون الأهداف السياسية ولا يعرفون «القيادة العليا» التى تدير هذه الحرب الخفية الجهنمية وانما ينقادون عبر حلقات عنقودية للتنظيم ويعتقدون بالوهم والايحاء وغسل المخ الضاغط، انهم يؤدون عملا جهاديا فى سبيل الله وإذا ما فقدوا أرواحهم فإنهم فى اللحظة التالية سيكونون مع الأنبياء ينعمون فى الجنة بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولاخطر منها شيء على البال!

ذلكم.. هم الانتحاريون الذين يعيشون فى سيناء وفى غيرها، ومنهم من ارتكب الجرائم فى مواقع مختلفة مثل طنطا والإسكندرية.. ومنهم من سيكرر الفعلة الشنعاء.. وإذا كنا نصفهم بالضحايا فذلك صحيح بالفعل لكنهم فى الوقت نفسه يتحملون مسئولية عدم احترام العقل الذى وهبه الله سبحانه للإنسان لكى يحافظ عليه ويعمل على تشغيله وتنميته بالمصادر المعلنة فى النور وليس بخفافيش الظلام.. وإذا كان مطلوبا من إدارة المجتمع ومؤسساته الفاعلة، ان تعمل علي: «تجفيف منابع الإرهاب وفق خطة ذكية ـ لا يضعها فقط الموظفون ـ فإن الأكثر إلحاحا وضرورة هو كشف الأدعياء الذين ينشطون ـ عبر الخلايا العنقودية ـ لغواية الأفراد بالإغراءات المتنوعة والأكاذيب المحبوكة والمفاهيم غير الصحيحة، لكى يصبحوا أدوات فى أيديهم، يدفعون بهم «طعما مسموما» إلى بحر البشر والحياة لتنفيذ جرائم بشعة ويضعون فى عقولهم انهم «مشاريع» شهداء.. بينما هم فى الحقيقة ـ وبصحيح الدين ـ انتحاريون يقتلون النفس بغير حق ويدمرون الحياة ويسيئون إلى صورة الإسلام الحق. وما يفعلونه أيضا أنهم ـ أى هؤلاء الأدعياء ـ يتحالفون ويتعاونون مع الياقات البيضاء.. وأعنى بهم رجال مخابرات دول تعادى الإسلام والمسلمين والدول الإسلامية بصفة عامة ـ خاصة الدول العربية التى تمثل قلب العالم الإسلامي. بل أكثر من هذا فإن هذه الدول عن طريق مخابراتها ـ هى التى أسست هذه الجماعات الإرهابية ـ المنتسبة زورا إلى الإسلام ـ وهى المستعدة دوما لتشجيع أى تنظيم من هذا النوع يتصل بها. وبديهى أن هذه التنظيمات والجماعات تتلقى العتاد والسلاح والمال من هذه المخابرات التى تمتلك إمكانات ضخمة وأساليب سرية ونفوذا فى دول صديقة لها!!

والخلاصة.. أننا ـ كما نكرر ـ نخوض حربا شرسة قاسية.. وإذا ما درسنا تفاصيلها نجد أنها الآن تهاجمعنا على محاور متعددة.. وليس فقط فى مسرح العمليات.. ولكن أيضا عبر محاور متعددة منها المحور الإعلامى متمثلا فى الفضائيات وشبكة الاتصالات الرقمية (النت) وإذا كانت تلك الحرب ـ وقياداتها من الأدعياء وأصحاب الياقات البيضاء ـ قد استهدفت منذ ست سنوات: قوات الأمن ثم الجيش، وأيضا رجال القضاء والإعلام والمشايخ المستنيرين إلى جانب عمليات التدمير والقتل العشوائية وغيرها.. فانها قد بدأت تركز على «الأزهر» الشريف.. وتشكك فيه وتتهمه والعجيب ان الأدعياء الذين يرفعون راية الإسلام يهاجمون هذه المؤسسة الدينية رفيعة المستوى التى قامت بدور بالغ الأهمية فى حماية التراث الدينى ونشر الدين وعلومه فى سائر أركان الدنيا على مدى أكثر من ألف عام وحتى الآن.. وذلك بغير تطرف ولا تعصب.. الأمر الذى يكشف أن الحملة تستهدف طرد العملة الجيدة لتسيطر العملة السيئة!

ومن المدهش ـ وربما ليس مدهشا ـ أن الياقات البيضاء ـ أعنى أجهزة المخابرات الأجنبية ـ المتعاونة مع الإرهابيين ـ تتفق مع الهدف نفسه وتهاجم الأزهر الشريف.

ومن ثم.. فإن مواجهة هذه الحرب ـ بأفرعها ـ تتطلب يقظة ووعيا وليت المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب ـ المقترح تشكيله ـ يضع فى اعتباره أن المهمة جد خطيرة.. وأن الإرهاب قد صار تنظيما عنقوديا جهنميا.. آخر حلقاته هؤلاء الانتحاريون الضحايا لكن أولى حلقاته خفية سرية تتمثل فى رأس الأفعى التى تضم أدعياء باعوا أنفسهم للشيطان.. جشعا ونهما للسلطة، كما تضم أصحاب الياقات البيضاء من مخابرات دول لكل منها أجندتها الخاصة وتبث الفرقة والفتنة بينما الحقيقة أنه لا خلاف بين المسلمين والمسيحيين، ولا خلاف تحديدا بين المصريين ـ مسلمين وأقباطا ـ وانما الهدف الاستراتيجى للمؤامرة هو إعادة تقسيم العالم وبسط النفوذ بعد انتهاء الحرب الباردة، ومن أهم مناطق العالم يبرز الشرق الأوسط وشمال افريقيا ـ كما أطلقوا عليه منذ سنوات.. وهو لن يخضع لهم إلا إذا قضوا على الأمة العربية ـ ومصر هى قاعدتها المحورية ـ ولذلك يداومون على تقويضها بمختلف السبل ومن زوايا متعددة..

نقلا عن الاهرام

أحدث المقالات