لاشك ان رئاسة البرلمان العراقي باتت منبطحة امام القضايا العالقة والشائكة بشكل كبير وأخذت تتعامل معها بازدواجية شديدة مصحوبة بسوء تقدير زمكاني فهي تبارك للبيشمركة مثلا انتصاراتها في المناطق المتنازع عليها وفي ذات اليوم الذي يصرح فيه قادتهم بأنهم لن ينسحبوا من المناطق التي استولوا عليها مطلقا وانها اصبحت جزءا من كردستان وكأنها تقول لهم “مبارك كلامكم صحيح 100% ” ، وتثني على قيادة الحشد على سبيل المثال في ذات الوقت الذي يدلي فيه قائدهم بتصريحات فيها ما فيها من الشحن الطائفي وكأن رئاسة البرلمان المتمثلة بسليم الجبوري تقول له ” صح إلسانك ” والكلام يصدق على احداث الأنبار والموصل وسامراء وديالى وغيرها ما أوقع الجبوري في مطبات كبيرة جعلته في موضع ايبيح لمنتقديه التشكيك في حياديته ازاء القضايا الساخنة وما درى ان الانبطاح ..غدر لا يليق بمن استقتل لتصدر المسؤولية فأن كنت غير شجاع لقول كلمة الحق فعلام جريك المحموم لتسنم المناصب .
اذا هشمت نافذة ما في عمارة ما، ثم تّركت دون اصلاح فان ما تبقى من نوافذ العمارة سيلقى ذات المصير في القريب العاجل، بهذه العبارات الموجزة لخص العالم الأمريكي (جيمس ولسن) في كتابه – تأملات في الجريمة – العلاقة الغير المنضبطة بين الجيران المتقاطعين الأمر الذي يؤدي في نهاية المطاف و باتفاق علماء النفس والاجتماع الى انتشار التخريب في كل مكان ويضيف – ولسن – ان تعاطي المخدرات، وسفك الدماء ، وسرقة السيارات، وظهور الزنا يزداد في مثل هذه المجتمعات التي يطغى عليها هذا النمط من الجيرة المتنافرة حيث يتحاشى الناس بعضهم بعضا، ويجبر كبار السن في مثل هذه الأجواء الاجتماعية المضطربة على الهجرة الى المناطق الاشد تآلفاً والأكثر امنا، ويرى ولسن ايضا ان علاقات الجيرة المتوترة في امريكا في ستينات القرن الماضي كانت السبب الرئيس في انتفاضة الزنوج ووصفهم افراد الشرطة المحلية حينذاك بانهم مجرد قوات احتلال او خنازير تحمل العصي والشارات، في حين كانت قوات الشرطة تسمي الزنوج بالفوضويين والمشاغبين، وفات ولسن ومؤيدوه ان رسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى قال في علامات الساعة الصغرى (لا تقوم الساعة حتى يظهر الفحش والتفاحش، وقطيعة الرحم، وسوء المجاورة ) .
ولعمرك أي سوء جوار اقبح من ذاك الذي يعيشه العراقيون هذه الأيام، فهاهم الوزراء المتجاورون خلف اسوار المنطقة الدولية – الخضراء سابقا – يشكك بعضهم بنوايا بعضهم الأخر سرا وعلانية، وهاهم النواب المتجاورون تحت قبة البرلمان يسفه بعضهم بعضا ولا يكاد احدهم ينبس ببنت شفة الا وعاجله نظيره من الكتل الأخرى بنقطة نظام في بلد يفتقر الى ابسط أشكال النظام، وهذه الأحزاب السياسية المتجاورة يكره بعضها بعضا ذاك ان ، كل حزب بما لديهم فرحون ، ولا يختلف الحال كثيرا مع الأقاليم والمحافظات المتجاورة التي اضحت تتصارع على الحدود الأدارية صراعا محموما ينذر باسوأ العواقب، وهاهي دول الجوار التي تتربص بالعراقيين الدوائر شعبا وحضارة وثروة وتاريخا تتحين الفرص تلو الاخرى للانقضاض عليه بكل ما اوتيت من باس وقوة، الامر الذي ادى بمجمله الى ان يصبح الغدر سمة بارزة بين الفرقاء السياسيين، واصبح سوء الظن من حسن الفطن، فهذه الصحوات قد الغي معظمها بدلا من دمجها بالجيش والشرطة كما وعد ابناؤها مرارا وتكرارا.
فاذا عدلت عن الطريق تعمدا فاعلم بانك ما اردت وصولا