ترفض غالبية سكان مدن محافظة الأنبار المحررة للتو من سيطرة تنظيم ( داعش ) الأفكار المتشددة والمتطرفة ، الدينية منها أو المذهبية ، وحتى بما يتعلق بالسياسة ، مع إفراز التجربة المريرة التي عاشها الأنباريون تحت حكم ( داعش ) ظواهر اجتماعية ، مثل إسكات المتحدثين بلهجة إقصاء الآخرين ، مهما كانت الحجة , ويظهر في مدن الأنبار رفض واضح للطرح المتشدد وتبدد آثار خلافة داعش بالإضافة إلى نبذ المتطرفين والتبليغ الأمني عمّن تقترب أفكاره إلى مرحلة التخطيط وتنفيذ أفعال إقصائية أو إرهابية.وعلى الرغم من أن التنظيم الإرهابي في العراق لم يدم إلا ثلاث سنوات ( 2014 – 2017 ) أنه استقطب عدداً من المراهقين والأطفال ، في محاولة لتجنيدهم وإقناعهم بما يُعرف بـ ( دولة الخلافة ) وهو ما أضفى على مهمة إعادة تأهيل هؤلاء المراهقين عبر مراكز نفسية ، ودورات اجتماعية توعوية، صعوبة واضحة ، بسبب قلة هذه الورش من جهة وكثرة أعداد الضحايا من جهة أخرى ، وإن أفكار داعش أخذت تنتهي في المناطق التي سيطر عليها التنظيم خلال السنوات الماضية، ورغم أن المدن تعرّضت لدمار كبير ، إلا أن الأهالي فيها يكافحون بطريقتين ، الأولى هي بناء مدينتهم ، والأخرى متمثلة بتنظيف المدينة من المتطرفين الذين يسعون إلى إقصاء الأديان الأخرى والمذاهب , و أن الأهالي تكفّلوا وحدهم بمنع امتداد التطرف الفكري ، وليس فقط على صعيد التدين ، إنما بمختلف مجالات الحياة , وهذا يدل على مدى فظاعة ما وقع عليهم خلال فترة حكم تنظيم داعش والبلاء الذي حلّ عليهم , و أن السكان في تلك المدن يتفاعلون مع قوات الأمن ويحاولون رصد أي متعاون سابق مع داعش أو أي شخص يتبنى أفكاره إن السلوك الذي انتهجه تنظيم داعش في مدينة الرمادي وباقي المناطق في مدن المحافظة التي سيطر عليها بالسلاح ، والتي انتهت بالدمار والخراب ، ولّد رد فعل لدى الأهالي برفض التطرف والأفكار المتشددة ، لا سيما وأن المدينة معروفة بأنها صاحبة علم ودين وأصول ، والتنظيم الإرهابي عمل خلال فترة وجوده فيها على تشويه هذه الصور التي تعبر عن احترام الآخرين والتنوع الثقافي , وأن على دائرة الأوقاف (( الوقف السني )) في المحافظة تعالج التطرف عبر خطب دينية موحدة تطلق عبر المنابر، وبالتنسيق مع علماء ، في سبيل أن يكون الخطاب الديني عقلانياً وبعيداً عن أي مظاهر التطرف والتأكيد على قضية السلم المجتمعي , وأن مجتمع الأنبار لم يسمح خلال السنوات الماضية لمن حمل الشعارات الطائفية من السياسيين والشخصيات العامة ، ولكن الأحداث توالت على المدينة بسبب تفاقم الدعوات الطائفية من شخصيات لم تكترث لمصائر الناس ، بل اهتمت لمصالحها الشخصية , وبعد عمليات التحرير التي قادتها القوات العراقية ضد تنظيم داعش ، تكاتف الأهالي مع الأجهزة الأمنية والحكومة المحلية والمجتمع الدولي ، من أجل القضاء على مخلفات التنظيم الحربية والفكرية, وإن الأنبار تُعدّ أكثر مدينة تعرضت لاحتلال داعش وتخلصت من آثاره، وهي الأسرع من ناحية التقدم بمراحل إعمار المناطق المحررة، وإن أغلب الذين تأثروا وانخرطوا مع صفوف داعش هم بالأصل بعيدون عن المجتمع الأنباري ، وأهل الأنبار يعرفون الذين انتموا للتنظيم ، فغالبيتهم كانوا قطاع طرق وسارقون , .