23 ديسمبر، 2024 1:01 ص

الامير كاميران بدرخان مهندس العلاقات الكُردية – اليهودية/ج25

الامير كاميران بدرخان مهندس العلاقات الكُردية – اليهودية/ج25

بينما يذكر السيد مسعود البارزاني رواية السيطرة على جبل هندرين بشكل مغاير لما ذكرته المصادر الاسرائيلية:” دمر اللواء الرابع(= الفرقة الثانية) فـي هذا الهــجـوم وهـو أفـضـل الألوية الجــبليــة في الجــيش العــراقي وأحـسنهم تدريبـاً وعدة وقـد عرف قـائده العـقيـد الركن خـالد حسن فـريد بأنه من أحـسن ضباط الجيش العراقي. ثم علمنا أنه ترك الخدمـة في الجيش وانتقل الى چيكوسلوڤاكيا ليعيش فيها”. ينظر: البارزاني والحركة التحررية الكردي، أربيل،2002، ج3، ص178.
ولا ينكر السيد البارزاني دور الحزب الشيوعي والمقاتلين العرب في معركة هندرين، بقوله:” ففي يوم ١٢ أيار(1966م) سطَّـر الپـيـشـمـرگـه ملحـمـة من أروع مـلاحم الشـعـب الكُردي في كلّ تاريخـه. كـان نموذجـاً مـثـالـيـاً قل نظيـره لثـمـرة التـعـاون الوثيق والإنـسـجـام الكامل بين قوات الحزب` الديمقراطي الكُردستاني والشيوعي العراقي، نموذجاً كان يجب أن تكون عليـه الأخـوة الصـادقـة بين الكُرد والعـرب. فقـد كـان هناك عـدد من الضـبـاط والمقاتلين الذين شاركوا في القتال عرباً دافعوا عن كردستان مع إخوانهم الكُرد وكان لهم النصيب المشـرف في تحرير المنطقـة. نخصّ منهم بالذكـر الرائد كمـال نعمـان والملازم نعمـان علوان المعروف في الثورة بـ الملازم خدر. وبلغت خـســائر العـدو الإجـمـاليـة في الأرواح بـحـدود ٤٠٠ قـتـيل و٦٠٠ جـريح. ومن الـغنائم أحـصـينا ٤ مــدافع عـيـار ٧٥ ملم جـبـلي، و٤ مـدافع هاون، و١٠ مدافع هاون ٢٬٣ عقدة ، و٦٠٠ قطعـة سلاح خفيف، و١٥جهاز لاسلكي وكميات هائلة من العتاد. أدرك العـدو أن إحـتلال گـلاله وهو فـي خطتـه العامـة نهـاية المرحلة الأولى أمـراً بعـيـدُ المنال وخـيَّم نوع من اليـأس على العـدو وصار قـصـارى همـه الإحتـفـاظ بالمواقع التي بدأ منها هجمـاته. اذ كانوا يخشون ان يتواصل هجـوم الپيشمرگه على تلك المواقع نفـسه. بعدها بدا وكأنهم إستـفاقوا من تلك الصدمة الكبرى فعاودوا مـحاولاتهم بشكل محدود وكــان آخـرها التــعــرض باللواء الخــامس(= الفرقة الرابعة) لمواقــعنا على وجــه الخـصــوص في زوزك و گَـرو عـمرآغـا (= مضيق عمر آغا) إلاّ أنهـا باءت بالفـشل أيضـاً. وأصـبح واضحـاً لدى القـيـادة العـامة ان قـواتهـا عاجزة عن تحـقيق أي فوزٍ في أي جبـهة من الجبهات وعـادت سيطرة الپيشمـرگه الكاملة على الجبهة. ينظر: البارزاني والحركة التحررية الكردية، ج3، ص179-180.
أما بخصوص مشاركة الإسرائيليين في المعركة، فيقول معلقاً على ذلك بالقول:” وكــتب عـدد من الـضـبــاط الإسـرائيـلين الذين وفــدوا الى مناطق الثــورة عن تجــاربهم فيـها، ومن ذلـك كتاب أصـدره قبـل ثلاث سنوات(= الان اكثر اعتباراً لسنة تأليف الكتاب) أو نحوها (شلومـو نكديمون) تطرق فـيه الى مــعــركــة هَندريـن وأخــواتهــا من المعــارك الفــاصلـة التي خــاضــهــا الكرد وحــقــقــوا إنتصاراتهم الرائعـة، تحدّث عنها وكأنها جـرت بتخطيط وقيادة ضـباط إسرائيليين. وهو زعم باطل وان مــا ذكـره هذا الشـخص لم يكـن إلاّ من وحي خـيـال وإخـتــلاق مـحض. لم يكن ثَمّ إسـرائيلي واحد لا في مـعركـة هَندرين ولا في غيـرها من المعارك. ولما ذكـره في هذا الصدد أشباه عديدة من الإدعاءات الفارغة. هناك العــدد الكبـيـر من المـقـاتلين الذين خـاضــوا تلك المعـركـة وغــيـرها بينهـم ضـبـاط عراقيـون من إخواننا العرب المنتمين الى الحـزب الشيوعي العراقي وهم يعرفـون أكثر من غيـرهم كيف جرت معـركة هَندرين الفاصلة. ولم تسـمح قيادة الثـورة لا للإسرائيليين ولا لغيـرهم في أي وقت من الأوقات بالتدخل في سـتراتيجـية الثورة أو تاكـتيكها…”. ينظر: البارزاني والحركة التحررية الكردية، ج3، ص380 -381.
غير أن الأمر الملفت للنظر أن رواية شكيب عقراوي(1938-2017م) عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردستاني ومسؤول جهاز الباراستن في السنوات الاخيرة من ثورة ايلول، قال بشأن الاستحضارات لمعركة هندرين:” لقد احتشدت في منطقة (رواندوز) في ذلك الوقت فرقة من الجيش العراقي مع بضعة آلاف من الفرسان الاكراد وقاد الفرسان الزيباريون ( من عشيرة الزيبار) الهجوم على جبل هندرين. وكانت الخطة الموضوعة من قبل وزارة الدفاع في بغداد ترمي الى احتلال (جبل هندرين) وجبل (زوزك) تمهيداً للتقدم من طرق (هاملتون) لاحتلال منطقة (بالك) والوصول الى الحدود الإيرانية في منطقة (حاج عمران)… استطاع لواء المشاة الرابع ( من الفرقة الثانية للجيش العراقي) في يوم 2 مايو/ أيار 1966 احتلال جبل هندرين ( شرق بلدة رواندوز) بمساعدة الاكراد من عشيرة زيبار”. ينظر: شكيب عقراوي، سنوات المحنة في كردستان أهم الحوادث السياسية والعسكرية في كردستان والعراق من 1958 الى 1980، مطبعة مناره، أربيل، الطبعة الاولى، 2007، ص202- 203.
وبشأن القوة التي كانت مكلفة بالدفاع عن جبل هندرين” كانت قوة من مقاتلي الحزب الشيوعي العراقي المنضمين الى الثورة الكردية هي المسؤولة عن الدفاع عن الجبل وكان يقودها المناضل فاخر ابن محمد آغا ميركسوري، وكان المذكور هو أحد أبناء محمد آغا ميركسوري من رؤوساء عشيرة (شيروان) البارزانية ومن أقرباء الزعيم الكردي مصطفى البارزاني. كان فاخر ابن محمد آغا ميركسوري قد اشتهر في ذلك الوقت بالبطولة والاقدام وبرز اسمه في المعارك الشديدة التي حدثت مع الجيش العراقي في الاعوام 1963 و1975 و1966. وفي اليوم الرابع من شهر أيار1966 حضر البارزاني الى قرية (برسرين) وكان فيها الجسرالمعروف (جسر حافيز) بمنطقة (بالك) وكانت ترابط في تلك القرية القيادة العسكرية للحزب الشيوعي العراقي بداخل الثورة الكردية والتي كان يقودها الرائد كمال نعمان. ولقد سأل البارزاني من القيادة العسكرية للمنطقة عن سبب تمكن الفرسان الزيباريين من احتلال جبل (هندرين) وأصدر أوامره باعادة السيطرة على الجبل من جديد”. شكيب عقراوي، المرجع السابق، ص203.
وبشأن الاجراءات التي اتخذتها القيادة العسكرية للحزب الشيوعي العراقي لاستعادة جبل هندرين، يقول شكيب عقراوي:” كان الملازم نعمان علوان قد برز اسمه في ذلك الوقت ضمن قادة الحزب الشيوعي العراقي العسكريين، وقد سبق وأن كان ضابطاً في الجيش العراقي وكان جسوراً ومقداماً وخبيراً في أمور المدفعية. كانت بإمرة الملازم نعمان مدافع الهاون التي كانت تعود الى قوة (بالك). وقد باشر رجال المدفعية بإشراف الملازم نعمان علوان بقصف مقر اللواء الرابع للجيش العراقي في جبل (هندرين) لعدة ساعات. وكان القصف مركزاً ودقيقاً ومؤثراً. وكان منتسبوا اللواء الرابع للجيش العراقي يقيمون في خيم مؤقتة ويحاولون بناء رباياهم ويضعون استحكاماتهم ويحاولون تثبيت مواقعهم بعد احتلالهم للجبل. وكان الفرسان الزيباريون قد انسحبوا من الجبل بعد احتلاله في يوم 2 مايو/ أيار1966. بدأ هجوم الثوار الاكراد على الجبل في 12 مايو/ أيار1966. وقد ارتبك اللواء الرابع من الجيش العراقي ووقع في مأزق بعد قصفه من قبل المدافع الكردية لعدة ساعات. وقاد المناضل فاخر ابن محمد آغا ميركسوري الهجوم على الجبل على رأس قوة لا تزيد عددها عن مائة مسلح من الثوار الاكراد كان معظمهم من أعضاء ومؤيدي الحزب الشيوعي العراقي”. المرجع السابق، ص203 -204.
وبشأن نتيجة المعركة فقد أرجعها شكيب عقراوي لاسباب عديدة، من أبرزها:” الخبرة الفنية والعسكرية الموجودة لدى الملازم نعمان علوان، ودقة قصف المدافع الكردية لوحدات ومواقع ربايا لواء المشاة الرابع… ونجاح عامل المباغتة في الهجوم حيث أن آمر اللواء وضباطه لم يكونوا يثقون بقدرة الثوار الاكراد في القيام بهذا الهجوم المفاجىء، وكان منتسبوا اللواء منشغلين ببناء استحكاماتهم وانشاء وبناء رباياهم، وكانوا يقيمون في خيم مؤقتة… والخبرة والبسالة التي أبداها المناضل فاخر ميركسوري في قيادته لهذا الهجوم واستطاعته فرض الطوق على معسكر اللواء. وقد اشتهر بعد ذلك المناضل فاخر ميركسوري كقائد تكتيكي واستطاع انجاز بطولات أخرى في عام 1969… كان موجود اللواء الرابع قبل المعركة يقل عن الفي مسلح. وقد تكبد اللواء ما يقارب الالف اصابة بين قتيل وجريح، لذلك قرر قائد الفرقة الثانية للجيش العراقي سحب بقايا اللواء الى كركوك لاعادة تنظيمه وتدريبه”. شكيب عقراوي، المرجع السابق، 204 – 205.
أما بشأن جبل زوزك فيذكر بأن الهجوم عليه لاستعادته من اللواء الثالث للجيش العراقي قد فشل،” أما في جبل (زوزك) في منطقة (رواندوز) فقد شن اللواء الثالث من الفرقة الثانية وبمساعدة الفرسان الاكراد هجوماً شديداً لاحتلاله في يوم 3 مايو/ أيار1966 واستطاع الجيش العراقي العراقي احتلال قسم من هذا الجبل. وقد أصدر الزعيم الكردي مصطفى البارزاني أمره باعادة السيطرة القسم الذي احتله من هذا الجبل. وشن الثوار الاكراد في 17 مايو / أيار1966 هجوماً على مواقع الجيش العراقي في جبل (زوزك) ولكن المحاولة فشلت حيث كان الجيش العراقي قد استطاع وضع تحصيناته من الربايا وحقول الالغام”. شكيب عقراوي، المرجع السابق، ص205.
وعلى أية حال فإن رواية السيد شكيب عقراوي تختلف الى حدٍ ما مع رواية السيد البارزاني بشأن قيادة فاخر بن محمد آغا ميركه سوري للهجوم على اللواء الرابع واستعادة جبل هندرين، التي أشار إليها السيد مسعود البارزاني بالقول:” في يوم 11 أيار إجتمع البارزاني بالرؤساء والقادة في الجبهة لدراسة الموقف، بدا الجميع مستبشرين واثقين بالنصر وكانت ساعة الصفر الرابعة من بعد ظهر اليوم التالي على أن يتولى قيادة الهجوم: كمال نعمان وملازم خدر وفاخر ميركه سوري وعزت سليمان بك”. البارزاني والحركة التحررية الكردية، ج3، ص177، بينما ذكر السيد شكيب عقراوي السيد فاخر مير كه سوري عدة مرات وأثنى عليه كثيراً باعتباره قائد الهجوم على حد تعبيره، وتختلف الروايتان بشأن الهجوم على جبل زوزك لاستعادته، حيث يعترف السيد شكيب عقراوي بفشل الثوار الاكراد في استعادة الجبل من اللواء الثالث للجيش العراقي، بينما تطرق إليها السيد مسعود البارزاني بشكل آخر:” … أنه بسبب حجم الخسائر الكبيرة التي مني بها البيشمركه إضطروا الى الى إخلاء (زوزك) وفي هذه اللحظات بالذات وصلت قوات (مام وسو) وانضمت الى المدافعين وشنّت هجوماً مقابلاً تمكنت به من استعادة الجبل بأسره وطرد العدو منه”. البارزاني، المرجع السابق، ص176. بينما يقول شكيب عقراوي في مكان آخر دعماً لوجهة نظره:” بعد معركة هندرين الشهيرة بأيام حاول البارزاني شن هجوم لاستعادة المواقع التي كانت قد سيطرت عليها قوات اللواء الثالث (من الفرقة الثانية) في قسم من جبل (زوزك) قبل اسبوعين من ذلك الوقت. ولكن الهجوم فشل واستحال على الثوار الاكراد اعادة السيطرة على الجزء الذي احتله الجيش العراقي من جبل (زوزك)”. عقراوي، سنوات المحنة في كردستان، المرجع السابق، ص209. بينما تتوافق الروايتان بشأن الخسائر الملحقة بالجيش العراقي في معركة هندرين التي تتناسب مع حجم اللواء في الجيش العراقي، والتي كانت أقل بكثير مما ذكرتها المصادر الاسرائيلية المشهورة بمبالغاتها، ونقلتها عنها بعض مصادر الحزب الشيوعي العراقي في كتبهم وعلى مواقع الانترنت دون تروي أوتمحيص.