23 ديسمبر، 2024 1:00 م

الامير كاميران بدرخان مهندس العلاقات الكُردية – اليهودية/ج19

الامير كاميران بدرخان مهندس العلاقات الكُردية – اليهودية/ج19

 وفي سؤال للسيد جلال الطالباني حول لقائه بوكيل وزير الدفاع الاسرائيلي شمعون بيرس في باريس عام 1963م، وأن وفدا من البارتي بعضوية إبراهيم أحمد وعمر دبابة و شمس الدين المفتي زار إسرائيل؟، كان جوابه:” الخبران لا أساس لهما من الصحة، فالمسألة كانت كالتالي: كان السوفييت قد حددوا في كل بلد أزوره شخصاً منهم يرشدني و ينصحني فيما يتعلق بالعلاقات الخارجية، وحين كنت في باريس وأرأس الوفد الكردي، إلتقيت بشخص روسي لهذا الغرض. وذات يوم جاء الأمير كاميران بدرخان وقال لي :” الملك الحسين ووكيل وزير الدفاع البريطاني يريدان لقاءك، قلت : حسنا. ثم إتصلت بالروس فلم يمانعوا لقاءهما، وبعد فترة جاء كاميران مرة أخرى وقال: أنا كنت مخطئا، فالشخص الذي يريد لقاءك هو وزير الدفاع الإسرائيلي وليس البريطاني! وتذرعت له قائلا: “يجب أن أتحدث بالأمر مع الأخوة في كردستان، ولكني إتصلت بالروس(= السوفييت) فنصحوني برفض المقابلة! فأبلغت كاميران: بأن الإخوة في كردستان لا يوافقون على اللقاء. ينظر: خريف العمر مذكرات جلال الطالباني، الحلقة 23، إعداد: صلاح رشيد،ترجمة: شيرزاد شيخاني. وفي سؤال آخر عن سفر الأستاذ ابراهيم أحمد الى إسرائيل؟، كان جوابه:” لا أساس لذلك أيضا من الصحة، فلا الأستاذ ابراهيم ولا عمر دبابة ذهبا الى إسرائيل، كل ما في الأمر أن شمس الدين المفتي هو من ذهب الى إسرائيل برفقة الملا مصطفى و الدكتور محمود عثمان، وفي ذلك الوقت كنا في صراع مع الملا مصطفى. ينظر: المرجع السابق.

وفيما يلي أدناه نص الرسالة التي بعثها السيد جلال الطالباني الى الصحفي الاسرائيلي (شلومو نكديمون) في4/9/1997م، وشلومو نكيدمون[(1936-2008م)، صحفي إسرائيلي من قسم الدراساتفي صحيفة يديعوت أحرنوت]، ونفى فيها فيها لقائه مع نائب وزير الدفاع الاسرائيلي شمعون بيرس عام1963م في باريس، ولأهميتها سنورد الرسالة برمتها لأنها تحتوي على معلومات لا نجدها في المظآن الاخرى: ” اطلعت على الترجمة العربية لكتابكم الموساد في العراق ودول الجوار. ورأيت أنكم حشرتم اسمي اعتباطاً ولعله لغرض في نفسكم وزعمتم بأنني زرت مع الاستاذ ابراهيم احمد في تشرين 1963 السفارة الاسرائيلية في باريس. إن هذا الخبر عارٍ عن الصحة. إن هذا الخبر عار عن الصحة واني اذ أنني نفياًقاطعاً مزامعكم، أرى من الواجب بيان الحقائق التالية راجيا منكم تصحيح هذا الخبر الباطل في الطبعة الجديدة لكتابكم:

أولاً: لم اكن في تشرين 1963 موجودا في الخارج بل كنت موجودا في كردستان اقود معركة كبيرة حدثت بين القوات البيشمركة والقوات العراقية في مناطق شوان- اغجلر- جمي ريزان ووقائعها موجودة في الوثائق العسكرية العراقية ويشهد الالاف من الناس على حقيقة وجودي في كردستان آنذاك.

ثانياً: لم أكن ضمن الوفد الحزبي الذي ترأسه الاستاذ ابراهيم احمد في الخريف 1963 الى الاتيحاد السوفياتي وجيكوسلوفاكيا والمانيا الديمقراطية و فرنسا. و يعلم بهذا الحقيقة (عدا الوثائق الرسمية للبلدان الثلاث) عدد كبير من قادة الحزب الحزب الديمقراطي الكردستاني القدماء و قادة الحزب الشيوعي العراقي اذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر كلا من الاساتذة: ابراهم احمد، ود سيد عزيز شمزيني، وعلى عبدالله، والدكتور كمال فؤاد، وحلمي شريف، والمهندس سعدي محمد امين دزه يى (من البارتي القديم)، والاساتذة عزيز محمد، وكريم احمد، وانور مصطفى من الحزب الشيوعي العراقي.

وبالتالي فلا يمكن ولا يعقل أن أكون ضمن وفد البارتي الذي زار السفارة الاسرائيلية في باريس.

ثالثاً: لقد زرت باريس في حزيران 1963 وذلك بعد ان قضيت شهراً في جمهورية مصر استقبلني خلاله المرحوم المشير عبدالحكيم عامر في اواسط مايس وتشرفت بمقابلة الرئيس الخالد جمال عبدالناصر في 1/حزيران/1963 سافرت بعد ذلك الى بيروت حيث عقدت مؤتمرا صحفيا كبيراً وسافرت من بيروت الى اوروبا حيث وصلت باريس في أواساط حزيران التقيت خلالها بجلالة الملك الحسين والاستاذ الكبير محمد حسنين هيكل(= الصحفي المعروف) في فندق كريون. ومن باريس سافرت الى المانيا الديمقراطية فمدينة موسكو وبراغ عددت بعدها الى المانيا الاتحادية للأشتراك في مؤتمر الطلبة الاكراد ( اب 1963) المنعقد في مدينة ميونيخ.

وكنت أنوي الذهاب الى نيويورك للاشتراك في دورة الجمعية العامة للامم المتحدة عندما عرضت منغوليا القضية الكردية، ولكن بعد سحبها رجعت عبر طهران الى كردستان في شهر ايلول.

رابعا: لقد مكثت عدة ايام في طهران سافرت منها الى كردستان العراق وأعتقد ان هذه الزيارة مسجلة في وثائق السافاك الايرانية.

هكذا ترون انكم ادخلتم إسمي بخطأ عابر او مقصود في سجل زوار السفارة الاسرائيلية في باريس التي لم ازرها ابدا. وعلماً بانني سبق لي بيان حقيقة مواقفي المعروفة التي كانت انذاك مواقف التعاون مع الجمهورية العربية المتحدة والتيار الناصري حتى ان الاسم الرمزي (الكود) للرئيس الخالد عبدالناصر في الحركة والثورة الكرديتين كان (عم جلال). واعتقد ان المؤرخ يجب ان يكون دقيقا في ذكر الاحداث والوقائع وعرضها ولايليق به افتعال احداث أو تحريفها. لذلك اكرر رجائي بتصحيح هذا الخبر الباطل بأقرب فرصة ممكنة. وبهذا المناسبة اود بيان حقيقتين هما:

1 انني لم اكن قط ضد العلاقة مع اليهود لكونهم يهودا بل كان ومازال لي العديد من الاصدقاء اليهود بينهم الاستاذ ايريك رولو الصحفي المعروف والدبلوماسي الفرنسي السابق حيث التقيت به اثناء زيارتي الى باريس. وكذلك الاساتذة هنري كوريل، والدكتور بوخارد برينتس، والبروفيسور لازاريف، والسفير ابراموفيج. هذا فضلا عن السيدة الفاضلة المدام دانيال ميتران، والدكتورة لوري ميلروي وكذلك العديد من المثقفين والصحفيين اليهود

2 لم تعد العلاقة بين الكرد واليهود الاسرائيليين محرمة ومجرمة بعدها تطورت العلاقات الفلسطينية الاسرائيلية وبعد العلاقات الاسرائيلية العربية المتعددة. فليس الاكراد ولا يمكن ان يكونوا ملكيين اكثر من الملك ولا اكثر كثلكة من قداسة البابا نفسه!.

وبالتالي فليس للاخوة العرب الحق في العتاب على كل نوع من انواع العلاقة الكردية اليهودية و(الاسرائيلية) بل لهم الحق فيها اذا كانت العلاقة ضدهم او متعارضة مع المنافع الحقيقية للامة العربية الشقيقة. ينظر: صلاح الخرسان، التيارات السياسية في كردستان العراق، ص647-648، الملحق (5).

   فيما أورد الصحفي الفرنسي إريك رولو[ ولد في مصر في عام 1926م من عائلة يهودية، وأسمه الحقيقي  ( إيلي رفول) دخل عالم الصحافة وعمره 26 سنة متبنيا النظام الشيوعي، والتقى مؤسس جماعة الإخوان المسلمين: الشيخ حسن البنا(1906-1949م)، قبل اغتياله عام1949م على يد النظام الملكي المصري، كانشاهدا على قيام دولة إسرائيل حيث كانت المعركة محتدمة بين اليسار واليهود، وكان لقيام هذه الدولة بالغالاثر على خارطة الشرق الأوسط، مما اضطره إلى العيش في المنفى بدء من عام1951 حيث سقطت منهالجنسية المصرية، وقرر العيش بفرنسا لتصبح بلده الثاني وعمل في صحيفة اللوموند الفرنسية، واصبح فيما بعد سفيرا لفرنسا في تونس وتركيا، توفي في 25 فبراير/ شباط2015]. فيقول في مذكراته:” أما جلال طالباني، الذي كان وقتذاك موظفاً عسكرياً لدى زعيم الانتفاضة الكردية الملا مصطفى البرزاني، فلم يكن يقسم إلا بحياة عبدالناصر الذي إذ أولاه شرف استقباله، قد أكد له دعمه لكفاح الشعب الكردي من أجل الحصول على الحكم الذاتي. وكان الموقف الذي اتخذه الريس جريئاً في زمان كانت الوحدة العربية تختلط فيه بالشوفينية بمنتهى السهولة. ولقد ربطتني صداقة بجلال الذي عاودتُ لقاءه مراراً في أروقة المقاومة الكردية في العراق، وكذلك في بغداد، وفي بيروت، وفي طهران، وفي أنقرة، وفي باريس كان لحديثه جاذبية، وفي حسه الفكاهي عوضٌ عن روحه المتهكمة، فكان يغير بمنتهى البساطة من ولاءاته، وأعدائه، وحلفائه، بل وأيديولوجيته (فقد كان ماوياً وغير ذلك)، حتى أنه وصل به الأمر إلى التفاهم مع صدام حسين . كان تكتيكه يتغير تبعاً للظروف، أما استراتيجيته فظلت راسخةً لا تتغير: إذ ظل وفياً إلى تطلعات شعبه. وقد وصل إلى قمة مشواره المهني لحظة انتخابه رئيساً للجمهورية العراقية بعد إسقاط صدام حسين في 2003 وقد كان وفاؤه للتحالف مع الولايات المتحدة، حامية الأكراد قبل وبعد غزوها العراق، وفاءً نموذجياً. ينظر:كواليس الشرق الأوسط 1952-2012م، ترجمة: داليا سعودي، صحيفة الاقتصادي، 24 /6/ 2020م.

 مما مر ذكره يبدو أن هناك تناقضاً في المراجع الكردية والاسرائيلية والمعلومات المرشحة منها، حول لقاء بعض قيادات الحركة الكردية (= ابراهيم أحمد سكرتير البارتي، وجلال الطالباني، وعمر مصطفى دبابة عضوي المكتب السياسي للبارتي) بشخصيات سياسية وأمنية اسرائيلية في باريس (= غولدا مائير وزيرة الخارجية الاسرائيلية، شمعون بيريس نائب وزير الدفاع الاسرائيلي، مائيرعاميت، رئيس جهاز الموساد الاسرائيلي، والتر إيتان السفير الاسرائيلي في فرنسا، مناحيم نافوت ممثل الموساد في فرنسا) في عام1963م.

فبينما تؤكد بعض المصادر الاجنبية (= الصحفي الامريكي جوناثان راندل في كتابه: أمة في شقاق)، والمصدر الاسرائيلي شلومو نكديمون في كتابه: الموساد في العراق ودول الجوار، والاكاديمي العراقي سعدناجي جواد في كتابه:العراق والمسألة الكردية. والمصادر الكردية : مسعود البارزاني في كتابه: البارزاني والحركة التحررية الكردية، ومحمود عثمان في مقاله: بجريدة الوسط اللبنانية، ولقائه بصحيفتي الحياة والشرق الاوسط اللندنيتين حصول ذلك اللقاء، يلاحظ أن السيد جلال الطالباني ينفي ذلك في رسالته المنوه عنها آنفاً.

والغريب أن صحيفة النور (1968-1970م)التي كان يصدرها جناح المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة ابراهيم احمد وجلال الطالباني المنشق عن قيادة الملا مصطفى البارزاني في بغداد، كانت تشير في كثير من أعدادها في سنتي 1986 -1969م الى العلاقة القائمة بين الحركة الكردية بقيادة البارزاني وبين إسرائيل، والدعم العسكري والمادي الذي كانت تقدمة الاخيرة  الى الحركة الكردية، كما أن الاتحاد الوطني الكردستاني بعد تأسيسه، أصدر كتيباً بهذا الشأن تحت عنوان (ارتباط القيادة البارزانية باسرائيل وجهاز مخابراتها الموساد) في تشرين الاول/ نوفمبر عام1981م.

وعلى أية حال ففي شهرحزيران/ يونيو عام 1963م التقى كاميران بدرخان سرَّاً بنائب وزيرالدفاع الاسرائيلي شمعون بيريز(= الرئيس الاسرائيلي فيما بعد) في باريس بحضور القياديين في الحزبالديمقراطي الكردستاني العراقي آنذاك ابراهيم احمد وجلال طالباني، وأثمر هذا اللقاء عن بدايةلعلاقة الحركة الكردية في العراق مع إسرائيل رسميا التي انتهت عام 1975م بانهيار الحركة الكرديةالعراقية بعيد اتفاقية الجزائر في 6 آذار/ مارس1975م.