23 ديسمبر، 2024 6:38 ص

الامير كاميران بدرخان مهندس العلاقات الكُردية – اليهودية/ج43

الامير كاميران بدرخان مهندس العلاقات الكُردية – اليهودية/ج43

وتجدر الاشارة الى أن الدكتور عصمت شريف وانلي له وجهة نظر أخرى بشأن علاقة الحركة الكردية بإسرائيل، حيث يشير الى هذه الناحية بقوله:” لم تُصدر حكومة تل أبيب أي بيان رسمي يحدد موقفها من النزاع الكردي – العراقي. هناك بيان واحد نعرفه كان قد أعلنه الجنرال موشي ديان (= وزير الدفاع الإسرائيلي في تلك الحقبة)، في مؤتمر صحفي لدى وصوله باريس مندوباً عن بلاده ولم تكن لديه أية مشاغل رسمية آنذاك. وفي معرض رده على سؤال صحفي، أعرب موشي ديان، عن تعاطفه الشخصي مع الشعب الكردي وحقوقه الوطنية ضد حكومة بغداد. ربما كان في العام1966م”. كردستان العراقية هوية وطنية ( دراسة في ثورة 1961)، ترجمة: سعاد محمد خضر، مؤسسة زين لاحياء التراث الوثائقي والصحفي الكردي، السليمانية، 2012م، ص397 – 398.
وبخصوص موقف المنظمات الكردية من إسرائيل، فإنه بشير الى أن بعض المنظمات كان موقفها واضحاً، فيما تفادت منظمات كثيرة الافصاح عن موقف واضح تجاه القضية الفلسطينية:” وفي المقابل، أعلنت بعض المنظمات الكردية في قرارات رسمية وفي بعض الاحيان عن تضامنها مع القضية العربية وتأييدهم للشعب الفلسطيني. وآخر مثال على ذلك، هو القرار الذي اتخذه المؤتمر الثالث عشر لاتحاد طلبة كردستان من أوربا في الحادي عشر الى السابع عشر من آب (1968) وحيث أرسل الجنرال البارزاني نفسه برقية تضامن للقضية الفلسطينية. ويبدو انه وعلى أي حال قد تفادت منظمات كردية كثيرة اتخاذ موقف واضح في قضية الصراع العربي الاسرائيلي. ونعرف مع ذلك وأثناء حرب الايام الستة في حزيران (1967)، وحيث كان هناك وقف هش لاطلاق النار في كُردستان، رفض البارزاني ارسال قوات ثورية لمحاربة إسرائيل، بل طالب قبل كل شىء بضرورة اجلاء القوات العراقية من بعض المناطق الكردية”. عصمت شريف واني، المرجع السابق، ص398.
أما بخصوص الادانات التي تطلقها بعض الاوساط بشأن وجود تواطأ بين الحركة الكردية وإسرائيل، وتشاركها الرأي نفسه الجماعة المنشقة وعلى وجه الخصوص وجريدتها (النور) التي كانت تصدر في بغداد، في إشارة الى جماعة ابراهيم احمد وجلال الطالباني التي كانت آنذاك في صراع مسلح ضد قيادة الحركة الكردية المسلحة بقيادة البارزاني:” ثم أن الاشارات التي تطلقها بعض الاوساط العراقية، وتحذو حذوها الجماعة المنشقة وعلى وجه الخصوص وجريدتها (النور)، يدعون فيها أن هناك تواطئاً بين الثورة وإسرائيل، أو بين الثورة وحلف السنتو، ليست إلا افتراءً ولا أساس له من الصحة. ولكن مع غياب وجود أي صلة على مستوى المسؤولين، أو الادانات الكُردية الرسمية للسياسة الاسرائيلية أنما تنعكس المشاعر الشعبية بشكل خاطىء”. المرجع السابق، ص398. والغريب أن الدكتور عصمت شريف وانلي كان ممثل الحركة الكردية مع الجانب الاسرائيلي اعتباراً من سنة1964م بدلاً من الامير كاميران أمين عالي بدرخان، فضلاً عن ذلك أنه كانت لديه علاقات متوازنة مع الجماعتين الكرديتين: حزب البارتي بقيادة البارزاني، والجناح المنشق عنه بقيادة ابراهيم احمد وجلال الطالباني باعترافه هو شخصياً في مذكراته، وأنه كان في حال مجيئه الى طهران كان يقيم في المنزل الذي كانت تتواجد فيه الجماعة المنشقة على حد تعبيره. وكان هو شخصياً قد زار اسرئيل عدة مرات باعترافه هو شخصياً في مذكراته، وما دونه الصحفي الاسرائيلي (شلومو نكديمون) عنه صفحات طويلة؟ أعرضنا عنها خشية الاطالة، ومن يريد المزيد فعليه مراجعة الجزء: 20، 21.
أما بخصوص الموقف الشعبي للرأي العام الاسرائيلي من القضية الكردية في كل من العراق وسوريا، فالامر مختلف، حيث يقول:” والموضوع ليس فقط مجرد تعاطف شعبي مع شعب يناضل ضد الظلم الذي تمارسه الحكومات العربية المعادية لاسرائيل، بل إنهم يعتقدون في موضوعية بأن حكومة بغداد تصعف بنفسها المعسكر الغربي على الصعيد العسكري، عندما ترسل معظم قواتها الى كردستان. ومن جهة أخرى وأمام حرب كردستان ورفض حكومة بغداد الاعتراف بالذاتية الكردية ومطاردة حكومة دمشق للاكراد، ويبدو أن الرأي العام الاسرائيلي يجد في ذلك البرهان على أن تلك الحكومات العربية ليست مخلصة تماماً في ادعاءاتها بالتقدمية والاشتراكية أو الديمقراطية، بل أنهم إنما يمثلون في الحقيقة قوى شوفينية عنصرية وعسكرية، الى جانب ذلك هناك سبب تأريخي واجتماعي لذلك الموقف الغريب على اعتبارات الساحة السياسية. ويكمن ذلك السبب في حقيقة أن يهود كُردستان كانوا يتعايشون في تفهم كامل مع مواطنيهم المسلمين، ولم يشعروا يوماً بأي مظهر من مظاهر التمييز العنصري. ورغم أنهم هاجروا هجرات جماعية الى إسرائيل، إلا أنك تراهم يعيشون مجتمعين ويتحدثون الكُردية في سهولة أكثر من العبرية وظلوا منتمين عميقاً الى بلدهم الاصلي”. عصمت شريف وانلي، كردستان العراقية هوية وطنية، المرجع السابق، ص398 – 399.
وم جانب آخريتطرق السيد وانلي الى كتاب جديد حول (المجتمعات اليهودية في كردستان) تم نشره في الصحيقة الكردية الناطقة بلسان جمعية الطلبة الاكراد في أمريكا في شهعر آذار/ مارس عام1968م:” … والاكثر من ذلك فإن صفاتهم الشخصية كفلت لهم تميزاً واحتراماً خاصاً لدى الشعب الإسرائيلي. ويتحدث عن ذلك كتاب جديد بقلم (أ. بن يعقوب) وتم نشره بالجريدة الكُردية لسان حال الطلبة الاكراد في أمريكا. وعنوان الكتاب: المجتمعات اليهودية في كُردستان، ولكل تلك الاسباب تتحدث صحافة المهجر (الدياسبورا) بتفهم عن القضية الكردية وتقف ضد حكومات بغداد ودمشق. وهي تتفادى بشكل عام الحديث عن القضية الكردية في تركيا وإيران”. ومن المعلوم أن الباحث الاسرائيلي ( يونا صبار) هو مؤلف كتاب ( اليهود في كُردستان)، في تلك الحقبة في سنة 1968م، ويمكن أن يكون اسم (أ. بن يعقوب) هو الاسم المستعار له في تلك الآونة. المرجع السابق، ص399، الهامش (416).
وحول وجود تجمع إسرائيلي ينادي بالدفاع عن الحقوق الكردية، يقول السيد وانلي:” لاحظنا منذ سنوات في إسرائيل، وجود تجمع للمثقفين بقيادة السيد ( م. أفرني) أحد نواب المعارضة في برلمان أورشليم (= القدس) للقيام بحركة موالية للاكراد، تستجيب للجنة الدفاع عن حقوق الشعب الكردي. ونحن لا نعرف الكثير من نشاطاتها وهل لا زال هذا التجمع قائماً أم لا”. المرجع السابق، ص399. وكان الاجدر بالسيد وانلي الاشارة الى أنه هو من شكل لجنة الدفاع عن حقوق الشعب الكردي وأنه رئيسها.
أما فيما يتعلق بموقف الكرد من إسرائيل، فيعترف السيد وانلي بعدم وجود موقف أجماعي، ويذكر ثلاثة مواقف متباينة:” أما فيما يتعلق بموقف الاكراد أنفسهم تجاه إسرائيل فيمكننا أن نقول أنه لايشكل اتجاهاً اجماعياً. والاقلية الشيوعية تتبع خط حزبها وتعارض إسرائيل بشدة. ومجموعة ( النور) المنشقة هي كذلك معارضة لاسرائيل، وتعمل على تقزيم القضية الوطنية الكردية، عندما تعرضها على أنها مجرد خلاف بسيط مع الحكومة العراقية، وهي تؤكد على أن معركة الاكراد الكبرى التي يجب عليهم خوضها، هي لتحرير فلسطين الى جانب العرب. ويوجد في موقف تلك المجموعة جزء كبير من الديماغوجية والمزايدة، بهدف الحصول على المال والسلاح الضرورين جداً لجنرالات بغداد بخصوص المعركة ضد الثورة. وهناك تجمع ثالث ولكنه صغير ويمثله القوميون المتطروفون (= الكازيك) المعادون للعرب، ونتيجة ذلك الموقف أنه أصبح ملائماً لموقف إسرائيل ونحن نرى، أن موقف تلك المجموعات الثلاث لا تعكس مطلقاً مشاعر الشعب الكردي، فقد ظلت الجماهير الكردية مرتبطة بالعُرى التأريخية، الدينية وغيرها القائمة بين الشعوب العربية والشعب الكُردي، وهي تستنكر على وجه الخصوص تشرذم الشعب الفلسطيني، كما أن تلك الجماهير الكُردية تشعر بالتعاطف والتضامن مع معركة وجوده الوطني”. المرجع السابق، ص399 – 400.
ويفرق السيد وانلي بين موقفي الجماهير الكردية والعربية من إسرائيل، بالقول:” ولكن تلك الجماهير الكُردية لا تشعر بمثل تلك الكراهية التي تحملها الجماهير العربية تجاه الشعب اليهودي. ويمكننا أن نقول أنه على العكس، تطالب الشعب الفلسطيني كما تطالب الشعب اليهودي بحياة حرة كريمة، ووجود وطني خاص بين شعوب الشرق الاوسط الاخرى”. المرجع السابق، ص400. في اعتقادي أن موقف الجماهير الكردية وهم الاكثرية في تلك الحقبة لا يختلف عن الجماهير العربية خاصة من ناحية الاعتبار الديني ووقوع القدس والمسجد الاقصى تحت السيطرة الإسرائيلية، ولكن موقف المثقفين ما عدا الاسلاميين منهم الذين كانوا قلة آنذاك، قد يختلف لأن مفاهيم العلمنة والليبرالية والديمقراطية قد دخلت الى عقولهم، وسرت في أفكارهم، لاسيما الذين درسوا في الجامعات والمعاهد العليا في عواصم بلدانهم أو في الغرب، أو دخلوا في التنظيمات السياسية الكردية القومية واليسارية والماركسية على حدٍ سواء.
ويحاول السيد وانلي استدراد عطف القارىء من خلال بيان حالة طالب كردي عراقي يدرس في أوروبا ضاقت به السبل على أمل الحصول على جواز سفر، وزار خلالها إسرائيل:” وفقد ذلك الطالب جواز سفره العراقي، ووسائل عيشه وتأخر في دراسته ولم يعد يعرف شيئاً عن أخبار أسرته التي عرف أنها فقدت ثروتها في حرب كردستان. وهيأ له بلد أوربي معروف بحسن الضيافة، منحة دراسية وأوراقاً ثبوتية مؤقتة تساعده على الترحال. وفي سفرة خاصة الى الشرق الاوسط، نزل لبضع ساعات في تل أبيب وقال لنا: قلت للجميع إنني كُردي وإنني أكره حكومة بغداد، وكان بجب أن تروا رد فعل المارة: أناس لم يكونوا يعرفونني مطلقاً تجمعوا حولي، يسألونني، وكُل يريد أن يستضيفني بل وأمطروني بالهدايا. وهل يمكن أن نؤنب ذلك الطالب على ردة فعله”. كردستان العراقية هوية وطنية، المرجع السابق، ص400.