23 ديسمبر، 2024 1:48 م

الامير كاميران بدرخان مهندس العلاقات الكُردية – اليهودية/ج36

الامير كاميران بدرخان مهندس العلاقات الكُردية – اليهودية/ج36

وفيما يلي نص برقية إستنكار من المكتب السياسي للحزب الديموقراطيالكردستاني موجهة إلى مراجع عديدة، ونسخة إلى السيد عزيز شريف ( = وزير الدولة العراقي) ومؤرخة في 1/10/1973م، جاء فيها:” حدث خلاف محلي قبل بضعة أيام فيمنطقة القوش بين أنصارنا وبين الشيوعيين في المنطقة المذكورة. وحظر إلى مقرنا فوروقوع النزاع ممثلون عن قيادة الحزب الشيوعي وتم الإتفاق على حسم المشكلة، إلا انقوات الجيش إتخذت من الحادث العابر المذكور حجة لمهاجمة المنطقة وقصف القرىالمحيطة بها بالمدفعية الثقيلة ولازالت الإشتباكات مستمرة هناك منذ ثلاثة أيام بسبإصرار قوات الجيش على مواصلة هجومها على المنطقة، إن المصلحة العامة وصيانةأرواح المواطنين وممتلكانهم تستلزم الإيعاز بوقف القتال فورًا والذي لم يكن له مبررأصلاً  لكي يتسنى لنا سحب أنصارنا من منطقة الإشتباك. إنبؤونا.

كما صدرت برقية من عزيز شريف في مقر البارزاني موجه إلى كل من الرئيس(= الرئيس العراقي أحمد حسن البكر) ورئيس اللجنة العليا (= صدام حسين) في التاريخ ذات، جاءفيها:يؤكد الاخوان هنا بأن المدفعية مستمرة على قصف مقرات البيشمركه في منطقةالقوش. وهذه الاخبار لا تنسجم مع مواقف الإخوان هنا، إذ قد ابرق المكتب السياسيللحزب الديموقراطي الكردستاني برقية عممت صباح اليوم إلى كافة منتسبيه بضرورةالحفاظ على الهدوء وتجنب كل إحتكاك تقديراً للظرف الذي تواجه فيه القوى العربيةالعدو الصهيوني. ارجو الامر بما ينبغي لإنهاء هذه الحالة.” عزيز شريف. ينظر: مذكرات عزيز شريف، ص 416.

وبخصوص موقف البارزاني من حركة تشرين الأول (= حرب تشرين الاول عام 1973م)، يقول ما نصه:” منذ حزيران 1968 أعلن البارزاني موقفه بأن لا تخوض الحركة القوميةالكردية حرب ضد الجيش العراقي فيما إذا إشتبك مع إسرائي، وذلك برسالة وجهها إلىالرئيس(= السوري) نوري الدين الاتاسي في التأريخ المذكور، وقد تم الحديث عنهامفصلاً، وكرر موقفه هذا عند نشوب الحرب ضد إسرائيل في تشرين الاول 1973م،  فقدكنت في مقره في 9/10/1973م وحرر إلى الرئيس البكر الرسالة التالية:

سيادة الاخ المهيب احمد حسن البكر المحترم

رئيس الجمهورية العراقية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إن معركة المصير التي تخوضها الامة العربية الشقيقة وما يتصل بذلك من مضاعفاتتحتم علينا جميعًا تقدير واجبنا التأريخي والعمل من أجل رص وحدتنا الوطنية وبذلاقصى ما نستطيع من جهود لتذليل المشاكل والعقبات الثانوية بيننا والعمل الجاد مناجل تعزيز جبهتنا الوطنية الداخلية وتوفيرمستلزمات التصدي الناجح لدرء المخاطرالمحدقة ببلادنا وتصفية الجمود الذي يكتنف العلاقات بيننا وبين حزب البعث العربيالإشتراكي، والسعي من اجل دفع هذه العلائق بإتجاه إيجابي يضمن تقوية وحدةشعبنا العراقي الوطنية من جهة ويحقق المطامح المشروعة لشعبنا الكردي ضمن هذاالإطار من جهة أُجرى. وإننا لنتطلع إلى إجراء تلاقي أخوي جاد في أقرب وقت ممكنبين ممثلينا وممثلي الحكومة للتوصل إلى صيغة مرضية للحكم الذاتي لمنطقةكردستان تنسجم مع روح إتفاق آذار التأريخي ومن ثم إنجازالجبهة الوطنية التقدميةوتقبلو في الختام يا سيادة الرئيس فائق الإحترام والتقدير.

مصطفى البارزاني

ينظر: مذكرات عزيز شريف، ص 416 – 417.

ويذكر السيد عزيز شريف أنه بعد عودته من لقاء السيد البارزاني في مقره في كلاله، قدم قدمت تقريرًا مؤرخًا في 10/10/1973م بنسختين إلى كل من رئيس الجمهوريةورئيس اللجنة العليا لشؤون الشمال:” قدمت ضمنه رسالة البارزاني . ومما بينت فيه … ان البارزاني وجه برقية إلى جميع منتسبي الحزب الديموقراطي الكردستانيبضرورة إتخاذ موقف تضامني مع الشعب العراقي وتجنب الإحتكاك، وأن الرسالة التيوجهها السيد مصطفى البارزاني إليكم تعرب عن تقدير الواجب التأريخي في رصوحدتنا الوطنية في هذا الظرف وإني لأرجو ان تحظى هذه المبادرة بالإهتمامالضروري، وإني مستعد للعودة لأجل مواصلة تطوير العلائق بينكم وبين الإخوانالاكراد في الطريق الإيجاني الذي نرجو، ولأرجوا ان احمل تجاوبًا من جانب السلطةالوطنية لتلك المبادرة، وأن تثمن الإجراءات لأجل التلاقي الايجابي الجاد الذي أشار إليهالاخوان الكرد من اجل تصفية نقاط الخلاف التي قد تعترض الإتفاق بين الجانبين.وفيما يتعلق بتوتر العلائق بين الحزب الديموقراطي الكردستاني والحزب الشيوعيجرى الإتفاق على تحاشي اسباب التوتر. ولقد ابديت للإخوان الكرد إستعداديلمواصلة العمل من الناحيتين: أي في موضوع إزالة الخلاف بينهم وبين كل من الحزبينالآخرين، فرحبوا بذلك. إني أرى أن الوقت ليس في جانب مصالحنا الوطنية العليا إذتركت المظاهر السلبية دون العمل الجاد لتصفيتها. ولكن السلطة لم تعر أي أهمية لموقفالقيادة الكردية ولم ترسل إلى البارزاني رسالة حول الرغبات والموقف الذي إتخذه. وإنمامضت في المفاوضات بمشاركة عناصر معادية للقيادة الكردية، بينما كانت قواتهامشاركة في جبهة القتال ضد العدوالصهيوني. ينظر: مذكرات عزيز شريف، ص417.

ويشير السيد عزيز شريف الى أنه بعد خمسة ايام كانت طويلة في ذلك الظرف وبناءًعلى رغبة الرئيس البكر بأن يصدر عن البارزاني تصريح شخصي ضد إسرائيل، وبأن لايكتفي بما تصدره صحيفة الحزب الديموقراطي الكردستاني(= التآخي) من تصريحات مناهضة لاسرائيل وللحركة الصهيونية. لذلك أرسل السيد عزيز شريف رسالة الى السيد البارزاني في15/10/1973م، جاء فيها: “يسرني ان اعرب عن جزيل شكري وتقديريللموقف النضالي المشرف الذي اعربتم عنه عند لقائنا الاخير بشأن معركة المصير التيتخوضها الامة العربية. وهذا تعبير عن الروح الحقيقي وعن المصالح الحيوية لقضيةتحرره المرتبطة إرتباطًا جوهريًا بمصالح التحرر العربي. لا سيما وأن المعركة الشرسةالتي يواجه فيها الشعب العربي عدوانًا إمبرياليًا رجعيًا. وان هذه المعركة لن تقتصرنتائجها على مصير الشعب العربي، بل ستأثر بشكل مباشر على مصير الشعبالكردي وشعوب المنطقة كافة. إن جريدة التآخي تعرب بإستمرار عن هذا الروحالتضامني . ولكن انظار جميع المواطنين المخلصين وجميع اصدقاء الشعبين الشقيقينتتجه اليكم شخصيًا، وتأمل ان يصدر تصريح حازم حاسم بالتضامن مع الكفاح العربيفي المعركة الضارية الحالية. وإني لأُعبر ايضًا عن هذه الرغبة وأملي ان تصدرواتصريحًا بهذا الخصوص. لقد كان هذا طلبًا وحيد الجانب.

وإذ لم تبد أي مبادرة السلطة تتجاوب مع مبادرات البارزاني، لذلك قدمت (= والكلام للسيد عزيز شريف) إلى (= الرئيس) البكر رسالة ونسخة منها إلى صدام حسين(= نائب رئيس مجلس قيادة الثورة) في اليوم ذاته 15/10/1973م، ومما جاء فيها:” يا سيادةالرئيس إني أُؤكد تقديري لمدى الضرر من إستمرار الوضع الحالي وما يشير إلى تردي اخطر، صحيح ان الضرر يعم الشعب العراقي بأجمعه عربة وكردهإلخفحريبالسلطة الوطنية ان تكون اكثر تقديرًا للمخاطرلا سيما وإنها مشتبكة في حربضارية مع العدو الصهيوني. وعليها بالدرجة الاولى واجب المبادرات الإيجابية ومنمصلحتها آنيًا ومستقبلاً لا ان تتجاوب مع الجانب الكردي فحسب، بل ان تفوقها كثيرًا. فمن مصلحتها وواجبها ان تضع حدًا لكل المشاكل الجانبية التي تعيقها في معركةالمواجهة. وأن تنظر إلى ما بعد هذه المعركة. إن المبادرات الإيجابية من جانب السلطةستؤثر في المنطقة. فهي تمهد لعمل اوسع لتصفية المشاكل. وقبل ذلك ستضعف نشاطالعناصر الفاسدة في أجهزة الدولة في المنطقة، وفي الوقت ذاته ستضعف نفوذالعناصر السلبية بين الكرد. واكدت على ضرورة العدول عن مواصلة العمل لاجل تحديدالحكم الذاتي بالاعتماد على ج. و. ق. ت. (= الجبهة الوطنية والقومية التقدمية) والعملبدلا من تلك الجبهة في جبهة تضم ممثلي البعث العربي الاشتراكي، والقيادة الكرديةوالوطنيين والمستقلون حقا. فهذه الاطراف وحدها يمكن ان تكون اتحادا وطنيا يمثلالشعب العراقي ويسند جيشه ويواصل العمل نحو حل افضل لمسالة الكردية غير اندولاب التردي واصل دوراته. عود الى الاحتكاك بين مسلحي الحزب الشيوعي العراقيوالحزب الديموقراطي الكردستاني في نشرة للمكتب السياسي للحزب الاخير محررةبانفعال يوم 17/  11/  1973 تدعى ان منتسبي الحزب الشيوعي إحتلوا بعض الازقةفي دربندي خان ووجهوا النار على مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني. اثنان ذكرالتقرير اسميها ، كما ذكر اسماء اربعة اختطفوا. وفي تقرير سري من مديرية الامنالعامة الشؤن السياسية عدد: ش 3 21701 بتاريخ 9/10/1973م الى وزارة الداخليةجاء ما يلي: “… بالرغم من تعزيزات المسلحين الاكراد فقد احتل مسلحوا الحزبالشيوعي بعض المناطق التي تراجع عنها البارتيون(= جبل القوش والمناطق المحيطة بها)، بعد أن اصيبت فصائلهم بخسائر في الارواح حيث أدخلوا سبعة من جرحاهم الىمستشفى دهوك، مما دفعهم الى القيام بحملة اعتقالات على منتسبي الحزبالشيوعي....

ثم يذكر التقرير تعزيزات قوات الحزب الديمقراطي الكردستاني في دهوك والشيخانوتصادم مع الشرطة. وفي رسالة من المكتب السياسي للحزب الديموقراطي الكردستانياللجنة المركزية للحزب صادرة في بغداد  بالعدد 1623 بتاريخ 11/ 11/1973م، يذكر فيهااللقاء في ناوبردان(= احدى مقرات البارزاني المخصصة للاجتماعات المهمة، ومعناها الطريق بين الجسرين) مع الشيوعي العراقي (ابوحكمت) حول ما سمي (خطورةتسليح الحزب الشيوعي) في منطقة قره داغ على اعتبار ان المنطقة تعود الى البيشمه ركه ” … ( ونظرا الى مواصلة تسلح الشيوعيين فقد فرض البارت عليهم الحصار. وفياليوم التالي شرع الشيوعيون بالانسحاب ولكن جرى تبادل اطلاق الرصاص بينهموالبيشمركه وتطور الامر الى وقوع ضحايا من الجانبين). ينظر: عزيز شريف، مذكرات عزيز شريف، ص418 – 419.

ولذلك يمكن القول أن السيد عزيز شريف وزير الدولة العراقي والشخصية اليسارية المشهورة، كانت أفكاره النيرة والشفافة والقريبة من الوجدان والعقل الكردي، كان وسيطاً ناجحاً، ورجل المهمات الصعبة في تلك المرحلة الحرجة من تاريخ العراق المعاصر؛ لذلك كان يقوم بجولات مكوكية بين الجانبين الحكومي العراقي وبين القيادةالكردية على أمل نزع فتيل التوتر بين الجانبين الذي كان قد بلغ أشده، ولا سيماالتصريحات والمقالات النارية التي كانت تجري بين الصحيفيتين: الثورة الناطقة بلسان حزب البعث، والتآخي الناطقة بلسان حزب البارتي، والابقاء على شعرة معاوية، علىغرار ما كان يفعله هنري كيسنجر وزير الخارجية الامريكي آنذاك من محاولات احلالإتفاقية هدنة دائمة بين مصر وسوريا من جهة واسرائيل من جهة أخرى.