23 ديسمبر، 2024 1:37 ص

الامية والسياسة وصورة المستقبل

الامية والسياسة وصورة المستقبل

لاندري اي صورة يمكن رسمها لمستقبل العراق في ضوء العدد المفزع والمهول لعدد الاميين الذي يبلغ ،بحسب تصريح لنقيب المعلمين العراقيين من على شاشة فضائية الشرقية نيوز، ثمانية ملايين امي ، ما يدلل بما لايقبل الشك فشل الطبقة السياسية في ادارة شؤون وطننا الذي تتحكم بمقدراته منذ الاحتلال الى الان . واذا اضفنا الى هذا الرقم الاعداد الكبيرة من المتسربين من المدارس ممن لم يكملوا تعليمهم الابتدائي او المتوسط ومعهم انصاف المتعلمين او هبوط مستوى الخريجين العلمي في الغالب لادركنا حقا قتامة المستقبل وسودوايته .. لا اريد ان ابدو متشائما غير انه في نفس الوقت لا ينبغي ان نبني احلامنا على سراب ووهم ، فمثل هذه الاعداد من الاميين لاتمنح صورة مشرقة عن مقبلات الايام ، بل انه ناقوس خطر يدق بشدة ليحذرعسى ان يسمع من به صمم من سياسيي الصدفة الذين لاهم لهم غير التدافع واللهاث وراء المنافع والعمولات والتنافس غير الشريف على المناصب .. ومما يزيد الاسى ان الخبر الذي بث قبل ايام مر مرورا عابرا من دون اهتمام او تعقيب من مجلس النواب او الحكومة او وزارة التربية المعنية او اية جهة سياسية ، برغم تاثيراته السلبية على المجتمع ومستقبل الوطن . وكان يفترض بهذه الجهات ان تتدارس اسباب ارتفاع هذه النسبة من الاميين والحلول المناسبة لانهاء هذه الآ فة التي ترتبط بعدة اسباب من ابرزها الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتردية التي نعيشها منذ الاحتلال الى اليوم .
اليوم ومع ما يشهده العالم من قفزات كبيرة في مستوى التطور المعلوماتي والعلمي وابتكار وسائل لزيادة المعرفة ، يزيد مساحة الهوة بيننا وبين الدول الاخرى بما فيها المجاورة كما ان عدم المبالات بوجود هذه الاعداد من الاميين يضع كل الجهات المعنية في موضع الشبهة التي ترقى الى مستوى الجريمة بحق هذا الوطن الذي وصل فيه التعليم الى مستويات متقدمة وبشهادة اليونسكو.
ولا نجانب الحقيقة اذا قلنا ان الفساد السياسي الذي فرخ انواع اخرى من الفساد المالي والاداري يقف في مقدمة اسباب الامية التي استشرت في العراق بعد الاحتلال ، حيث يعاني مئات الالاف من الخريجين وحملة الشهادات العليا من البطالة في حين تكتظ دوائر الدولة بشبه الاميين واذكر هنا على سبيل المثال ان احد وزراء الكهرباء السابقين قال ان نسبة الموظفين في وزارة الكهرباء من حملة الشهادة المتوسطة فما دون تبلغ 60% في حين ان هنالك مهندسيين وحملة شهادات يفترشون الارصفة كباعة جوالين ولا تختلف الوزارات الاخرى عن الكهرباء كثيرا !
المطلوب حملة واسعة للقضاء على الامية تبدأ بوضع حوافز تشجع الاميين على الالتحاق بمدارس محو الامية ولا اظنها موجودة اصلا وهذه هي الطامة الكبرى، كما ان على لجنة التربية النيابية ان تتدارس الواقع التربوي والتعليمي المتدهور في العراق لاسباب متعددة منها المدارس الاهلية التي ربما قد فاقت باعدادها المدارس الحكومية .. اللهم اشهد اني قد بلغت .