غدا ساتوجه الى ممارسة حقي الديمقراطي في الانتخاب ولكن ما فائدة ان أعطي صوتي لشخص او حزب سياتي بوزيريحمل فكرا دكتاتوريا متجذرا في بنيته التربوية والثقافية؟ وزير جعلني اعيش تحت ضغط عذاب الضمير وانا ارى مستقبل ابنائنا ينحدر نحو المجهول. فالسيد الوزير يصدر الاوامر من برجه العاجي وانا التدريسي علي ان أنفذ ولا اناقش ، فالتعليمات قادمة من المركز بغداد، انها تعليمات الوزارة التي تعين رئيس الجامعة وتختار العميد. اشاهد بعيني كيف تمر الايام سراعا ولم يستفد الطلبة مما نسميه مجازا علوما ومعارف سوى كلمات يحفظها الطالب عن ظهر قلب لمدة لا تتجاوز موعد حضور الامتحان ونهايته. اسمع باذني كيف يتذمر الطلبة من طرائق التدريس القديمة والمناهج الدراسية المستهلكة ولكني لا استطيع ان اسهم بحل مشكلتهم. ومما يزيد من معاناتي اني عشت على مدى خمس سنوات في عالم متحضر يشكل التعليم فيه اساس كل حركة في بناء الدولة.
السيد الوزير يصدر التعليمات المركزية ولا يعلم اننا نشغل بناية ايلة للسقوط منذ عشر سنوات. ولا يعلم- ايضا- انني كلما دخلت وخرجت من غرفتي أقرأ المعوذتين خشية من وقوع شقفات الاسمنت المتشقق من سقفها على رأسي. السيد الوزير يصدر التعليمات المركزية ولا يعلم اننا منذ شهر مشغولون بالامتحانات المركزية الفصلية التي ستمتد لتلتقي بالامتحانات المركزية النهائية. وأتساءل هنا : هل يوجد نظام تعليمي في الكون كله تستمر فيه الامتحانات وبشكل متواصل لمدة شهرين ؟ هل يوجد نظام تعليمي في الكون كله يحضر الطالب حضورا فعليا في قاعة الدرس لمدة ثلاثة اشهر من اصل تسعة اشهر دراسية؟
السيد الوزير يصدر تعليمات مركزية امتحانية ينزع فيها الثقة من الاستاذ الجامعي حين يسند كل ما يتعلق بالامتحانات الى لجنة امتحانية مركزية، تعليمات لم نسمع بمثلها سابقا في زمن الدكتاتورية المقيتة. الاسئلة الامتحانية يجب ان تسلم بثلاث نسخ مع ثلاث نسخ من الاجوبة، والسيد الوزير لا يعلم ان المواد التي توفرت للطالب في هذه المدة لا تصلح ان تستخرج منها نسخة واحدة لقلة الموضوعات التي درسها الطالب في العام الدراسي الفعلي (ثلاثة اشهر). واذا سأل احدهم : ما الجدوى من كل ذلك التعقيد والارباك وفقدان الثقة؟ ياتيك الجواب دون علم ودراية : هذه الامور لمصلحة الطالب والتدريسي.
السيد الوزير اصدر تعليمات في العام الماضي حذف مواد دراسية في الفصل الثاني من المرحلة الثانية واعادها الى المرحلة الاولى واضاف مواد اخرى الى المرحلة الثانية فارتبك الطلبة والاساتذة. أ لم يعلم السيد الوزير ان كل التغييرات التي تشمل اضافة مواد دراسية او حذفها يتم مع بداية كل عام دراسي بعدما يتم التحضير والاستعداد للتغيير في العطلة الصيفية؟
السيد الوزير اصدر تعليمات امتحانية مركزية جديدة هذا العام تشترط على التدريسي تسليم الدفاتر الامتحانية مصححة بعد 48 ساعة من انتهاء الامتحان (اي خلال يومين) ولم يعلم السيد الوزير ان هناك اقساما في الكليات الانسانية يزيد عدد طلاب المرحلة فيها عن 350 طالبا (نهاري ومسائي)، فلو سلمنا جدلا ان تصحيح كل دفتر يستغرق 7 دقائق فان معدل تصحيح 350 دفترا سيستغرق 50 ساعة متواصلة. واذا طرحنا ساعات النوم 8 ساعات و 3ساعات تناول الطعام والراحة من 24 ساعة فان نتيجة الزمن الذي يستغرقه التدريسي في تصحيح الدفاتر اربعة ايام .
هذه بعض من ممارسة السياسات الدكتاتورية في وزارة التعليم العالي وما هو في الخفاء أعظم . ونتيجة لكل تلك السلبيات التي عايشتها في واقعي العملي سأذهب غدا لكي أمارس حقي الديمقراطي في دحر الدكتاتورية وممارساتها المركزية.