(مقدمة موجزة )
بني العباس الذين قامت دعوتهم لانتزاع الحكم من بني امية تحت راية الرضا من آل محمد ، ولكن يوم كتب لتك الدعوة النجاح وتمكنت تلك الراية من انتزاع السلطة الدنيوية من الأمويين ووضعتها بين ايديهم تحول رضاهم عن آل بيت النبي (ع)الى نقمة كانت اشد وطأة على اهل البيت من نقمة بني امية عليهم فقد صبوا براكين غضبهم واهاويل حقدهم على كل من له وشيجة رحم تربطه بالإمام علي وذريته (ع) ومما يندرج ضمن اطار ذلك ما فعله هارون اللعين بالأمام موسى الكاظم (ع)
ليس في لتاريخ العربي الإسلامي ادنى اشارة بخصوص ان يكون للإمام موسى الكاظم أي تحرك عسكري او معرفي او فكري يشكل تهديداً على ملك بني العباس وليس له أي نشاط سياسي مناوئ لهم كما ليس له اية نيَّة لدعوة الناس الى مرجعية اهل البيت الفقهية والثقافية وهي مرجعية تكشف في كل طروحاتها مدى الأكاذيب والبدع التي بنيت عليها مرجعيات الجهل والتخلف للمذاهب الأربعة التي يحتضنها بني العباس ويوفرون لها الرعاية للإستمرار ويمهدون لها ارضية الإنتشار بين الناس لأنها تخدم غرضهم الدنيوي الأساس في بقاء الملك والسلطة بين ايدهم لأنها تضمن لهم ابتعاد الناس عن اهل البيت (ع) وبقائهم تبعا لهم 0
لذلك حين نقلب صفحات التاريخ ونغوص في اعماق بحاره وندخل في بطون وقائعه بحثاعن سبب جوهري لعداوة هارون العباسي للإمام موسى الكاظم (ع) لا نجد سوى البعد الفكري والثقافي العميق الذي يحمله الإمام موسى الكاظم (ع) لعقيدة اهل البيت التي هي الخط الرسالي الحقيقي لجدهم رسول الله (ص) 0
لذا فقد اوحى الخوف من هذه العقيدة الذي كان يعتمل في صدور بني العباس ويثير قلقهم حرصا على الملك والسلطة السياسية الى ان الإمام موسى الكاظم(ع) بشخصه الكريم يمثل الرمز الإنطلاقي الصامت المعتزل للصراع الإنساني لهذه العقيدة ويهيِّء لها اسباب الإنتشار بين الناس من طريق الإيحاء الوجودي للإمام وهو بين ظهرانيهم يرون شخصه ويسمعون صوته 0
وعليه فما هي إلاّ فترة (وهذا ما كان يخامر عقول بني العباس) إذا بقي الامام موسى الكاظم (ع) حرا طليقا حتى يتحول الناس عن بني العباس في ولائهم ومن ثم قد يؤدي ذلك الى الثورة ضدهم للإطاحة بهم الى الأبد 0
ينضاف الى ذلك ان الطرح العقائدي لأهل البيت (ع) على خلفية تلك العقيدة هو طرح يجعل من مفهوم الدولة على مستوى السلطة والملك والزعامة على ان الدولة بكل اركانها وطاقاتها وقدراتها المادية ومواردها البشرية هي الأداة السياسية لتنفيذ الأهداف الإسلامية المحمـدية لخدمة الانسانية في وجوديها الدنيوي والاخروي 0
وبذلك فهو على النقيض مع ما يهدف إليه بني العباس الذين حليت الدنيا باعينهم وراقتهم زينتها وخلب البابهم زهوها ومن هنا تأتي خطورة الإمام موسى الكاظم (ع) على ملك بني العباس الدنيوي وتطلعاتهم المادية الرخيصة في اللذات والشهوات والمشتهيات فهم ينظرون الى الملك والسلطة على أنَّهما وسيلة لتحقيق الطموحات الدنيوية الصرفة في اشباع حاجات اهلها وارضاء نزواتهم المادية 0
بعد هذا الطرح الموجز لطبيعة الفريقين فريق الخير الإنساني ممثلا بالإمام موسى الكاظم (ع) وفريق الشر العدواني ممثلا بهارون العباسي (لعنه الله) والتعريف بنشأة العداوة العباسية للإمام موسى الكاظم (ع) بشكل خاص والطالبيين بشكل عام 0
فإن استشراف ابعاد تلك العداوة والوقوع على حيثيات فعلها الإجرامي تجاه فكر وعقيدة الخط الرسالي الــمحمـدي الناضج الذي كان يتبناه الإمام موسى (ع) فإنَّه يقود بما لا يقبل الشك الى الفهم الواضح والإدراك العميق لمضامين العداوة الهارونية للإمام موسى الكاظم (ع) وخوفه منه رغم ما ذكرنا من ان التاريخ لم يسجل أي حراك او نشاط للامام موسى (ع) على أي صعيد من اصعدة الحياة يشكل مثار خوف للعباسيين على حكمهم الدنيوي بحيث يكون سببا لنقمة هارون عليه0
ولكن يمكن ان نكرر القول السابق من أنَّ الإمام موسى(ع) كان بالنسبة لهارون يمثل بشخصه وهو قاعد في داره ومعتزل للناس منارا عقائديا وفكريا ساطع الضياء يستهوى افئدة الناس نحو دين جده محمد (ص) ويستدعي عقولهم لتنهل من معينه الفكري الصافي والثري الذي يثري نفوس الناس بعوامل الخير والإبتعاد عن الشر ويثري عقولهم بنور الهداية الإلهية 0
فهو بذلك يمثل منطلق الصراع الصامت ومرتكز النزاع الخفي الذي لا بد في يوم من الأيام ينطلق سيله العارم ليجرف ملك بني العباس ويطيح بآمالهم ورغباتهم في التسلط على رقاب الناس والإستحواذ على خيرات الأرض خدمة لرغبـــــاتهم واهدافهم الدنيوية الرخيصة 0
لذا لم يكن امام هارون لعنه الله إلاذ التحرك السريع لتوجيه ضربة الى هذا الكوكب الفكري العقائدي المشرق في سماء الخط الرسالي المحمدي الذي كان يحمل مشروع دعوة انقلابية ضد الزيف الفكري والبهتان العقائدي لبني العباس والمبني على تحريف وتشويه الحقيقة البنيوية للعقيد الإسلامية التي جاء بها ائمة مذاهب الكفر والضلال مثل ابي حنيفة واحمد بن حمبل والشافعي والمالكي وغيرهم من الشذاذ والمنحرفين ممن حصلوا على الرعاية الواسعة والدعم الكبير لبني العباس لصرف الناس عن اهل بيت النبي (ص) في الحصول على الإحكام والمقاربات والتخاريج الفقهية التي تخص امور الدين والدنـــيا0
فكان اول تحرك لهاورن بتجاه الإمام موسى الكاظم (ع) هو ان امر بحبسه واخذ يأمر بنقله من حبس الى حبس حتى جاء به الى بغداد وامر السجان ابن شاهك بسمه فسمه هذا اللعين بان دس له السم في التمر فقضى الإمام موسى الكاظم نحبه وهو في السجن ، الا لعنة الله على من سن سنة عداوة اهل بيت النبي محمد(ص) وهو ابن سلمى الزانية ابي بكر وفاروقه ابن صهاك الحبشية وحنتمة الزانيتين عمر ولعنة الله على من سار على طريق تلك السنة الى يوم القيامة 0
السلام عليك سيدي ابي علي الرضا ، السلام عليك يا صاحب الثفنات السلام عليك يا رهاب بني هاشم ، السلام عليك ايها السجاد ، السلام عليك يا كاظم الغيظ السلام عليك يا من تحمل الألم الشديد وحمل الهم الفظيع وصبر حتى لقي ربه مؤمنا بقضائه وقدره محتسبا عنده ما تعرض له من مصائب ومحن على يد بني العباس وجلاوزتهم ، اذكرنا يا سيدي عند الله واجعلنا من بالك في رحاب حضرته المقدسة والسلام عليك وعلى آبائك ما كرت الأيام وما دارت الأعوام وما اشرق شارق وما اَفلَ آفلٌ الى يوم الحشر.