الفترة التي عاشها الامام الصادق عليه السلام كانت كفيلة بان يستغلها الامام اقصى استغلال لاظهار علوم اهل البيت وعمق الرسالة المحمدية ( الفترة بين سقوط حكم الامويين وانتصار حكم العباسيين) ، فقد وضع الاسس لكثير من العلوم واغلبها يتم استنباطها من صلب رواياته واحاديث وحتى صمته فالقاعدة التي تستنبط من الحديث تفتح افقا واسعا لعلوم شتى ولمختلف العصور وتكون الاساس المتين لاستنتاجات عقلية شرعية مع عدم غياب العامل الروحي .
وهنالك مسائل خلفت الجدل بين العلماء والفلاسفة للركون الى الصحيح منها ومنهم من يضع قاعدة ما لتفكيره وعندما تكون المسالة تتعلق بالتفكير والايمان والصح والخطا فان الخطاب الاسلامي لم يغفل عنها اطلاقا سواء كان بالقران او السنة او خطاب الائمة المعصومين فكلهم يصبون في بودقة الاسلام الصحيح .
ولاننا نعيش مناسبة استشهاد الامام الصادق عليه السلام لذا اثرت ان اسلط الضوء على قطرة من علومه قد تكون سجلت باسم غيره ولكن الغاية هي التاكيد على ان اصل العلوم هي اسلامية .
مسالة الالحاد مسالة لها تاريخها مع انبعاث الرسالة وقبلها والى يومنا هذا فلكل فترة تاريخها في الجدل
الفيلسوف والمفكر الفرنسي بليز باسكال (1623 – 1662)، فيزيائي ورياضي وفيلسوف فرنسي يعني ولادته في القرن الحادي عشر الهجري
يقول في كتابه الخواطر بخصوص الايمان وعدم الايمان وهو مثار جدل يقول: اما ان الله موجود او غير موجود ولا يملك العقل وحده ان يحسم هذا الامر ما دام الاختيار هنا لابد منه فلننظر اليه على ان رهان اذا راهنت على ان الله موجود وسلكت في حياتك وفقا لذلك ثم ربحت ربحت نعيما ابديا ، اما اذا خسرت ( اي ثبت عدم وجود الله ) فلن تخسر شيئا يذكر
وراي باسكال هذا مثير للجدل من قبل العلماء والفلاسفة الذين عاصروه ولكنهم لم يستطيعوا رده
هل باسكال اول من وضع هذا الاساس المنطقي ؟ كلا … الشاعر ابو العلاء المعري ( 973 ـ 1057 ) يقول
قـالَ المُـنَجِّمُ وَالطَبيبُ كِلاهُما لا تُحشَرُ الأَجسادُ قُلتُ إِلَيكُما
إِن صَـحَّ قَـولُكُـمـا فَـلَسـتُ بِخاسِرٍ أَو صَـحَّ قَـولي فَالخُسارُ عَلَيكُما
وهذان البيتان هو من صلب ما ادعاه باسكال قبل باسكال ، ولكنني كما اشرت انفا ان للخطاب الاسلامي السبق في هذه العلوم ولناخذ ما تطرق لهذه المسالة الجدلية الامام الصادق عليه السلام ( 57 ـ 148)
يقول ابن ابي العوجاء ( ملحد ) : جلست إليه اي الى الامام الصادق عليه السلام ، فلما لم يبق عنده أحد غيري، ابتدأني فقال: إن يكن الأمر على ما يقول هؤلاء، وهو على ما يقولون ـ يعني أهل الطواف ـ فقد سلموا وعطبتم، وإن يكن الأمر كما تقولون وليس هو كما تقولون، فقد استويتم وهم.
فقلت: يرحمك الله، وأي شيء نقول، وأي شيء يقولون؟ ما قولي وقولهم إلا واحد.
فقال: وكيف يكون قولك وقولهم واحد، وهم يقولون إن لهم معاداً وثواباً وعقاباً، ويدينون يأن للسماء إلهاً وإنها عمران، وأنتم تزعمون ان السماء خراب ليس فيها أحد.
وملخصه ان صدق المؤمنون بالله عز وجل فقد فازوا وخسرتم وان لم يصدقوا فلم يخسروا .
هنالك من يحاول ان يخضع المسالة للجدل العقلي المادي دون النظر الى الفطرة كما يدعي وليم كليفورد بان اثبات الايمان بهذه الطريقة تذهب قداسته ولذته لانه مستبعدا الاثر الروحي المعنوي في الايمان وليس كل ما لم يستطع العقل اثابته هو عدم ، وهذا الموضوع له حيثياته وتفرعاته وينتهي بما تسكن اليه النفس ، هنالك ملياردير حقق ثروة طائلة واشبع كل غرائزه بحيث لا يعصيه ما يريده ثم جلس مفكرا ، ثم ماذا بعد ان حقق ما يريد ، فقط سال نفسه هذا السؤال فوجد قلبه يدله على الايمان بالله عز وجل فمهما امتلات النفس يبقى للايمان فراغ روحي بالمعنى الاصح للروح وجود معنوي يؤثر على الجسد المادي ومن هو عديم الفطرة لا يلتفت الى هذه النعمة الالهية .