23 ديسمبر، 2024 7:09 م

الامام السيستاني ورفض القانون الجعفري .. الخلفية السياسية

الامام السيستاني ورفض القانون الجعفري .. الخلفية السياسية

من اهم المنطلقات التي حالت دون موافقة المرجعية على القانون الجعفري ورفضها تمريره من خلال مجلس الوزراء عبر الحكم على مسودته بالموت البطيء هي التوجهات السياسية التي أنبثق من رحمها القانون المقترح ، حيث ان وزير العدل صاحب مقترح القانون ينتمي لحزب سياسي اسلامي لا يخضع لسلطة المرجعية العليا ولا لمكتبها الشريف وانما هو حزب مرتبط بمرجعية عراقية ناطقة صدرية الجذور وحركية الفكر وتشكل العقبة الرئيسية امام طموحات كهان معبد الامام السيستاني ، بالاضافة الى كل ذلك فأن المرجع السيستاني ومكتبه الشريف يعتبر تأييد هذا القانون ومن ثم التصويت بالموافقة عليه بمثابة انتحار سياسي .

ورغم ان السيد والمتحدثين باسم السيد ووكلاء السيد الامام السيستاني اعلنوا مرار وتكرارا ان السيد يقف بمسافة واحدة من كل الكتل السياسية الشيعية والسنية والكردية والايزدية والمسيحية وانه لا يقدم الاسناد والدعم لأي كتلة على حساب الاخرى فأن هذا مجرد تكتيك اعلامي ، لأن مكتب السيد وبرعاية نجله الاكبر الزعيم محمد رضا السيستاني هم الراعي الرسمي لكتلة ( مستقلون) والتي يرأسها الدكتور حسين الشهرستاني النجل الاصغر للسيد جواد الشهرستاني الوكيل الملطق وخازن بيت المال ومسؤول المشاريع الكبرى لمرجعية الامام السيستاني في ايران .

ولعل موضوع كلتة ( مستقلون) اخذ ابعادا كبيرة وحيزا واسع في الحملة الاخيرة على سماحة الامام ابو محمد رضا بعد رفض القانون الجعفري خصوصا انها اظهرت كذب وزيف دعاوى الحيادية والوقوف بمسافة واحدة بين الكتل السياسية من قبل مرجعية الاخوند السيستاني ، الا ان ذلك الدعم  لكتلة ( مستقلون) فرضته التطورات التي طرأت على الوضع العراقي منذ سقوط النظام البعثي البائد والتي افرزت العديد من التوجهات السياسية المرتبطة بمرجعيات خارج وداخل العراق مما تشكل تهديدا خطيرا امام مخططات الاخوندية في مكتب الامام السيستاني الرامية الى اعلان تنصيب ولي العهد محمد رضا على كرسي خلافة المرجعية العليا بعد والده خصوصا مع الازمات الصحية للسيد الامام .

اما ما يؤكد دعم الامام السيستاني المباشر والرئيسي لكتلة ( مستقلون) فهو الاسماء التي زخرت بها هذه الكتلة منذ دخولها للعملية الانتخابية برئاسة الشهرستاني كممثل لمحمد رضا السيستاني هو ان الدورة البرلمانية الاولى شهدت وجود اسماء رنانة من وكلاء الامام السيستاني والمتحدثين باسمه مثل ( احمد الصافي) أمين العتبة العباسية و ( علي عبد الحكيم الصافي) وكيل الامام السيستاني المطلق في البصرة وغيرهم من اصحاب النيافة الوكلاء ، وهكذا اصبحت هذه الكتلة السياسية الممثل العام لمكتب السيستاني وفريق عمل محمد رضا الحكومي والبرلماني رغم عدم وجود اعلان رسمي بارتباط هذه الكتلة لاسباب عديدة نذكر منها سببين رئيسين :

1- ان السيد السيستاني هو وريث المؤسسة الحوزوية والمرجعية الدينية التقليدية التي لا تؤمن بالولاية العامة للفقهاء والرافضة لممارسة المرجعية للعمل السياسي واقتصارها على ( الاستخارة – الحيض – النفاس – قبض الحقوق – وتقبيل الايادي) بالاضافة الى وقوفها ( المعارض) لعنوان الولي الفقيه سواء كان ذلك الفقيه هو قائد الثورة الاسلامية في ايران (السيد الخميني) او (السيد الخامنائي) او كان الشهيد الصدر الثاني .

2- ان المرجع الامام السيستاني لا يريد تحمل نتائج العمل السياسي خصوصا اذا كانت سلبية ومثار رفض وسخط المجتمع العراقي سواء على صعيد البرلمان او الحكومة ، مما قد يقفد المرجعية العليا الكثير من سمات الهالة القدسية التي تحيط بمقامه الشريف .

ويمكن استنتاج ثقل كتلة ( مستقلون) من خلال وجودها الدائم في كتلة دولة القانون رغم ان مرشحيها اشخاص فاشلين ولا يحضون بدعم جماهيري ويمكن الاستدلال بمثال وهو الشهرستاني الذي لم يستطع الحصول حتى على (2000) صوت في الانتخابات البرلمانية السابقة رغم وجوده على رأس الكتلة وسيطرته آنذاك على مقاليد وزارة النفط .

وهكذا يتضح ان رفض الامام السيستاني للقانون جاء من جنبة سياسية ايضا وهو الخوف من تنامي قاعدة حزب الفضيلة الشعبية فيما لو أقر القانون الجعفري باعتباره انجازا للطائفة الشيعية في العراق وهذا ما يمكن ان يهدم مخططات محمد رضا السيستاني وكتلته السياسية في استمرار نهب ثروات العراق من خلال الصفقات والاتفاقيات التي تدر سنويا المليارات على مكتب الامام السيستاني في النجف الاشرف.