جرب العراقيون رجل الدين في أربع كابينات وزارية ، ولم يجنوا غير الكلام والطائفية ، وانتظروا شيئا من العلماني ورغم قلة مدة استيازره لم يمنع بداية الفساد وسمح بهروب الوزراء المختلسين، وانتظروا ممن وصف نفسه بالاقتصادي ، فثار عليه الشعب وخوت في عهده الخزينة ، وأخيرا تطلعوا المحاييد ، وإذا به عدوا للفقراء ، رفع معاناتهم باكثر من ٢٥٪ ، فكان بطلا لتقليل قيمة العملة الوطنية ، وسكت على تعدد مصادر الرواتب الكثر وللمئات من آلاف (من النايمين للظهر ) حسب المثل البغدادي ، وكان مذيعا بارعا في التهديد وقلة في تنفيذ الوعيد ، والمحصلة سبع وزارات والفاسد فات فات ، وام الشهيد تنفث الاهات ، كل منهم صار يحمل صفة رئيس وزراء العراق الأسبق ، حالهم حال عبد الكريم قاسم ، رغم أنهم لايجمعهم مع الراحل مشترك أو قاسم ، لا بقوة الشخصية ولا بقدرة الإدارة والتوجيه ولا بنظافة اليد ، وأخيرا واهمها أن لا أحد منهم على الاطلاق يضاهيه بالوطنية. كان يعمل ليلا ونهارا ، واذكر لكم عنه قصة ، أنه في ذات يوم كان يسير مع أمين بغداد ومدير الأشغال العسكرية متفقدا مشروع قناة الجيش ، وسمي بهذا الاسم لأن الجيش العراقي الباسل بأمر من قائده ، قام بحفر الارض من شمال بغداد الى جنوبها وأقام عليها أعظم طريق بري دولي ، وفي الأثناء توحه إلى أمين العاصمة قائلا اريد أن يكون هذا الطريق من المتانة والقوة وان يصمد للأجيال القادمة ، وان يكون له نظيرا عند غرب بغداد عند مشروع نهر الخير ، وهذا هو حزام بغداد. وليعلم الجميع أن إيرادات العراق من النفط كانت بحدود ٨٠ مليون دينار ، أي ما يعادل ٣٠٠ مليون دولار آنذاك . وأعدم الرجل لمخالفته شركات النفط وهو صائم في التاسع من شباط إثر انقلاب شباط الاسود الذي قال عنه علي صالح السعدي الأمين القطري لحزب البعث انذاك ، جئنا بقطار امريكي .
أردت مما تقدم أن أنبه أن استسهال مسألة التصدي لمنصب رئيس الوزراء في العراق هو الغباء بعينه ، لأسباب عديدة أهمها أن رئيس الوزراء بعد العام ٢٠٠٣ ملحق لا ملحوق ، تابع لا متبوع ، لا يملي بل يملى عليه ، وهذا هو مكمن عيوب النظام البرلماني في العراق .
النصيحة لله ، بعد هذه التجارب ، ستكون التجربة القادمة هي الحد الفاصل بين الجد والعبث ، لأن نسبة الناس الرافضة لكل المسرحيات السياسية منذ عقدين تقريبا ، تزيد على ال ٨٠٪ من الشعب ، وهم المقاطعون والمنتظرون ، وان أي زلل أو أي خطأ في الاختيار سيزلزل الأرض من تحت أقدامكم جميعا ، الاحس أن تختاروا المقبول شعبيا وان يكون اقتصاديا لا يشبه اقتصادي الفقاعة على علاوي صاحب خطة زيادة الفقر فقرا ، وان يكون رئيسا للوزراء يعمل بعقلية رجل التخطيط ، واعذروني على هذا الانذار. والله يحب الاعتذار …