منذ مدة ليست بالقصيرة وموضوع تشكيل الأقاليم في العراق يطفو على الواجهة السياسية وبقوة , ونرى الأطراف الحكومية المؤيدة والرافضة للموضوع تتصارع فيما بينها وبشدة وكلاهما يغني على ليلاه المنشودة وكلاهما يسوق من الحجج ما يتصور إنها شديدة الإقناع بل دامغة , والواقع يثبت إن كلاهما ينشد مصلحته الخاصة متذرعا بالعراق أولا وخدمة المواطن البائس ثانيا , أيها المواطن كم يحبك المسؤولون ؟
الدستور العراقي الحالي عندما وضع وخطته الأيادي الأجنبية قيل في وقتها انه قريب من دستور الدولة الأوربية الفلانية المهم لم يكن لنا ناقة فيه ولا جمل كل ما كنا نعرفه إن أياد أجنية تخطه لنا وطبعا تقدم سوء النية لدينا وبدءنا نعارض هذا الدستور قبل أن نقرأه , وبعد أن ظهر للعيان بعد أن اقر طبعا وجدنا دستورا مطاطا مرنا كل فقرة فيه يمكن قراءتها بأكثر من صورة ( وهنا يكمن المكر والخبث ) وكانت فقرة تشكيل الأقاليم من محافظة واحدة أو أكثر كانت أكثر الفقرات التي ارتفعت الأصوات المعارضة لها معتبرة إنها ستقسم العراق , أنا شخصيا أرى إن تشكيل الأقاليم هو نظام عصري متطور ومفيد جدا حيث يقلل من الروتين ويقصر الإجراءات الطويلة للوصول إلى الحكومة المركزية وبالطبع إن الحكومة المحلية في الإقليم اعرف وأدرى واحرص واقدر على تحقيق مصالح محافظتهم وتذليل الصعاب أمام مواطنيهم , إن ما ذكرته أعلاه من مزايا وفوائد تشكيل الأقاليم يمكن أن تحدث في أي بلد في العالم ما عدا العراق العظيم سابقا لأنه لو تشكلت الأقاليم عندنا لأصبح لدينا رئيسا للحكومة في بغداد وأخر في الإقليم وبدلا من أن يستعبدنا واحد يصبح اثنان وبدلا من أن ينهبنا واحد يصبح اثنان وقطعا إن نهب المحافظ سوف يختلف عن نهبه عندما يصبح رئيسا للإقليم وواردات المحافظة تختلف عن واردات الإقليم وأتصور إن الإقليم سيصبح دولة لعشيرة رئيس الإقليم يلوذ ويحتمي بها كل أفراد العشيرة أينما كانوا وبدلا من أن تكون أقاليم إدارية أو اقتصادية تصبح أقاليم عشائرية .
تصرفات عمو نور وحثالته اقصد وزراءه المقربين هي من جعل المواطن العراقي البسيط المغلوب على أمره الخائف جعلته لا ينضر لمصلحة العراق لأنه ما عاد يضمن امن أسرته وبيته ولم يعد يؤمن بوجود عراق أصلا فأي عراق هذا الذي تحكمه أذناب الفرس وخدمهم وكلابهم المطيعة , المواطن البسيط من شدة من رأى من المصائب والأهوال لم يعد يهمه سوى امن أسرته وبيته .
أعود إلى عمو نور ومن معه ممن لم يكتفوا بالتصفيق بل دبكوا للدستور الذي لا يعرفون عنه شيئا سوى انه يهدف إلى تحطيم العراق, المهم لماذا نرى اليوم عمو نور يعارض طلب محافظة صلاح الدين بتشكيل إقليم, أليس طلبهم هذا طلبا دستوريا ؟ أم إن عمو نور لا يريد أن تفوت الفرصة على أي مواطن عراقي شريف من أن يعتقل ويرى المعتقلات السرية والعلنية ؟ أو أن تفوت الفرصة على أي مواطن عراقي شريف من أن يجلس في داره بعد أن تم إقصاءه بدون أي راتب أو تقاعد أو أي شيء ؟
الضرورات تبيح المحظورات هذه قاعدة فقهية معروفة فبالرغم من إن تشكيل الأقاليم فيه من المساوئ الكثير لكنه ألان يمثل ضرورة ملحة وفائدة قصوى ولابد منها كي يفلت المواطن البسيط بجلده ورزقه من قبضة عمو نور وزبانيته هذه القبضة المصرة على ذبح الناس وعندما يجعل الله لنا فرجا من حكومة المالكي وتأتي حكومة عراقية حقيقية سوف نلغي الأقاليم المشكلة ونعود إلى عراقنا العظيم لأنه سيعود عظيما .
اللهم مالك الملك رب السماوات السبع كما أنجيت موسى عليه السلام ومن معه من فرعون وقومه و أنجيت لوطا عليه السلام من القوم الفاسقين و أنجيت ذا النون عليه السلام من بطن الحوت و أنجيت يوسف عليه السلام من قاع البئر و أنجيت إسماعيل عليه السلام من الذبح نجنا يا ربنا العظيم ممن أراد بنا وببلادنا سوءا اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك وحسبنا أنت ربنا ونعم الوكيل .