ما يقود ايران نحو الافلاس المالي المؤكد هو السياسة المالية الايرانية العشوائية مرتبطة بسياسة الانفاق على مشاريع غير ذات جدوى وغير ذات مردود يصب في شرايين الجسد الاقتصادي الايراني واوردة الاسواق والصناعات ومضامير الزراعة والمتاجرة فضلا على الانفاق الهائل لسنوات عديدة على مشروع القنبلة الذرية تبعه ورافقه مشاريع التسلح المتنوعة وتصنيع السلاح وبخاصة برنامج صناعة الصواريخ الباليستية ولانفاق على التدخلات في شؤون البلدان الاخرى والانفاق على الميليشيات المسلحة المقاتلة بالنيابة في كل من لبنان وسوريا والعراق واليمن ،فقد انفقت ايران مليارات الدولارات لحماية تظام الدكتاتور بشار الاسد من السقوط ،كما انفقت مليارات اخرى على الميليشيات العراقية لتعزيز النفوذ الايراني والهيمنة الاستحواذية الايرانية على العراق ،ما شكل هدرا كارثيا لواردات ايران النفطية ابان ارتفاع اسعار النفط التي ربحت منها البلدان البترولية المليارات التي عوضتها فيما يعد غت انعيار اسعاره بينما بقيت ايران مكشوفة الظهر فارغة اليد في مواجهة هبوط اسعار العملة الايرانية وانخفاض الاجور والبطالة والتضخم وارتفاع الاسعار ،وهل يمكن غض الطرف عن اعتبار كل هذه العوامل تقود باتجاه الافلاس؟؟ وهو المشهد الذي يبرز امامنا بجلاء ونحن نتابع حركة المال الايراني وزخمه الذي لا يني يؤكد احتضارا حتميا .
وبهذا الصدد يقول الخبير الاستراتيجي الأمريكي، من أصل روماني، إدوارد لوتواك، أن المؤشرات الاقتصادية الراهنة في إيران تدين نظام الملالي، وتنبئ أنه يسير بخطى حثيثة نحو الإفلاس.
لوتواك قال إن إفلاس النظام الإيراني يلوح في الأفق بناء على المؤشرات الراهنة، ففي بلد يعد عدد سكانه 80 مليون نسمة، وتمثل فيه الموارد النفطية 80 % من صادراته، فإن طهران بحاجة لبيع 25 مليون برميل نفط يوميا لتغطية حاجيات اقتصادها.
لكن ما يحث فعليا هو أن إيران لا تصدِّر بالكاد سوى نحو 2.5 مليون برميل نفط يوميا، وهذا رقم ضعيف للغاية.
وهذا مستوى صادرات متدنٍ للغاية، ، يجعل متوسط الدخل الفردي السنوي للمواطن الإيراني أقل حتى من 6 آلاف دولار، وهو متوسط دخل سكان بوتسوانا.
ومع أن المقارنة تبدو غريبة نوعا ما بين البلدين، إلا أن الفرق الجوهري يكمن في أن حكام هذا البلد، الذي لا يعتبر من أفقر بلدان إفريقيا كما قد يتبادر لأذهان الكثيرين، يختلف الى حد بعيد مقابل تخصيص السواد الأعظم من موارد البلاد لتمويل برنامج نووي، وتفضيل صنع وشراء السلاح من جميع العيارات، وإنفاق ثروات هائلة على تطوير الصواريخ الباليستية، بدل ضخ تلك الأموال في التنمية الاقتصادية وتدويرها في الجسد الاقتصادي الايراني ،لنكون عجلة تنمية متصاعدة النتائج ايجابا
كما لا يمكن إغفال أن سكان بوتسوانا الافريقية لن يتقبلوا بسهولة مشاركة بلادهم في مغامرات عسكرية خارجية لدعم دكتاتور لا يرحم، والأسوأ دعم منظمات إرهابية مثل حزب الله اللبناني ، مع أن تجارة المخدرات والابتزاز وغيرهما من الأنشطة المشبوهة كافية لوحدها لتمويل عشرات الآلاف من عناصر تلك الميليشيات والايرانيون ايضا لا يقبلون تدخل بلادهم في شؤون الاخرين وتورطها بدعم الدكتاتور بشار الاسد عناصر تلك المليشيات وغيرها وكان ذلك واضحا في الهتافات التي رددها المنتفضون بشان ترك سوريا وغزة ولبنان والاهتمام بايران .
وبما أن مطالب المظاهرات المندلعة في إيران لا تقتصر على المطالبة بضخ الأموال الطائلة المستخدمة لتمويل الأنشطة العسكرية والتدخلات الخارجية إلى الاقتصاد المحلي، بقول الخبير لوتواك أن ملفا لا يقل خطورة يطرح نفسه في السياق نفسه، وهو انتشار الفساد، والذي أضحى مرضا مزمنا في أوصال الدولة الإيرانية.
آفة شبهها بمرض السرطان المستشري في الطبقة الحاكمة بإيران، والتي يعد الراحل أكبر هاشمي رفسنجاني، الرئيس الإيراني من 1989 إلى 1997، من أبرز رموزها.
رفسنجاني الذي ترافقت مسيرته في أروقة السلطة وصولا إلى أعلى منصب في الدولة، باستيلائه على جميع مزارع الفستق بالمنطقة التي ينحدر منها، والتي يستمد منها لقبه (رفسنجان).
ثروة كونها الرجل بحصوله على مساحات شاسعة، قال الخبير إنه من غير الضروري الحديث عن مصدر الأموال التي ابتاع بها رفسنجاني تلك المزارع، مكتفيا بالإشارة، في مقابلة لصحيفة «لو بوان» الفرنسية، إلى أن الفستق يعتبر في إيران ثاني أكبر مصدر للإيرادات العامة بعد النفط.
المنظر الجيوستراتيجي تطرق في هذا الصدد إلى المرشد الأعلى علي خامنئي، والذي لئن لم تطله شبهات الفساد لسبب أو لآخر، فإن أبناءه استفادوا بشكل كبير من صفته ووضعه كشخصية فوق مستوى الشبهات.
وتقدر ثروة نجله الثاني، مجتبى، بملياري دولار، فيما تقدر ثروة ابنه الثالث، والذي يعتبر وضعه المادي متوسطا مقارنة بشقيقه، نحو 500 مليون دولار، أما ابنتاه بشرى وهدى، فقد حصلت كل منهما على مهر بقيمة 100 مليون دولار.
وفي معرض رده عن سؤال حول ما إن كان لا يزال الاقتصاد الإيراني تحت سيطرة رجال الدين، قال لوتواك إن الجزء الأكبر من الاقتصاد الإيراني خاضع لمؤسسات خيرية تعرف باسم «بونياد»، والتي يفترض أنها تعنى بأرامل العسكريين الذين قضوا في الحرب الإيرانية العراقية، ومعظم موظفي هذه المؤسسات من رجال الدين.
غير أن اللافت هو أن هؤلاء الموظفين يجنون من وراء عملهم أرباحا أكبر بكثير من المعاشات المدفوعة لأرامل الحرب، ولعل من أبرزها مؤسسة «بستفان بونياد» التي تدير 350 شركة ناشطة في مجالات مختلفة، بينها السياحة والتجارة والزراعة، وتشغل نحو 200 ألف موظف، جميعهم – بطبيعة الحال – من رجال الدين ويتقاضون أجورا مرتفعة.
حيثيات، أشار الخبير، إلى أنها تفسر الشعارات المرفوعة في الاحتجاجات التي تهز البلاد منذ 28 ديسمبر كانون أول الماضي، احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية وغلاء المعيشة.
شعارات مناهضة لرجال الدين، بل بلغت حد المطالبة باسقاط ولاية الفقيه، ولم تقتصر على ذلك، وإنما طالت أيضا الحرس الثوري، المسؤولين الحقيقيين عن بؤس البلاد، وهم أيضا من تسبب في فرض العقوبات الاقتصادية الدولية الرامية إلى الضغط على طهران لوقف سباق التسلح النووي الذي بدأته.
وبحسب الواقع، فإن الحرس الثوري هو أيضا من دفع النظام إلى مغامرات خارجية كلفت البلاد مليارات الدولارات التي كان الأحرى أن تُضخ في الاقتصاد المحلي، ولذلك، فإن شعارات من قبيل «كفى سوريا» التي رفعها المتظاهرون لا تبدو غريبة.
ومهما يحدث اليوم، وبغض النظر عما سيكون عليه رد طهران على الاحتجاجات، أي حتى في حال تبنيها لخيار القمع الوحشي كما حدث في البداية، فإن الأرقام تدين نظام الملالي وتكبله تماما كما كان عليه الحال مع الاتحاد السوفياتي، ما يعني أن استمرار النظام لن يدوم طويلا، بل مسألة وقت فحسب.
وبخصوص المقارنة الدارجة حاليا حول الاحتجاجات الراهنة وتلك التي هزت البلاد في 2009 عقب إعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد لرئاسة البلاد، فانه سواء امتدت الاحتجاجات بشكل أكبر في البلاد أو تقلصت، أو شكلت شرارة لثورة ثانية، فإن المؤكد هو أن الأرقام تدين النظام، وإفلاس البلاد لا مفر منه.