17 نوفمبر، 2024 7:15 م
Search
Close this search box.

الافراج عن الجبوري كسب جولة وليس المعركة

الافراج عن الجبوري كسب جولة وليس المعركة

بعد ساعة من رفع الحصانة البرلمانية عن رئيس مجلس النواب سليم الجبوري افرجت عنه السلطة القضائية وغلقت الدعوة التي اقامها المدعي العام ضده استناداً الى اتهامات وزير الدفاع خالد العبيدي له بالفساد والابتزاز، وذلك لعدم كفاية الادلة.

صحيح ان الافراج لا يعني البراءة من التهم كلياً، وبامكان المحكمة فتح ملف الدعوة مرة  اخرى متى ما برزت ادلة جديدة فهو من الناحية القانونية لم تزل الشبه عنه نهائيا وسوف تلاحقه على مدى الحياة السياسية التي يمارسها.

الواقع ان قرار السلطة القضائية لم يكن متوقعاً فمثل هذه القضايا تتطلب   التمعن والتمحيص واستدعاء الشهود وفحص الوثائق بدقة ولاسيما ان الاتهام صادر عن وزير مهم ومؤثر في الوزارة والبلاد، ولا يمكن ان يتم لملمة الامر بهذه السرعة، حتى انها لم تنتظر ان يمتثل امامها النواب والمتهمين الاخرين ومقارنة اقوالهم ومقاربتها مع بعضها البعض.

هذا الغلق مثله مثل قضايا اخرى اتهم بها مسؤولون ونواب بالفساد والارهاب، ولكن الفارق ان الثانية  اخذت وقتاً اطول في قاعة التحقيق وجلسات اكثر مما جرى مع المفرج عنه سليم الجبوري.. ولم يبرر لنا القضاء لماذا التمييز؟

ومن هنا لفت الحيرة والشكوك قطاعات واسعة وكبيرة من ابناء شعبنا وانشغلت مواقع التواصل الاجتماعي بالحدث وامتلأت الصدور غضباً وغلظة اكثر مما هو عليه ضد العملية السياسية وكبار المسؤولين فيها والسلطات الثلاث.
لم نجد من يتعاطف مع قرار المحققين والسلطة القضائية واتهمت بالتسييس وترسخ الاعتقاد ان مؤسسات الدولة لا يمكن ان تقدم فاسداً او تثبت قضية على متهم ما دامت مبنية على المحاصصة وتعمل بموجبها والاصلاح مايزال لم يمس الاغلبية الساحقة من مفاصلها والرؤوس النافذة فيها فالشعب الذي رأى في جرأة وزير الدفاع وتشخيصه لبعض الفاسدين بالاسماء املاً في بدء حملة جدية وملموسة لمحاربة  الفساد ومكافحته ما احبط الناس بمن فيهم القريبون من مراكز القرار اذ فقدوا ما تبقى لهم من ثقة بالعملية السياسية، ووصفوها بالصفقة ولاسيما ان قضايا خطيرة ومست امن البلاد والعباد لم يحرك القضاء ساكناً بشأنها مثل انهيار القطعات العسكرية بالموصل وتسليم ست محافظات الى داعش وبالامس القريب تركت الاجهزة الامنية اسلحتها لداعش في الانبار وهناك الكثير مما يقال ويرد عليه بان التحقيق يحتاج الى روية وبطء ليصل الى الحقيقة التي لن ترى النور ابداً اذا ما استمرت عملية المحاصصة!!

على اية حال لا يفرح الفاسدون بانهم في منأى من المحاسبة وبامكانهم الافلات من العقاب فهذه الحادثة صدعت مجلس النواب ولا ينفع الترميم فيه، فالناس سقط من عيونهم مثل هذا المجلس الذي اصبح لا يحل ولا يربط وغير قادر على اداء مهماته واستشرى الفساد فيه ونخره، واصبح متعذراً تميز البريء من المتهم فيه الان أي مواطن في اقصى بقعة من الوطن يمكن له ان يحدثك عن الفساد وبالاسماء ومن داخل الذين يتصدرون العملية السياسية والمسؤولية، وكيف  كان هؤلاء وماذا اصبحوا الان؟

ولكن القضاء لا يرى ذلك وقبله مجلس النواب الذي يفترض ان يشرع فوراً بتشريع قانون من اين لك هذا وتطبيقه يتوهم من يقول ان ما تحدث به وزير الدفاع سيمر مرور الكرام، والتغييرات قادمة لا محال، ولابد من الاطاحة ببعض الرؤوس اذا لم يكن في الايام المقبلة، فان الانتخابات لم يبق عليها الكثير وسيقول شعبنا كلمته ويحقق هدفه بدولة مدنية لا يعلو فيها احد على القانون، ولا مكان للتوافقات وتبويس اللحى والتسويات المشبوهة فيها على حساب المصلحة الوطنية والمشرع الوطني العابر للطائفية.

أحدث المقالات