18 ديسمبر، 2024 6:58 م

الافتراق ام الاختلاف مع جار السوء!

الافتراق ام الاختلاف مع جار السوء!

تصور ان شخصا ما له جار سيء الطباع شرير يؤذيه دائما، وينغص عليه حياته فماذا يفعل ؛ اما ان يترك بيته ويذهب الى مكان آخر ليسكن فيه واما ان يتحمل على مضض ويسكت ويداري آلامه ومعاناته واما ان يدخل معه في مشادة كلامية يومية ومعارك حقيقية واما ان يضع سدا منيعا وسورا عاليا يفصل بينه وبين جار السوء حتى يتخلص من شره ولسان حاله يقول ؛”صباح الخير يا جاري انت في دارك و أنا في داري” ، والحل الاخير اختاره الكرد مع العراق، وفضل الانفصال على الاقتتال والدخول في حروب طاحنة لا طائل من ورائها وقد جرب الطرفان الكردي والعراقي هذا الحل ولم يصلا الى نتيجة سوى الدماروالانفال وتهديم 4500 قرية وقصف مدينة “حلبجة” بالكيمياوي ، فلم يبق غير الافتراق والابقاء على البقية الباقية من العلاقات الاخوية بينهما ، وهذا ما فعله الكرد بالضبط حيث قرروا ان يهجروا جار السوء ويضعوا حدا لتجاوزاته وخروقاته الانسانية ويسدلوا ستارا عن حقبة من الصراع الدامي الطويل بينهما امتثالا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما جاءه رجل يشكو اليه جاره فققال له النبي ” اذهب فاصبر فاتاه مرتين او ثلاثا فقال ؛” اذهب فاطرح متاعك في الطريق ، فانطلق فطرح متاعه في الطريق، فاجتمع الناس عليه , فقالوا: ما شأنك؟ , قال: لي جار يؤذيني، فذكرت ذلك للنبي فقال ” انطلق فأخرج متاعك إلى الطريق ” , فجعلوا يلعنونه , ويقولون: فعل الله به وفعل وفعل) فجاء (الجارالسيء) إلى النبي فقال: يا رسول الله ما لقيت من الناس , قال: “وما لقيته منهم؟ ” , قال: يلعنوني، فقال النبي ” قد لعنك الله قبل الناس”..
هذا هو الاسلام وهذا هو الانصاف والانسانية ، اذا كان جارك يؤذيك فاهجره وفارقه قبل ان يتطور الامر الى حرب وسفك دماء ، ولكن مع الاسف الجارالعراقي السيء جدا يصرعلى اخضاع الكرد لهيمنته الطائفية وابقائه تحت رحمته باي ثمن وان اقتضى الامر استعمال القوة ضده ، هل هذا معقول؟! ان تغتصب ارادة جارك وتجبره على العيش في ظل وصايتك وجبروتك؟
واذا كانت الدول الاستعمارية الغربية التي قسمت بلاد العرب والمسلمين وزرعت فيها بذور الخلافات العنصرية والطائفية وهي ماضية في هذه الاستراتيجية “الفوضوية” ولن تسمح بالمساس بها لانها تضمن مصالحها لفترة طويلة ، فما بال الدول الاسلامية لا تهتم بما يعانيه الكرد من جور وظلم على يد العراقيين العروبيين او الطائفيين ولم تقف الدول العربية المتمثلة بالجامعة العربية هذه المرة متفرجة فقط بل رفضت وادانت الاستفتاء الكردي بحجة انه غير دستوري! نفس الاسباب الواهية التي تحججت بها الحكومة العراقية.. الدول العربية عندما تؤيد الحكومة العراقية الطائفية الموالية لايران قلبا وقالبا ، فانما ترتكب خطأ استراتيجي كبير سينعكس بصورة سلبية للغاية على مجتمعاتها وتمهد الطريق لتمدد طائفي واسع في المنطقة.