23 ديسمبر، 2024 11:53 ص

الاعلام والتحايل على الشعوب

الاعلام والتحايل على الشعوب

عندما تنقل وسائل الاعلام الغربية المختلفة هذه الايام مادة اعلامية عن  محاولات بعض الانظمة الدكتاتورية استعمال اسلحة الدمار الشامل لديها كالاسلحة الكيمياوية او البايولوجية او كما يسمونها(Poor Man bomb ) قنبلة الرجل الفقير في اوقلت عصيبة  يقترن ذلك لدى المتلقي مباشرة باتهام امريكا للعراق بامتلاك اسلحة الدمار الشامل واستعماله كمبرر لاحتلال تلك الدولة  والذي تبين فيما بعد بطلانه وعدم صحته مما يهيمن على  المتلقي فتورا  و من ثم توقف  في التعامل مع تلك المادة الاعلامية التي اصبح محتواها  ذريعة للقيام بعمل  غير قانوني جر  ولازال يجر الويلات على العالم باجمعه.
 من الحقائق المرة( Hard Facts ) التي لايمكن تجاوزها ان الانظمة الديكتاتورية الاستبدادية  ان لم تنصب من قبل  الدول الكبرى فقد قامت وتعاقبت وتوارثت وظهرت الى الوجود برضا ومباركة هذه  الدول   لمنع اعداء ها من الاحزاب والقوى  الدينية  اوالمتطرفة من الوصول الى سدة الحكم في بلدان اسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية خوفا غلى مصالحها  وحماية لصنيعتها اسرائيل وضمانا لتدفق مصادر الطاقة الى الغرب. وكان الاجدر بالدول الغربية على الخصوص ان تجسر الهوة بين الاطراف المتخاصمة  في البلدان المذكورة اعلاه لا ان تشحنها بالكراهية ا والعداء  وكان الاجدر بها ايضا بث روح الوفاق بين الاطراف المتخاصمة وعدم الانحياز الى طرف ضد طرف اخر  قبل فوات الاوان  وها هي الان تحصد مازرعت والعالم يعاني نتيجة لذلك.
وبعد استفحال الامور وانعدام امكانية تغطية نور الشمس بغربال وتوفر فرص تصفية الحسابات  اخذ الغرب باصطناع التهم واختلاق  المبررات عبر الاعلام  لتغيير انظمة(Regime change)كانت في الماضي القريب صديقة ثم بدأ  يدعم و يشحن الطرف المسحوق والمغيب سابقا (The Underdog) ويسر له الاعلام وتكنلوجيا المعلومات  المتطورة تحقيق مبتغاه.
وحيث انه لايمكن الاستخفاف بذكاء المتلقي العربي (Underestimate the Audience Intelligence)في عصرنا الحالي  كان الاجدر بالاعلام المسير اللجوء الى طرائق جذب انتباه جديدة في اختيار المفردات وترتيب الاولويات وآليات جديد في الابلاغ
 (New Mechanisms of Delivery )وصياغات اعلامية اخرى لجعل المتلقي يتقبل المادة الاعلامية  ويحرض ضد انظمة الاستبداد ومن ثم تجيش الشارع  وتعبئة الراي  العام ضد الحكام الطغاة. و اصبحت التهم التي مفادها هو تمكن الانظمة الدكتاتورية من  تدمير البشرية باسلحة الدمار الشامل (ًWeapons of Mass Destruction)تهم رخيصة ومرتجعة ولا تنطلي على الانسان العادي وسمجة ومملة. انها فعلا اصبحت اسطوانة مشروخة.
والادهى من ذلك لجوء الاعلام العربي الى الاسلوب الببغائي الى ترديد ما يقوله وينقله الاعلام الغربي. بطبيعة الحال معذورهذا الاعلام العربي المدجن  لانه اجدب  لايصنع المادة الاعلامية ولكن ينقلها ومسير بارادات غير اراداته. انه المستهلك الاول للمادة الاعلامية وجمهوره المسكين المستهلك الثاني بوعي او بدون وعي.
لو كان الاعلام العربي لاسامح الله هو المنتج للمادة الاعلامية في العصر الحالي لزاد الفشل فشلا ولقام باللجوء الى القوالب الاعلامية والاساليب الغربية القديمة  واضاف اليها ما كان يقوم به شعراء الجاهلية المعذورين -ابناء عصرهم ذاك- من  مبالغات وافراط في المدح والهجاء والفخر وغيرها من سجاياهم المعذورين عليها والمعروفين بها.
ولو قال قائل ان ماذكر اعلاه غير دقيق  واضاف فقد حققنا نحن العرب في اسيا في ميدان الاعلام طفرة كبيرة(A Big Leap) وها هي فضائياتنا الاخبارية يشهد لها العالم  نقول له  او لها  الم تكن افضل هذه الفضائيات هي النسخة العربية ل BBCأو CNN ؟وبعدها على الارجح سيبقى صامتا  ونواصل بالقول ان  من يمتلك القوة  والتفوق يتحكم في العالم. وهذا ليس  استسلاما او خنوعا ولكن حقيقة  لايجرؤ البعض مجرد النطق بها  وهكذا تسير الحياة في عالمنا اليوم.