18 ديسمبر، 2024 9:01 م

الاعلام واضطراب الرأي

الاعلام واضطراب الرأي

تختلف الآراء والافكار والتصريحات حد التصادم بين ذوات القرار من المسؤولين واذرعهم في التحدث حول القضايا المهمة التي تتعلق بمصير المجتمع والانسان في العراق , مستفيدين من المنابر الاعلامية لأيصال تلك الآراء للتأثير على المتلقي وكسب الرأي العام الذي يسوده الاضطراب واللعب على عواطفه والتأثير على افكاره بطروحات حماسية وشعارات غير واقعية , تتناول اي قضية او مسألة من جوانب هامشية وسطحية لاتجسد صلب الموضوع . وتاليا يضع الجمهور في متاهة الافكار المتناقضة جراء التشعب والتشتت , ويذهب كل طرف بأتجاه بعيد عن صلب الموضوع الذي اجتمعوا من اجله , والعودة الى الموضوع الاصلي , ومن ثم الذهاب الىقضايا جانبية. وبذلك يفقد الحوار الجدية والدقة التي تسير عليها منهجية التعامل بين المختلفين .
لذلك نلحظ ان برامج الحوار السياسية التي تعرضها القنوات التلفازية تفتقر الى المنهجية في التعامل وتناول القضايا السياسية والاقتصادية وانعكاساتها على الدولة والمجتمع .
المنهجية القائمة على تحديد المشكلة والتعريف بها والهدف من عرضها , من خلال التحليل والتفسير العلمي المترابط , وليس اقحام شخصيات تقدم ارائها على اساس الانتماء الحزبي او الطائفي والقومي الذي لايقدم التحليل وانما رأي الجهة التي ينتمي اليها , لتبرز لنا معضلة اخرى هي تجسيد ولاء تلك الجهة وامتداداتها الاقليمية مما يؤدي الى اضطراب ذهنية المتلقي الذي يعيش اصلا في ضبابية واستلال فكري بحكم تقاطع الاتجاهات وصراع الاضداد مع غياب حرية التفكير .
لذلك نرى ان الحوارات التي تجري تقوم على تأكيد الذاتية وتحريك العواطف والانفعالات , مما يفقد الحوار جدواه واصابة المواطن بالسأم وعدم تحقيق الهدف والجدوى من البرنامج السياسي . وانما ارض طروحات ورؤى وافكار تسهم في ضياع الوقت فقط .
ونعتقد ان معظم البرامج التي تقدمها القنوات العراقية ذهبت باتجاه السطحية في تناولها للقضايا الحساسة والمهم التي تمس حياة الناس , وغياب الحقيقة التي تظل دائما متوارية خلف الشعارات والنهايات السائبة . ليستمر التضليل وخلق الازمات بعيدا عن المعالجات .
اذ ان التحليل العلمي العميق هو أس السيطرة على الواقع للخروج بنتائج تخدم الفرد والدولة . بوصف الاعلام هو احد الروافد المهمة لمعالجة وتجاوز الخلل الذي يحصل بين الفينة والاخرى . وبوصفه ايضا ذراع باتجاهين لخدمة الدولة والمجتمع , اذ ان القضايا والاحداث تقع ذات مستويات متعددة تتطلب العمق والاتساع وليس تناول هامشي الذي يؤثر على السذج سيما في بلد مثل العراق اضحى ميدانا للصراعات الداخلية والاقليمية والدولية , التي تتطلب وحدة الرأي الوطني وليس امتدادا لرأي الاخر او صدى لسياسات الاخرين ومصالحهم .