يرى عالم الاجتماع الامريكي ( هارولد دويت لاسويل) الذي درس تأثير الاعلام على المجتمع، أن للإعلام ثلاث وظائف رئيسية وكما يأتي :ـ
اولاً: الاشراف ( الرقابة على البيئة والمحيط).
ثانياً : العمل على ترابط اجزاء المجتمع في الاستجابة للمحيط ( البيئة التي يعيش فيها).
ثالثاً : وظيفة لنقل التراث الاجتماعي والثقافي من جيل الى جيل آخر.
وبينما تقوم وظيفة الاشراف على البيئة والمحيط الذي يعيش فيه الناس بكشف ما يهدد قيم الجماعة ويؤثر عليها وعلى العناصر المكونة لها، تجعل الوظيفة الثانية للاتصال دوراً اساسياً في ترابط بيئة المجتمع وتماسكه، اذ يقوم الاتصال بمسؤولية الربط بين الحاكم والمحكوم وبين الجماعات المختلفة في المجتمع، بما يتلاءم مع مصالحها المشتركة، أما الوظيفة الثالثة فهي التي يتم بها نقل القيم والعادات والتقاليد ونقل اللغة الى افراد المجتمع.
فيما يرى استاذ العلاقات العامة في كلية الاعلام / جامعة بغداد الدكتور (كريم مشط الموسوي) ضمن وظائف الاعلام (مسؤولية النهوض بالإنتاج الفكري، لضمان الامن الثقافي للمجتمع حتى لا يكون عرضة للغزو الفكري الاجنبي).
تابع الرأي العام العراقي في الايام الماضية قضية تعديل المادة ( 57 )، عبر وسائل الاعلام العراقية المختلفة، وبما أن العالم توصل الى فكرة واقعية ومنطقية الى حد كبير مفادها ( أن الاعلام والتأريخ يصنعان الحياة)، بيد أنني أقول جازماً أن وسائل الاعلام العراقية التي تناولت الحدث اخفقت في أدارة الازمة التي اعقبت ادراج البرلمان العراقي لمسودة التعديل، ومن بعد قراءته الاولى تجت قبة البرلمان.
بل ساهم الاعلام العراقي بتوسيع الفجوة بين طرفي المعادلة، وتضليل الرأي العام عبر استضافة شخصيات ومقدمي برامج لا تصلح للظهور الاعلامي بعضها مؤدلج وآخر مأزوم، وثالث ناقم اجتماعياً، والطامة الكبرى أنه لا يملك ( كوابح) فيما يصرح به، دون مراعات للذوق الاجتماعي الذي حث عليه العقد الاجتماعي لدستور العراق ( الحفاظ على الذوق الاجتماعي والآداب العامة) في باب الحريات العامة.
في لائحة قواعد البث الاعلامي التي اصدرتها (هيئة الاعلام والاتصالات عام 2019) المادة (ثانيا/1/ح) ” على مقدمي البرامج والاخبار قطع اي تصريح من اي فرد. مهما كان منصبه. يحرض فيه على القتل او العنف او الاساءة الى الرموز المقدسة للطوائف الدينية او يحرض على الكراهية”.
والسؤال الى هيئة الاعلام والاتصالات ماذا لو كان مقدم البرنامج هو من يخالف تلك المواثيق؟!. نحن نحمل الهيئات والنقابات الصحفية مسؤولية الخلاف الاجتماعي الناتج على خلفية المحتويات الاعلامية التي تبث للرأي العام دون أن تتعرض الى (فلترة) تراعى بها وظيفة الاعلام التي وجد من اجلها الاعلام.
ونطالب تلك المؤسسات أن تقدم الى الدولة العراقية مسودة مشروع لأنشاء (اعلام وطني)، تحفظ فيه الحقوق والواجبات، يحافظ من خلاله على وحدة المجتمع العراقي من الاغتراب الفكري.