23 ديسمبر، 2024 10:16 ص

الاعلام العراقي بين الواقع والطموح

الاعلام العراقي بين الواقع والطموح

لا يخفى على الجميع كيف كان الاعلام العراقي إبان النظام العراقي السابق بسياقاته العسكرية و حدوده الملتهبة حيث لا مجال فيه للخطأ ، فهو إعلامٌ مُحاط باربعة جدران من الرقابة الصارمة التي تُنتج للمتلقي ما يريده النظام في وقت كانت فيه الفضائيات تُعدُّ من الكبائر الموبقات واذا ما أُمسك بأحدهم وعلى بيته صحن لاقط أصبح من المغضوب عليهم الذين يريدون افسادَ العباد والبلاد !!! وعليه فقناتان محليتان تكفي المواطن الكريم ” وهو الممنون ” لجعله يفكر بعقلية الزعيم الاوحد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا … وبقي الحال كما هو عليه الى أن جاء اليوم ” الموعود ” الذي انفتح فيه الباب على مصراعيه لوسائل الاعلام فلا رقيب ولا حسيب والكل يكتب ويُذيع ويُروِّج للناس ما يريد ويشتهي حتى غدونا لا نُحصي للفضايئات عددا فما ان تفتح فضائية او اذاعة حتى تلحق بها اخرى وعلى هذا المنوال والى يومنا هذا فكل حزب اراد ان يسوّقَ ما يريده شرع بتأسيس مؤسسة اعلامية وبطبيعة الحال كان هذا الانفتاح في سماء الاعلام على حساب المهنية الاعلامية بلا شك ، فبدل ان يؤسَّس لاعلام مهني قائم على اسس الصحافة العالمية يستقطب الكفاءات الصحفية والاعلامية بمختلف تخصصاتها ويعمل على تنمية المواهب ويستفيد من الخبرات المحترفة في هذا المجال اصبح الاعلام العراقي مهنةَ من لا مهنة له وترى من هبّ ودبّ يقوم على امر هذه المؤسسات.. فليس مستغربا أن ترى تاجر سكائر مثلا يؤسس له فضائية ويمرر من خلالها ما يريد ويتعامل مع موظفيه باسلوب سوقي هابط ، وليس عجيبا أن ترى سائقاأصبح مديرا عاما في قناة ما ” مع جُل احترامنا للمهن الشريفة ” ولكن “رحم الله امرءا عرف قدر نفسه ” وهكذا اذا ما اتيت على باقي التخصصات الاعلامية تجد ان من لا يفقه من الامر شيئا يتبوأ في المؤسسة الفلانية منصبَ مدير الاخبار او المدير الفني أو أو .. أما اذا اتيت على مصدر التمويل فهذا السؤال يُعد من الموبقات التي لا ينبغي التحدث بها والسؤال عنها لان المصدر هو ” فاعل خير ” !!! علما أن القاصي والداني يعلم يقينا أنه لا يوجد اعلام مستقل لوجه الله تعالى وان الكل له غاياته ومآربه فمنهم من يتاجر بالمواطن ومنهم من يتاجر بالطائفة المظلومة ومنهم من اصبح يتاجر بالبلاد كلها والضحية هو ذلك المتلقي المسكين الذي تصدع رأسُه من كثرة الشعارات وتناقض الاخبار ، فإذا توجه للقناة ” س ” رسمت له صورة سوداء قاتمه عن البلد جعلته يكره نفسه ويبحث عن البنزين ” هذا إن وجد منه فائضا ليصنع من نفسه ” بو عزيزي ” آخر .. وإذا ما انقلب عن تلك القناة ليشاهد القناة “ص” المباركة تنفس الصعداء فالعراق جنة تزهو بخيرها وأمنها واستقرارها !! فضاع الحابل بالنابل بين زعماء هذه المؤسسات الاعلامية وكأنهم زعماء مافيا لا يرقبون في الناس إلّا ولا ذمة .. إلا من رحم ربي .
واقع يُدمي القلب ويقتل الابداع والطموح في نفوس وعقول الصحفيين الاعلاميين المهنيين على يد ” العربنجية ” القائمين على واقع الاعلام في العراق وكم كنا نتمنى أن نرى إعلاما هادفا مهنيا يُثمَّن فيه جهد الصحفي ويُعطى كلُّ ذي حقٍ حقَّه ويعمل كلُّ فرد في مؤسساتنا الاعلامية ضمن اطار تخصصه ليصبحَ واقعُ الاعلام العراقي مختلفا وليس متخلّفا !! اعلام مختلف عن صورته الحالية التي جعلت منه اضحوكة أمام العالم.. فهل من مُجيب ؟؟؟ .