22 نوفمبر، 2024 11:52 م
Search
Close this search box.

الاعلام الصدامي واهل الجنوب

الاعلام الصدامي واهل الجنوب

لاشك ان الاعلام يلعب دوراً مهماً في مسيرة الحياة, وهو من يعطي صوراً نمطية عن شعبٍ او طبقة معينة من الناس, لانه المساهم الرئيسي في اضفاء السمعة . بغض النظر عن كونها سيئة كانت هذه السمعة او حسنة, باسطتاعته ان يقلب شخصاً نبيلاً بين لحظة واخرى الى سافل وشخص سافل الى نبيل! ينقل عن اهل الشام انه لما قتل الامام علي (ع) قالوا لهم : قتل علي بالمسجد فـقالوا : وماذا يفعل علي بالمسجد!؟
ان الاعلام يلعب دوراً كبيراً في التشويه واضفاء السمعة السيئة التي تتقبلها الناس سريعاً, وخصوصاً اذا كان هذا الاعلام يدار من قبل السلطة الحاكمة, لانه يُصدّق بسبب القوة التي تتميز بها السلطة في ارهاب الناس, وتخويفهم…الاعلام الصدامي في العراق لعب دوراً كارثياً في تشويه سمعة بعض الطبقات العراقية, وخصوصاً أهل الجنوب, حيث قدمت هذه السلطة كل طاقتها ضد هذه الطبقة <المكَرودة> .. فـلقبتها بالقاب عديدة ونعتتها بنعوت خبيثة, ارادوا بها استصغار هذه الطبقة ولكنها (اي الالقاب) تنم عن اصالة اهل الجنوب وعمق حضارتهم الممتدة الى آلاف السنين, ولكن السلطة وكما معروف عنها ،سلطة غبية ليس لها الا البطش والدماء ، وقد استخدمت بعض الالقاب والصفات المحدّثة التي اتت بها السلطة, استخداماً سخيفاً ارادوا به اضفاء المشروعية على مايقولون وكذلك تشويه اهل الجنوب واصالتهم, حيث تجد بعض الدعايات آتية من القومية البائسة التي كان يدعو لها صدام ، ووصف هذه الطبقة بأنهم ايرانيين وفرس ومجوس وهنود وماشاكل ، والمشكلة الكبرى ان تركة هذا الاعلام تركة ثقيلة جداً حيث تسرب هذا الاعلام من خلال السلطة الى الناس وباتت تؤمن به عبر تراكم تأريخي زائف . احد الايام كنت جالساً مع صديقة لي وقالت : ان اهل الجنوب اصولهم هنود ! ولا شك ان هذه الصديقة طرحت طرحها ولاتقصد به اي قصد, ولكن للاسف ان هذا الاعلام اخذت به الناس من حيث تشعر او لاتشعر, حتى عندما تتنقل في بعض المحافظات وانتَ جنوبي تعامل بعنصرية واوصاف يستصغرون بها شأن الانسان الجنوبي « معيدي, شروكَي, محافظات « وطبعاً ليس الكل, الا بعض الفارغين الذين لايفقهون معنى الوطنية والهوية الواحدة ،وقد اخذ الحظ الاكبر من هذا الاعلام اهل ميسان والناصرية ، وهذه الاخيرة, بسبب معارضتها المستمرة للنظام, وتقبلها لايدلوجيات مناوئة للحكم، قامت السلطة ببث الدعايات حولها مثل الشجرة الخبيثة ! مع العلم انهم اطيب الناس لمن يعاشرهم ويعرفهم . وقصة الشجرة الخبيثة قصة تبعث على الفخر لسنا بصدد ذكرها . وكذلك بلد المليون عريف ، وبالاصل هم بلد المليون مبدع.. لخروج الاف المبدعين والمثقفين منها . استخدم ذات الاعلام نفس الطريقة على كل مايتصل بهذه المناطق, وافرز هذا الاعلام كراهية وعنصرية غريبة, حيث دائماً يعامل الجنوبي بفوقية من قبل بعض النفوس المريضة, ولا يعرفون ان هذه القضايا مأخوذة من قائد الضرورة الملعون، ومما يؤسف له انه الى الآن بقت هذه النزعة ضد الانسان الجنوبي, على الرغم من طيبة قلبه وفطرته المتغلبة على سلوكه . وبالطبع ليس كل الناس تتعامل بهذا, فأنت تجد انساناً عراقياً يحب عراقيته ولم يؤثر عليه الاعلام, لما يرى احد الجنوبيين يقول : والله ناس على نياتهم وطيبين.ان من سمات الانسانية المحببة, هو التمسك بالهوية الواحدة والتجرد من جميع الثانويات التي قد تكون مؤثرة على الهوية الوطنية, ونحن تجمعنا هذه الارض ذات التاريخ العميق والزاخر بكل ماهو جميل, ينبغي ان لانفرق بين النجف والبصرة, يجب ان نجتني ثمار هذه الارض ونتخلص من العنصرية وثقافة الاقصاء والتهميش والتعامل بفوقية مع الاخر, حيث من خلال هذه القضايا المعيبة تتولد الكراهية والمحسوبية بين أبناء اللحمة الواحدة والبلد الواحد .

أحدث المقالات